«أسبوع الرحيل» ينطلق اليوم في تونس

الوحدات العسكرية تعيد الانتشار في العاصمة وبقية المدن

TT

تخوض أحزاب المعارضة اجتماعات الساعات الأخيرة في جميع الاتجاهات، للخروج بموقف موحد من تصريحات راشد الغنوشي التي لم تعلن صراحة قبولها بحل حكومة علي العريض. وعقدت جبهة الإنقاذ الوطني لقاء مع رئيسة اتحاد رجال الأعمال ومع رئيس اتحاد العمل، أكدت من خلاله تمسكها بحل الحكومة والمطالبة بالتجسيم الفعلي لمبادرة اتحاد العمال المتعلقة بالإعلان عن استقالة الحكومة قبل البدء في مشاورات حول حكومة الكفاءات. وأشارت إلى تواصل الإعداد لـ«أسبوع الرحيل» الذي ينطلق اليوم، وقالت إن الحشد الجماهيري سيكون أكبر بعد «ضبابية» موقف حركة النهضة.

وتقدمت قيادات المعارضة بطلب «التجسيم الفعلي للقبول بمبادرة الاتحاد»، وتمسكت جبهة الإنقاذ الوطني في اجتماع عقدته صباح أمس بأربع نقاط أساسية، أولاها حل المجلس التأسيسي (البرلمان) والحكومة وإدانة استمرار حركة النهضة في سياسة الهروب إلى الأمام بإقدامها على تعيينات حزبية في الإعلام والأمن، وعبرت عن تضامنها بسبب تعرضها لحملات تشويه وتحريض تقف وراءها النهضة. وأصرت جبهة الإنقاذ على استمرار اعتصام الرحيل الذي ينطلق اليوم ويتواصل إلى غاية نهاية شهر أغسطس (آب) وذلك في ساحة باردو وفي بقية المدن التونسية من أجل رحيل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وفي هذا الشأن، قال سمير الطيب، القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن قبول رئيس حركة النهضة بمبادرة الاتحاد لن يوقف حملة «ارحل» وفعاليات أسبوع الرحيل. واتهم حركة النهضة باعتماد المناورة لكسب الوقت والتقليل من وهج المعارضة والتخفيف من حدة حالة التوتر السياسي، وسحب بساط المبادرة السياسية من جبهة الإنقاذ. وأضاف أن قيادات جبهة الإنقاذ لا تهتم كثيرا باللقاء الذي جمع الغنوشي بالعباسي، وقال مفسرا «نعتبر كأنه لم يحصل، بما أنه لم يأت بأي جديد على مستوى العلاقة بين الحكومة والمعارضة».

وأكد الطيب أن الجبهة أصبحت متمسكة أكثر مما مضى برحيل الحكومة وتعويضها بحكومة إنقاذ غير متحزبة ترأسها شخصية مستقلة ويلتزم أعضاؤها بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وأشار إلى تواصل الإعداد بشكل عادي لا يأخذ بعين الاعتبار «بالونة الاختبار» التي أطلقها رئيس حركة النهضة. وأضاف أن حملة «ارحل» تنطلق مساء اليوم، وقد استمدت المزيد من القوة، وتوقع أن يكون عدد المشاركين مضاعفا بسبب عدم جدية الطرف الحكومي في المفاوضات. وشبهت بعض قيادات المعارضة الاحتجاجات التي ستنظم اليوم بـ«الحشد» المطالب برحيل الحكومة ورفض التعيينات على أساس الولاء الحزبي. ومن المنتظر أن تحتضن ساحة باردو المقابلة لمقر المجلس التأسيسي اليوم مظاهرة مركزية على أن تمتد بعد ذلك إلى بقية الولايات (الحافظات)، وهي ستطالب المعتمدين (سلطات محلية) والولاة (سلطة جهوية) بالرحيل. وأضافت المصادر نفسها أنها أعدت «قائمة الرحيل» وستعمل بشكل سلمي أمام المقرات الحكومية على رفع شعارات تنادي برحيل المسؤولين، وأن أهم مقاييس رفض المسؤولين وطلب رحيلهم تتمثل في رفض التونسيين لهم.

وانتقد الهاشمي الحامدي، رئيس تيار المحبة المعارض، قادة اتحاد العمال، وقال إنهم «يتصرفون وكأنهم هيئة دستورية منتخبة لإدارة شؤون البلاد»، واتهمهم بـ«الميل الواضح لمخيم اليساريين». وكان تيار المحبة الذي تأسس على أنقاض تيار العريضة الشعبية الذي ترأسه الحامدي نفسه خلال انتخابات 2011، قد قاد حملة في العاصمة وبقية الجهات بعيد اغتيال محمد البراهمي تحت شعار «بالانتخاب لا بالانقلاب» دعما لشرعية الحكومة التي تقودها حركة النهضة.

وبشأن مواصلة المفاوضات بين الحكومة والمعارضة وإمكانية توصلها إلى حلول ترضي الطرفين، قال علية العلاني، المتخصص في الجماعات الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، إن عدم المبادرة بحل الحكومة الحالية قد يوتر الأوضاع السياسية خلال هذه المرحلة الحساسة. وأضاف أن الخسارة ستكون مضاعفة بالنسبة للجميع خاصة حركة النهضة، فالوضع المتوتر سيغذي العنف من جديد على حد تعبيره. وتوقع العلاني أن تكون المراهنة مستقبلا على الأطراف المعتدلة داخل حركة النهضة، وقال إنه من المنتظر أن تلعب تلك القيادات أدوارا مهمة خاصة بعد الحديث عن تململ داخل قيادات حركة النهضة التي لم يكن البعض منهم على علم بتصريحات الغنوشي ووصفها بـ«القرار الفردي». في غضون ذلك، أثارت إعادة انتشار وحدات عسكرية في تونس العاصمة وبقية الولايات تساؤلات التونسيين بعد تزامنها مع الإعلان عن تغييرات على رأس المؤسسة العسكرية. وقالت مصادر مطلعة من وزارة الدفاع لـ«الشرق الأوسط» إن العملية لا تعدو أن تكون إعادة تموقع وانتشار للوحدات العسكرية وليس انسحابا كما صورته بعض الأطراف السياسية. وفسرت الأمر بـ«التكتيك العسكري» الذي غالبا ما يتغير حسب الظروف والحاجيات، وأشارت في الوقت نفسه إلى تركيز وحدات عسكرية سريعة التنقل على مدار الساعة. ونفت المصادر نفسها وجود علاقة بين إعادة تموقع الوحدات العسكرية والتعيينات الأخيرة التي شملت المجال العسكري البحري والجوي، في حين أن إعادة الانتشار توجه إلى جيش البر.

وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قد عين أول من أمس مسؤولين جددا في مجال الاستخبارات العسكرية وجيش الطيران والتفقدية العامة للقوات المسلحة، وبحسب بيان أصدرته رئاسة الجمهورية عين الجنرال النوري بن طاوس مديرا عاما لجهاز الأمن العسكري (الاستخبارات العسكرية)، والجنرال البشير البدوي رئيسا لأركان جيش الطيران، والجنرال محمد النفطي متفقدا عاما للقوات المسلحة.

كما ذكر البيان نفسه أن الجنرال كمال العكروت المدير العام السابق للمخابرات العسكرية عين ملحقا عسكريا في الخارج، والجنرال محمد نجيب الجلاصي الرئيس السابق لأركان جيش الطيران، مديرا للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي بوزارة الدفاع، وهما منصبان شرفيان. وقالت بعض قيادات المعارضة إن هذه التعيينات قد يكون الهدف منها منع حصول «انقلاب عسكري» على الإسلاميين في تونس في تخوف من إعادة للسيناريو الذي حدث في مصر.