مسيرات «الإخوان» تبحث عن موضع قدم في ميادين مصر

الجيش يحكم قبضته على المحاور الرئيسة.. والأهالي رشقوهم بالحجارة

أعداد محدودة من أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرة بميدان الجيزة أمس (أ.ف.ب)
TT

منيت جماعة الإخوان بفشل ذريع أمس في الشارع المصري، وانحسرت المسيرات التي دعت لها باسم «جمعة الشهداء» في وقفات احتجاجية فاترة، في القاهرة ومعظم الأقاليم، لم يزد عدد المشاركين فيها على المئات. وهو ما جعل محللين ومراقبين يعلقون بأن «الإخوان»: «يعلنون اليوم (أمس) شهادة إفلاسهم سياسيا في الشارع»، وهو ما يعني تدهور وتناقص شعبيتهم.

وفشل أنصار الجماعة في الوجود بشكل مؤثر بميادين القاهرة ومحافظات مصر في «جمعة الشهداء» أمس، ولجأوا إلى شوارع جانبية في أطراف المدن، خاصة في الإسكندرية. وواجهت مسيراتهم اعتراضات ومنعا من المرور للميادين الحيوية وصلت لحد الاعتداء من المواطنين على أنصارهم وتمزيق لافتاتهم. فيما أحكم الجيش وقوات الأمن قبضتهم على المحاور والطرق الرئيسة منذ الصباح. وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الأمن عملت على تشديد التأمين على المؤسسات الحيوية والميادين الرئيسة حتى لا تتكرر أحداث مماثلة لما وقع الأسبوع الماضي». وأضاف المصدر الأمني أن «وزارة الداخلية لا تعترض على أي مسيرة أو مظاهرة بشرط أن تكون سلمية خالية من العنف».

وحاول أنصار الجماعة، عقب صلاة الجمعة أمس، البحث عن موضوع قدم في القاهرة والمحافظات، إلا أن قوات الأمن تصدت لهم ومنعتهم من المرور إلى ميادين التحرير ورمسيس (بوسط القاهرة) ومحيط القصر الرئاسي بحي مصر الجديدة وشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، وميدان رابعة العدوية بمدينة نصر (مقر اعتصام «الإخوان» السابق). وشهدت ساعات الصباح الأولى أمس، في مناطق عدة بمحيط القاهرة وضواحيها المختلفة، وجودا أمنيا مكثفا، وانتشرت قوات الجيش ومدرعاته بجانب قوات الأمن المركزي في عدة نقاط ثابتة ومتحركة في شوارع العاصمة وضواحيها، بالتزامن مع الدعوات التي أطلقتها جماعة الإخوان لتنظيم 28 مسيرة تنطلق من عدة نقاط رئيسة داخل العاصمة ومحيطها عقب صلاة الجمعة.

وأعلن التحالف الوطني الموالي لجماعة الإخوان عن انطلاق المسيرات من مساجد شهيرة في مصر على رأسها مسجد السلام بمدينة نصر، ومسجد النور بالعباسية، ومسجد الفتح برمسيس، ومسجد التوحيد بغمرة، ومسجد الاستقامة بميدان الجيزة، ومسجد أسد بن الفرات بالدقي، ومسجد مصطفى محمود المهندسين.. إلا أن المسيرات واجهت قبضة أمنية وشعبية كبيرة. وقال أحد سكان حي المهندسين لـ«الشرق الأوسط»: «تصدينا لمسيرات (الإخوان) مع الجيش لمنع تكرار مشاهد الأيام الماضية».

بينما يرى مراقبون أن جماعة الإخوان أعلنت أمس شهادة إفلاسها سياسيا في الشارع. وأرجع المراقبون فشل «الإخوان» في الحشد أمس إلى «عدم وجود تواصل مع القيادات العليا.. ورفض الكثير من المصريين الذين كانوا يشاركون (الإخوان) مسيراتهم ومظاهراتهم أعمال العنف التي انتهجتها الجماعة مؤخرا». وأكد المراقبون أن «إحكام القبضة الأمنية على القاهرة والمحافظات أمس سوف يدعو الحكومة لإعادة النظر في ساعات حظر التجوال المقرر في البلاد من 7 مساء وحتى 6 صباحا».

وعلى الرغم من أن الهدوء كان سيد الموقف في مسيرات «الإخوان» بالقاهرة، ولم تشهد المسيرات أحداث عنف واضحة، فإنه في مسيرة مسجد «الاستقامة» بالجيزة، قام العشرات من الشباب بإلقاء الطوب والحجارة على أنصار الجماعة المتجمعين أمام المسجد رافضين وجودهم، مما أدى لهروب أنصار الجماعة في الشوارع الجانبية مؤقتا لحين التجمع مرة أخرى. كما نظم عدد من أهالي الجيزة وسائقي السيارات وقفة مقابل مظاهرة الإخوان أمام مسجد الاستقامة هتفوا خلالها هتافات منها «الكدابين أهم»، مشيرين إلى مظاهرة أنصار جماعة الإخوان المسلمين في الحديقة الموازية بمسجد الاستقامة بالجيزة.

كما رددوا هتافات «السيسي يا عمهم يا كابس دمهم.. عاشت مصر حرة من دون إخوان.. البلد دي بلدنا والإخوان دول مش تبعنا»، فيما تحرك عدد من الأهالي لإقناع «الإخوان» بفض مظاهراتهم خوفا من نشوب اشتباكات بينهم، مما أدى إلى تراجع الطرفين الإخوان إلى مسجد الاستقامة والأهالي إلى أسفل كوبري الجيزة.

وفي مسيرة مؤيدي «الإخوان» التي انطلقت من مسجد «عمرو بن العاص» بمصر القديمة، للإعلان عن تمسكهم بالرئيس المعزول محمد مرسي «رئيسا شرعيًا للبلاد»، حاول عدد من أهالي مصر القديمة الاعتداء على المسيرة مستخدمين زجاجات المياه الفارغة، وكادت الأمور تتطور إلى اشتباكات بالأيدي، لكن تدخل عدد من الموجودين في الشارع وقاموا بالفصل بينهم عن طريق سلاسل بشرية.

وشهدت محافظات مصر أعمال عنف وشغب استخدم فيها الأمن القنابل المسيلة للدموع، ففي المنصورة نشبت اشتباكات عنيفة بين أعضاء جماعة الإخوان والأهالي، وذلك بعد خروج مسيرة لأعضاء الجماعة من مسجد الإيمان، وترديد هتافات معادية للقوات المسلحة والشرطة. وحدثت حالة من الكر والفر بين الإخوان والأهالي، فيما تم سماع دوي إطلاق نار دون معرفة مصدره، كما تبادل الطرفان إلقاء الحجارة، مما أسفر عن إصابات. واقتحم العشرات مقر حزب الحرية والعدالة الإخواني في منطقة جديلة بالمنصورة وأشعلوا النار في المحتويات بعد إخراجها من المقر. كما قام المئات من الأهالي بمهاجمة منازل بعض العائلات ذات الانتماءات الإخوانية في منطقة جديلة بالدقهلية.

وفي الشرقية، نشبت اشتباكات بشارع المحطة بقرية أنشاص الرمل، التابعة لمركز بلبيس بالشرقية، على خلفية قيام أنصار «الإخوان» بالدعوة لتنظيم مسيرة بعد صلاة الجمعة، وعند انطلاق المسيرة في قرية أنشاص بالشرقية ردد «الإخوان» شعارات مناهضة للجيش والداخلية، مما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة بالطوب والحجارة بينهم وبين الأهالي.

وفي طنطا، وقعت اشتباكات عنيفة بين أنصار الرئيس المعزول وأهالي المدينة، أثناء خروج أنصار الإخوان في مسيرات تطالب بعودة الرئيس المعزول، وسط هتافات معادية للجيش والشرطة، مما تسبب في مقتل شخص وإصابة 25، وتم القبض على 20 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وتسليمهم لمديرية أمن الغربية.

وفي السويس، أكد مصدر أمني أن قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات نجحوا في إبطال مفعول قنبلة يدوية بدائية الصنع. وأضاف المصدر أن أهالي المنطقة تعرفوا على الإرهابي الذي قام بوضع القنبلة في الشارع وسط الأهالي، بينما أكدت الشرطة أنه سيتم القبض عليه.

في سياق مواز، تواصل السلطات الأمنية ملاحقة رموز وكواد جماعة الإخوان في محافظات مصر. وأكدت مصادر أمنية «وجود معلومات تفيد باختباء القياديين محمد البلتاجي وعصام العريان في صعيد مصر». وقالت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم تضييق الخناق على مداخل ومخارج محافظات الصعيد لمنع هروب البلتاجي والعريان لأماكن أخرى»، لافتة إلى أنه تم رصد تحركات البلتاجي والعريان وتواصلهما مع قيادات من «الإخوان» في محافظة سوهاج بصعيد مصر.

وأكدت المصادر الأمنية أنه تم ضبط الدكتور محمد مكاوي القيادي بجماعة الإخوان في محافظة الفيوم مع 5 قيادات إخوانية أخرى وبحوزتهم منشورات وأدوات ومعدات وأجزاء من سلاح آلي.