إجراءات أمنية مشددة في طرابلس و«المستقبل» يطالب بوضع خطة أمنية للمدينة

وزير الداخلية اللبناني: إفادة الشيخ الموقوف بينت أنه غير متهم

انتشار أمني في طرابلس مع دعوات لمنع الفتنة بعد التفجيرين الداميين (أ.ب)
TT

كثفت وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في مدينة طرابلس إجراءاتها الأمنية، إثر التفجيرين اللذين استهدفا مسجدي التقوى والسلام في المدينة، بعد صلاة ظهر يوم الجمعة الفائت، فيما أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أن «الإفادة الخاصة بالشيخ (أحمد الغريب) الذي تم إلقاء القبض عليه بعد تفجيري طرابلس، بينت أنه غير متهم، والقضاء من يحدد إطلاق سراحه أو لا».

وشملت الإجراءات الأمنية أمس انتشارا للقوى العسكرية في مختلف الأحياء والطرقات والمنشآت الحيوية، وتركيز نقاط مراقبة وتسيير دوريات وإقامة حواجز تفتيش عند مداخل المدينة وفي الساحات الرئيسة، عملت على تفتيش السيارات والتدقيق بأوراقها الثبوتية وهويات أصحابها.

وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي عاين أول من أمس مكان الانفجارين يرافقه النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود، كلف كلا من مديرية المخابرات في الجيش وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي والشرطة العسكرية وقائد سرية الشمال، إجراء التحقيقات الأولية وجمع الأدلة ومسح مكان الانفجارين وجمع كل ما من شأنه تبيان هوية الفاعلين.

وفي سياق متصل، بدأت فرق من الهيئة العليا للإغاثة أمس الكشف على المنازل المتضررة في محيط مسجد التقوى وعملت على دفع بدل إيواء لأصحاب هذه المنازل، بالتزامن مع استكمال ناشطين مدنيين انضووا في إطار حملة بعنوان «سلام وتقوى»، نسبة إلى اسمي المسجدين، عمليات التنظيف وإزالة الركام من موقعي التفجير في طرابلس.

وأعلنت «الهيئة العليا للإغاثة» أمس نتائج المسح الأولي للأضرار التي نتجت عن انفجاري طرابلس، وأشارت إلى تضرر نحو 150 سيارة ومسجدا ومدرسة و300 شقة وأكثر من 20 محلا ومؤسسة من جراء انفجار مسجد التقوى. وتراوحت أضرار مسجد السلام بين 150 سيارة، ونحو 380 شقة (36 مبنى) و35 مؤسسة و4 مطاعم.

وأشارت إلى أن «الأضرار تتراوح بين الطفيفة (تحطم واجهات زجاج..) وجسيمة (احتراق كامل..)، علما أن عدد الضحايا غير محدد بشكل دقيق لغاية هذه اللحظة، نظرا للاحتراق الكامل لبعض الجثث، ووجود أشلاء كثيرة غير محددة الهوية».

وطلبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بناء على إشارة النيابة العامة التمييزية، من ذوي أي شخص فقد في التفجيرين، التوجه إلى مراكزها بغية إجراء المقارنة من خلال فحوص الحمض النووي (DNA)، وذلك للتعرف على بقايا جثث الشهداء التي تم العثور عليها في موقعي التفجيرين.

وفي غضون ذلك، دعا النائب سمير الجسر في بيان إثر اجتماع لتيار المستقبل في طرابلس، إلى «التعاون مع القوى الأمنية والأخذ بلا هوادة على يد العابثين بالأمن»، مطالبا بوضع «خطة أمنية تأخذ في الاعتبار خارطة الطريق واتخاذ الإجراءات الأمنية أمام دور العبادة وزيادة عدد قوى الأمن وزرع آلات التصوير في شوارع المدينة».

وشدد المجتمعون على «ضرورة الإسراع في مسح الأضرار والتعويض على المتضررين وعلى واجب تولي وزارة الصحة تحمل نفقات الاستشفاء للمصابين»، معتبرين أن «المدينة أمام تحد كبير ستخرج منه بمزيد من التلاحم والعزم على التصدي لكل من يعبث بأمنها». وفي حين شكر المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي «كل الجمعيات والهيئات في المجتمع المدني على مشاركتها في إزالة الركام وآثار التفجيرين الإرهابيين اللذين ضربا مدينة طرابلس، ومشاركتها في رفع الأنقاض من المباني المحيطة بمكان الانفجارين»، آملا أن «تعود الحياة إلى طبيعتها خلال الأيام المقبلة»، عقد «لقاء العلماء والدعاة» في الشمال، اجتماعا استثنائيا اعتبر على أثره أن «جريمتي تفجير مسجدي السلام والتقوى هما جريمتان فوق الوصف ويجب أن تصنفا تحت عنوان جرائم الإبادة البشرية».

واعتبر المجتمعون أن «كل عبارات الشجب والإدانة لا تكفي، وأن كل عقاب دنيوي يمكن أن ينزل بالمجرمين لا يفي الضحايا وأهاليهم حقهم، وأن كل تعويض يعرض إنما هو عرض تافه».

ودعا اللقاء «أبناء الشمال وطرابلس إلى الصبر والتآسي وإلى تفويت الفرصة التي يسعى إليها الأعداء الحقيقيون لهذه الأمة من الأميركيين واليهود وحلفائهم، وهي إيقاع الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة كي يراق الدم الذكي المسلم على أيدي المسلمين وتذهب عزة الإسلام إلى غير رجعة». وناشدوا الدولة وأجهزتها الأمنية «بذل أقصى الجهد من أجل كشف خيوط هذه الجريمة لفضح المجرم وإنزال العقاب الرادع به، وإلى التشدد في حفظ الأمن ولو على حساب راحة المواطن ومصلحته».

كذلك، استنكرت الجمعيات الأهلية والمدنية في طرابلس، الانفجارين اللذين استهدفا المدنيين والمصلين، داعية إلى «تكثيف الإجراءات الأمنية لتفادي أي حدث من هذا القبيل» ورافضة «مشروع الأمن الذاتي». ودعت في بيان أصدرته أمس، السياسيين إلى «تخفيف لغة التشاحن والتجييش في هذه الأوقات العصيبة التي تمر على الوطن».

وكانت النائبة بهية الحريري قد جالت في مدينة طرابلس أمس برفقة اللواء ريفي، وعاينت موقع الانفجارين وزارت الجرحى في المستشفيات والتقت عددا من فاعليتها. وقالت: «تأثرنا في طرابلس كما تأثرنا في الرويس، وليس لنا سوى الصبر حتى نعيش بأمان وتكون لنا حرية العبادة، ولا حل سوى بوجود الدولة». واعتبرت أن «القضية ليست قضية مكان، الجريمة واضحة، وكل من يقوم بهذه الجريمة يستهدف البلد في شكل كامل، إذ إن المستهدف صيغة لبنان ورسالته، لذلك آن الأوان ليعيش اللبنانيون بأمان وسلام فلا فرادة ولا أهمية من الإرادة اللبنانية بالعيش معا».