البنتاغون ينشر قوات في المتوسط بانتظار أوامر أوباما.. والأخير يجتمع مع فريقه الأمني

الضربات الجوية في كوسوفو سيناريو محتمل.. واجتماع عسكري في الأردن بحضور ديمبسي

صورة التقطت لجندي في قوات نظام الأسد في حي جوبر بدمشق خلال جولة نظمتها السلطات لوسائل الاعلام أمس (أ.ب)
TT

بينما تتزايد الضغوط لاتخاذ رد دولي حازم ضد استخدام أسلحة كيماوية ضد مدنيين في سوريا، عقد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، اجتماعا مع مستشاريه للأمن القومي لمناقشة تقارير بأن الحكومة السورية استخدمت تلك الأسلحة ولدراسة الخيارات المتاحة للتعامل مع الأزمة السورية المشتعلة ووقف استهداف المدنيين. وحسب مصادر مطلعة، فإن أحد تلك الخيارات هو «سيناريو كوسوفو» أي شن غارات جوية على أهداف محددة بتفويض من حلف شمال الأطلسي (الناتو) ودون الرجوع إلى الأمم المتحدة بسبب (الفيتو) الروسي المتوقع. وبدوره، كشف وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أن البنتاغون يحرك قوات في منطقة البحر المتوسط لمنح أوباما «خيارات» في حال أمر بتنفيذ عمل عسكري ضد سوريا. وفي تلك الأثناء أعلن مصدر عسكري أردني أن اجتماعا عسكريا سيعقد خلال الأيام القليلة المقبلة في الأردن يضم رؤساء هيئات الأركان لعدد من الدول بينهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وسط تكهنات بأنه سيبحث خيارات وتداعيات الرد العسكري ضد النظام السوري.

وقال مسؤول في البيت الأبيض أمس حول اجتماع أوباما مع فريقه الأمني: «لدينا خيارات عدة مطروحة، وسنتحرك بسرعة تامة لكي نتخذ قرارات تتوافق مع مصالحنا القومية وكذلك مع تقييمنا لما يمكن أن يحقق أهدافنا في سوريا»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف المسؤول أن «الرئيس يجتمع مع فريق الأمن القومي هذا الصباح (أمس) لبحث اتهامات المعارضة السورية لنظام الرئيس بشار الأسد بشن هجوم بالأسلحة الكيماوية»، في ريف دمشق الأربعاء الماضي. وقال إن أوباما أمر أجهزة الاستخبارات «بجمع الأدلة بهدف تحديد ما حصل في سوريا». وتابع: «حين نتحقق من كل الوقائع، فسيصدر الرئيس قرارا حول طريقة الرد عليها».

والأربعاء الماضي، شن هجوم على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام اللتين يسيطر عليهما مقاتلو المعارضة في ريف دمشق. وتحدثت المعارضة عن مقتل 1300 شخص، متهمة النظام بارتكاب هذه «المجزرة» مستخدما سلاحا كيماويا، الأمر الذي سارعت دمشق إلى نفيه.

وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان وزير الدفاع الأميركي أن البنتاغون يحرك حاليا قوات في منطقة المتوسط لمنح أوباما «خيارات» في حال أمر بتنفيذ عمل عسكري ضد سوريا. وأوضح هيغل للصحافيين المرافقين له على متن طائرة تقله إلى ماليزيا، قائلا إن «وزارة الدفاع تتحمل مسؤولية تزويد الرئيس بخيارات لمواجهة جميع الاحتمالات»، موضحا أن «ذلك يتطلب نشر قواتنا وإمكاناتنا في مواقع محددة حتى نتمكن من تنفيذ خيارات مختلفة أيا كان الخيار الذي قد يتخذه الرئيس».

لكنه رفض كشف أي تفاصيل حول الوسائل العسكرية المعنية بهذا التحرك، وشدد، على غرار مسؤولين عسكريين أميركيين آخرين، على أنه لم يتخذ حتى الآن أي قرار باستخدام القوة ضد نظام الأسد.

وفي هذه الأثناء أكد مسؤول في البنتاغون أن البحرية الأميركية نشرت مدمرة إضافية في منطقة المتوسط، مما يرفع إلى أربع عدد السفن الحربية المجهزة بصواريخ «كروز» من طراز «توماهوك» في هذه المنطقة. وقال المسؤول إن الأسطول الأميركي السادس المسؤول عن منطقة البحر المتوسط قرر ترك المدمرة «يو إس إس ماهان» في مياه المتوسط، في حين أنه كان يفترض بها أن تعود إلى مرفئها «نورفولك» على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وأن تحل محلها المدمرة «يو إس إس راماج». وستنضم البارجتان بالتالي خلال الأسابيع المقبلة إلى المدمرتين «باري» و«غريفلي»، وجميعها مزودة بعشرات صواريخ «توماهوك»، في حين تجوب ثلاث مدمرات فقط عادة مياه المتوسط.

وصواريخ «كروز» سلاح أساسي في مستهل أي تدخل عسكري أميركي؛ إذ لا بد من إطلاقها عند بدء النزاع من أجل «فتح الباب» والقضاء بشكل خاص على الدفاعات الجوية.

وأفاد مسؤول أميركي كبير أن فريق أوباما للسياسة الخارجية يدرس مجموعة من الخيارات للرد على الهجوم الكيماوي في حال ثبت حصوله، لكنه أشار إلى أنه لا يجري البحث في إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا أو نشر قوات على الأرض.

وبالحديث عن الخيارات المتاحة أمام أوباما، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي أن السلطات الأميركية قد توجه ضربات عسكرية إلى سوريا من دون تفويض من الأمم المتحدة مستوحاة من الضربات الجوية التي نفذت في كوسوفو في نهاية تسعينات القرن الماضي.

وخلال نزاع كوسوفو في 1998 و1999 دعمت روسيا نظام سلوبودان ميلوسيفيتش المتهم بارتكاب فظاعات بحق المدنيين في هذا الإقليم الصربي. وكان مستحيلا التوصل إلى قرار يجيز اللجوء إلى القوة ضد الجمهورية اليوغوسلافية السابقة بسبب الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي.

وفي مارس (آذار) 1999 شن حلف شمال الأطلسي غارات على القوات الصربية في كوسوفو بحجة أن الفظاعات التي ارتكبتها في الإقليم تعتبر وضعا إنسانيا طارئا، واستمر الهجوم 78 يوما.

واليوم كما في الماضي تعارض روسيا قرارا في مجلس الأمن يجيز اللجوء إلى القوة ضد سوريا. وصرح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية طالبا عدم كشف اسمه: «سنكون ذهبنا بعيدا إذا ما قلنا إننا نبحث عن مبرر مشروع لعمل عسكري، خصوصا أن الرئيس لم يتخذ بعد أي قرار»، وأضاف: «لكن بالطبع يشكل (إقليم) كوسوفو سابقة لوضع يمكن أن يكون مشابها».

وقال المصدر نفسه إن النقاش حول كوسوفو كان أحد المواضيع التي بحثت بشأن الملف السوري. وأوضح أن العواقب المحتملة لتوجيه ضربات في سوريا على دول المنطقة مثل لبنان والأردن وتركيا أو مصر تدرس أيضا.

في غضون ذلك، يستضيف الأردن خلال الأيام القليلة المقبلة اجتماعا عسكريا يضم عشر دول عربية وأجنبية يحضره رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي ورؤساء هيئات الأركان في كل من السعودية وقطر وتركيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا إضافة إلى الأردن.

وقال مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية في تصريح صحافي أمس إن «الاجتماع سيشكل فرصة للدول المشاركة الشقيقة والصديقة لبحث الأمور المتعلقة بأمن المنطقة وتداعيات الأحداث الجارية خاصة الأزمة السورية وتأثيراتها، بالإضافة لبحث أوجه التعاون العسكري بين هذه الدول والمملكة الأردنية الهاشمية بما يحقق ويحفظ أمن الأردن وسلامة مواطنيه».

وأكد المصدر أن «هذا الاجتماع، الذي يأتي بدعوة من رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية الفريق أول الركن مشعل الزبن، وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال لويد أوستن، استمرار للقاءات ثنائية ومتعددة تتبعها لقاءات أخرى مستقبلا تهدف إلى استمرار التنسيق بين الدول المشاركة وتقييم الأحداث الجارية وانعكاساتها على أمن المنطقة بشكل عام».

من جانبه، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة بكل مؤسساتها العسكرية والمدنية تتخذ إجراءاتها للتعامل مع تداعيات ما يجري على الأرض في سوريا، خاصة أن هناك تحقيقا دوليا بخصوص استخدام الأسلحة الكيماوية».

من جهته، عبر مصدر أردني مطلع لـ«الشرق الأوسط» عن «استياء» الأردن «من عدم تقدير العالم للانعكاسات المتصاعدة في الإقليم والتردد في المساعدة لحل الأزمة في المنطقة، وأنه يأمل أن يسهم هذا الاجتماع في لفت انتباه العالم للأزمة التي تخلفها الأحداث الدائرة في المحيط الأردني، خاصة المسألة السورية». لكنه أعاد التأكيد على أن الحل في سوريا «لن يكون إلا سلميا وسياسيا».

وكان الجنرال ديمبسي زار الأردن قبل أسبوع ضمن جولة له في المنطقة شملت إسرائيل، والتقى مسؤولين أردنيين وتفقد قواته المرابطة في الأردن وقوامها 1200 رجل.