متهم في أهم محاكمة سياسية بالصين: اعترفت بالرشاوى قسرا

بو تشيلاي الملاحق بالفساد فاجأ الجميع بمرافعة قوية وتوقع الحكم عليه مطلع سبتمبر

بو تشيلاي يتحدث في اليوم الأول من محاكمته في جينان بشرق الصين أمس (رويترز)
TT

دافع المسؤول الصيني السابق بو تشيلاي عن نفسه في أول يوم من محاكمته أمس، وقال: إن تهمة تلقي رشاوى، الموجهة له ضمن تهم فساد أخرى، جرى تلفيقها وإنه اعترف بها قسرا خلال التحقيقات.

ونفى بو 64 عاما، ما وجه له من اتهام يتعلق بتلقي رشاوى بنحو 27 مليون يوان (4.41 مليون دولار) من تانغ تشياولين، المسؤول السابق في منطقتي داليان (شمال شرق) وشونغكينغ (جنوب غرب)، مضيفا أن عناصر الإدانة التي جمعها المدعي لا تثبت إطلاقا أنه مذنب. ووصف تانغ بأنه كاذب وأنه «يحاول بكل بساطة الحصول على خفض لعقوبته».

انطلقت محاكمة بو في جينان بشرق البلاد، دون أن تعلن السلطات الرسمية المدة المرتقبة لها، إلا أن مراقبين يتوقعون أن تكون قصيرة وألا تتجاوز مدتها يوما أو يومين، كما أن الحكم قد يصدر مطلع الشهر المقبل.

واعتبر متابعون لهذه المحكمة أن نفي بو لتهمة الرشاوى واللغة القوية التي تحدث بها في أول ظهور علني له منذ إقالته العام الماضي يعد أمرا مفاجئا، بينما لمح آخرون إلى احتمال أن يكون بو قد توصل إلى اتفاق مع السلطات لإظهار أنه يلقى محاكمة عادلة مقابل حصوله على عقوبة متفق عليها مسبقا. ومعروف أن الرئيس الصيني تشي جينبينغ يسعى إلى كسب تأييد الحزب الشيوعي للمضي قدما في إصلاحات اقتصادية يريد تطبيقها وأنه حريص على محاكمة لبو تكون سريعة وبأقل قدر من الضجة.

يذكر أن كل المحاكم في الصين تعمل تحت الإشراف المباشر للسلطات الشيوعية، ولا يستبعد محللون أن مشاورات طويلة في القمة اتخذت قرارا حول الحكم الذي سيعلن.

يذكر أن بو المسؤول السابق للحزب الشيوعي في إقليم شونغكينغ متهم رسميا باختلاس خمسة ملايين يوان من الأموال العامة وبارتكاب كل أشكال استغلال السلطة في شونغكينغ لعرقلة تحقيق جنائي يستهدف زوجته التي أدينت في أغسطس (آب) 2012 بقتل بريطاني.

ووصف بو «بالسوقية» تأكيدات غو كايلاي بأنها ملأت بعشرات الآلاف من الدولارات إحدى الخزائن التي كان الزوجان يتقاسمانها. وكان الكشف مطلع 2012 عن جريمة قتل ارتكبتها غو كايلاي على ما يبدو، أثار أكبر فضيحة هزت الحزب الشيوعي الصيني منذ عقود.

مع بدء محاكمته أمس، جلس بو في قفص الاتهام في المحكمة الشعبية في جينان بشرق الصين. ولا يمكن الحصول على محاضر المناقشات إلا من خلال تدوينات تنشرها المحكمة الجزائية. وبعد ثلاث ساعات من بدء الجلسة، نشرت صورة للعضو السابق في المكتب السياسي الذي يتمتع بنفوذ كبير في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. دخل بو تشيلاي الذي كان يرتدي قميصا أبيض وبنطالا أسود، يرافقه شرطيان، وقد بدا على وجهه النحول. ولم يشاهد بو الذي يلقب «بالأمير الأحمر» والموقوف منذ مارس (آذار) 2012. علنا منذ 17 شهرا. وقال بو: «آمل أن أحاكم بحكمة وعدالة طبقا للإجراءات القضائية الصينية»، كما نقلت المحكمة.

ونفى بو أيضا أن تكون له أي علاقة بفيلا فاخرة في كان بجنوب شرقي فرنسا قال المدعي إنه تلقاها رشوة. وقال: «لا علم لي إطلاقا بهذه الفيلا، إنها قضية مفبركة بالكامل». وقال المدعي من جهته إن «أدلة كثيرة» تثبت أن بو وزوجته تلقيا هذه الفيلا من رجل الأعمال تشو مينغ الذي يتركز نشاطه في مرفأ داليان الصناعي (شمال شرقي الصين) والمتهم أيضا بالفساد وموقوف منذ أكثر من سنة. وكان بو تشيلاي رئيس بلدية داليا والأمين العام للحزب الشيوعي فيها في التسعينات.

في قاعة المحكمة المزودة بكاميرات وبشاشتين عملاقتين، جلس 110 أشخاص تم اختيارهم بعناية لحضور المحاكمة. وقالت المحكمة إن بين هؤلاء خمسة من أفراد عائلة بو تشيلاي وشخصين آخرين من المقربين منه و19 صحافيا و84 مواطنا يفترض أنهم يمثلون المجتمع الصيني. ولم تقبل السلطات حضور صحافيين أجانب المحاكمة. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن عددا كبيرا من رجال الشرطة ومئات الفضوليين تجمعوا خارج المحكمة، بينهم عدد كبير من أنصار بو الذي قاد ازدهار شونغكينغ المدينة الهائلة التي تضم 33 مليون نسمة وأصبحت قطبا اقتصاديا مهما.

وقال رجل خمسيني ويعمل خلال فترة من السنة في شونغكينغ إنه استقل الطائرة ليلا ليقدم الدعم لبو تشيلاي من دون أن يفصح لعائلته بذلك نظرا لحساسية القضية.

يذكر أن الكشف عن جريمة القتل التي نفذتها غو كايلاي أدى إلى تسريع سقوط بو الذي أدى بدوره إلى صدمة كبيرة في أوساط الحكم الشيوعي وكشف شروخا في الحزب الواحد الذي يرغب في تأكيد وحدته. وأثرت قضية بو تشيلاي خصيصا طوال سنة 2012 على تنظيم المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي جدد الفريق الحاكم لثاني اقتصاد في العالم.