مخاوف من تفاقم أزمة الإشعاعات النووية في اليابان

200 ألف طن من المياه الملوثة معرضة للتسرب.. ودعوة لإعلان الطوارئ

عمال يزيلون تربة وأوراق شجر من منطقة ملوثة في محيط محطة فوكوشيما النووية أمس (رويترز)
TT

دقت الشركة المشغلة لمحطة الطاقة النووية، التي ضربتها موجة تسونامي في اليابان، ناقوس الخطر بشأن خطورة أزمة الإشعاعات في الموقع الساحلي، قائلة إن هناك أكثر من 200 ألف طن من المياه المشعة في خزانات مؤقتة عرضة للتسرب، دون وجود طريقة يمكن الاعتماد عليها لمراقبتها أو نقل المياه إلى أي مكان.

وتضاف قضية المياه الملوثة إلى قائمة طويلة من الحوادث المؤسفة الأخيرة، والتسريبات والأعطال التي أكدت على الضعف الشديد في منشأة فوكوشيما دايتشي النووية، بعد أكثر من عامين على الزلزال القوي وموجة تسونامي، التي تسببت في حدوث انصهار في ثلاثة مفاعلات. وتأتي هذه التصريحات بعد أسبوعين من وعد رئيس الوزراء شينزو آبي، بلعب حكومته دورا أكثر فاعلية في تنظيف الموقع، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذا التعهد.

من جهتها، تواصل حكومة آبي الضغط من أجل إعادة تشغيل برنامج الطاقة النووية في البلاد، بينما بدأ رئيس الوزراء جولة إلى منطقة الشرق الأوسط تهدف لتشجيع الصادرات اليابانية إلى المنطقة، بما في ذلك التكنولوجيا النووية. ويعتزم آبي أيضا رئاسة وفد طوكيو في الأرجنتين لحضور التصويت النهائي للجنة الأولمبية الدولية، في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل لاختيار المدينة التي ستستضيف دورة الألعاب الأولمبية عام 2020. وتبعد طوكيو، إحدى المدن الثلاث المتنافسة على الألعاب الأولمبية، 150 ميلا إلى الجنوب من محطة الطاقة النووية المنكوبة. والمدينتان المتنافستان الأخريان هما إسطنبول ومدريد.

وبدورهم، طالب نواب المعارضة رئيس الوزراء آبي بالبقاء في اليابان وإعلان حالة الطوارئ. وقال يوشيكو كيرا زعيم الحزب الشيوعي اليابان المعارض الذي حقق مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي: «إن الأزمة النووية حقيقية ومستمرة، لكن على الرغم من ذلك تشيح الحكومة بوجهها في الاتجاه الآخر».

وأضاف كيرا في تجمع مناهض للمحطات النووية خارج مكتب آبي في طوكيو: «ينبغي على الحكومة إعلان حالة الطوارئ في الوقت الراهن، والتدخل لوقف تدفق المياه الملوثة».

بيد أن آبي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة، ولا يتوقع أن تؤثر أزمة محطة فوكوشيما على شعبيته. غير أنه بات واضحا بما لا يدع مجالا للشك أن أحدث المشكلات قد تكون أكبر من قدرة الشركة المشغلة للمنشأة، شركة «طوكيو للطاقة الكهربائية»، أو «تيبكو»، على التعامل معها.

وكانت شركة «تيبكو» قد أنشأت ما يقرب من 1000 خزان في مجمع مترامي الأطراف لتخزين ما يصل إلى 335000 طن من المياه الملوثة؛ المحلول المبرد الذي جرى ضخه في المفاعلات للحفاظ على قلوبها من الإنهاك، والمياه الجوفية التي تصب في أقبيتها المتصدعة بمعدل 400 طن اليوم.

وقالت «تيبكو» خلال الأسبوع الحالي إن أحد الخزانات شهد تسربا ضخما.

وقدمت «تيبكو»، أول من أمس، رؤية أكثر وضوحا حول الوضع، معترفة أن ما يقرب من نحو 220000 طن من المياه جرى تخزينها في خزانات فولاذية مؤقتة، مماثلة للخزان الذي شهد التسرب. وقالت الشركة المشغلة إن الخزانات الاسطوانية التي يصل طولها إلى 36 قدما، والتي جرى استخدامها كمستودع مؤقت لكمية متزايدة من المياه المشعة في المجمع، استخدمت ختما مطاطيا ضعيفا، وإن قدرتها على تحمل الإشعاع لم يختبر.

وقال نوريوكي إمايزومي القائم بأعمال المدير العام لقسم الطاقة النووية في شركة «تيبكو»، إن الخزانات عرضة للتسريب في الطبقات وفي قاعدتهم الخرسانية.

وأضاف إمايزومي أن قنوات الصرف يمكن أن تحمل المياه المسربة إلى البحر، وتشير القراءات الإشعاعية العالية إلى أن المياه قد تسير في قنوات الصرف باتجاه المحيط.

وإضافة إلى ذلك، تفتقر الخزانات المؤقتة إلى وجود مقاييس لمنسوب المياه، مما يجعل من الصعب الكشف عن التسريبات. وقال إمايزومي إن الشركة استعانت بعاملين فقط لفحص ما يقرب من 1000 خزان في دوريات، لمدة ساعتين، مرتين يوميا.

وقد أمرت هيئة الرقابة النووية، التي طلبت منها الحكومة اليابانية تقديم مشورة أكثر نشاطا ورصد أنشطة «تيبكو» في المصنع، من الشركة البدء في نقل المياه من خزانات مؤقتة إلى خزانات أفضل. لكن مفوض الهيئة، طويوشي فوكيتا، قال بعد زيارة المصنع، أول من أمس الجمعة، إن الكميات الهائلة للمياه جعلت القيام بذلك بسرعة أمرا «غير واقعي».

من جهة أخرى، بدأت سلسلة الخزانات التي أنشأتها «تيبكو» لتخزين جزء من المياه في التسريب أيضا في وقت سابق من هذا العام، مما اضطر العمال لنقل المياه في صهاريج من الصلب. وقال خبراء إنهم يشتبهون في تسرب مزيد من المياه الملوثة من أسفل المفاعلات المنصهرة إلى المياه الجوفية والمحيط الهادي. وهو ما تؤكده المستويات المرتفعة من السيزيوم المشع في المياه المحيطة.

وقالت «تيبكو» إن ذلك التسرب لا يأتي مباشرة من أسفل المفاعلات، بل من أنفاق الصيانة الممتدة على طول الساحل، التي كانت ملوثة منذ الأيام الأولى للكارثة. ولكنها اعترفت أيضا بأن الماء أسفل المفاعلات ملوّث للغاية، ويرى خبراء أنه إذا وصلت المياه إلى المحيط، فسوف تفوق حتى التسريبات التي حدثت في الأيام الأولى للكارثة.

وقال ميكيو أوياما، أحد كبار العلماء في قسم أبحاث الكيمياء الأرضية وعلوم البحار بمعهد أبحاث الأرصاد الجوية التابع للحكومة، في مقابلة الشهر الحالي: «هذا احتمال يخيفني. سيكون ذلك السيناريو الأسوأ».

* خدمة «نيويورك تايمز»