«مفتشو الأمم المتحدة» يعاينون أحد «مواقع الكيماوي» في سوريا

موكبهم تعرض للقنص.. والتقوا مصابين في منطقة المعضمية وأخذوا عينات من الضحايا

مفتشو الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول استخدام الأسلحة الكيماوية لدى زيارتهم مستشفى في معضمية الشام أمس (رويترز)
TT

عاين المحققون الدوليون المكلفون التحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا أمس الموقع المفترض لاستعمال هذا السلاح في الغوطة الشرقية قرب دمشق لمدة ثلاث ساعات. ولم تكن مهمتهم بالسهلة، فقبيل انطلاق موكبهم صباحا سقطت قذيفتا «مورتر» على الأقل في المنطقة نفسها التي ينزلون فيها، كما عرقل قناصون مجهولون عملهم عندما أطلقوا النار على موكبهم في المنطقة الفاصلة بين الجيش السوري النظامي والمعارضين مما أدى إلى تعليق مؤقت للعملية استمر ساعات، أعقبه تبادل اتهامات بين المعارضة والنظام بالتعرض للمراقبين الذين فقدوا إحدى سياراتهم من دون وقوع إصابات بشرية.

وعاد مفتشو الأمم المتحدة بعد ظهر أمس إلى مقر إقامتهم في أحد فنادق العاصمة السورية، ووصلوا إلى فندق «فور سيزونز» في دمشق ضمن موكب مؤلف من ست سيارات، ورفضوا الإدلاء بأي تصريح حول زيارتهم إلى مدينة معضمية الشام (جنوبي غرب).

وكان متحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي أعلن أنه قبل الوصول إلى الموقع المقصود بمسافة قصيرة، تعرض وفد الخبراء لإطلاق النار من قبل قناصة مجهولين، أدى إلى تعليق محاولتهم التحقق في استخدام الأسلحة الكيماوية، قبل أن تستأنف بعد ساعات قليلة في حي المعضمية الذي سبق أن تردد أنه تعرض لهجوم بالكيماوي والتقوا مصابين وأخذوا منهم عينات.

وقال نسيركي: «السيارة الأولى لفريق التحقيق بالأسلحة الكيماوية تعرضت لإطلاق نار متعمد مرات عدة من قبل قناصة مجهولين»، لكنها لم تؤد إلى وقوع إصابات. وأضاف: «بما أن السيارة لم تعد صالحة للخدمة، فقد عاد الفريق سالما إلى الحاجز الحكومي، بانتظار استبدالها»، ولم يعط المتحدث باسم الأمم المتحدة تفاصيل أخرى حول رصاص القناصة أو مصدر إطلاق النيران، لكنه شدد على ضرورة أن «تقوم كل الأطراف بتوسيع تعاونها لكي يتمكن الفريق من القيام بعمله المهم بشكل آمن». وفي حين كان قائد المجلس الثوري للغوطة الشرقية النقيب المنشق عبد الناصر شمير أعلن موافقة المجلس على دخول لجنة التحقيق الدولية وتأمين زيارتها إلى كل المناطق المستهدفة في الغوطة الشرقية، كما أعلن إيقاف كل الأعمال الحربية خلال زيارة لجنة التحقيق المقررة وتقديم كل التسهيلات والمساعدة لها، قال النقيب في الجيش الحر، عبد السلام عبد الرزاق لـ«الشرق الأوسط» إن التعرض لوفد الأمم المتحدة في منطقة تسيطر عليها المعارضة لا يعني أن الأخيرة هي المسؤولة؛ إذ أن الاستهداف جاء عن طريق القناصة الذين بإمكانهم الاستهداف عن مسافة بعيدة، وتساءل: «كيف يمكن للجيش الحر أو المعارضين القيام بذلك، في حين أننا نطالب منذ أشهر طويلة ببدء التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية وعلى أثر وقوع مجزرة الغوطة الشرقية الأسبوع الماضي؟».

وشدد عبد الرزاق على أنه كلما طالت المدة قبل تمكن الفريق من القيام بمهمته في الغوطة، فسيصبح من الصعب عليهم الوصول إلى نتائج دقيقة وواضحة، وذلك على غرار ما حصل في خان العسل في حلب، حيث وقع الهجوم الكيماوي من قبل النظام في شهر مارس (آذار) الماضي، ولم يسمح بالتحقيق إلا بعدما تغيرت المعالم ومحيت كل الأدلة التي تثبت اللجوء إلى هذا النوع من الأسلحة، مشيرا إلى أنه لا يزال بالإمكان إثبات هذا الأمر في الغوطة، مستبعدا في الوقت عينه، في ظل العوائق المتوقعة من قبل النظام، إمكانية أن يتم التوصل إلى نتيجة في هذه القضية.

بدوره، اتهم كل من الائتلاف الوطني السوري وقيادة المجلس العسكري الأعلى وقيادات الفصائل المقاتلة في الجيش السوري الحر في بيان مشترك «ميليشيات اللجان الشعبية التابعة للنظام السوري، باستهداف سيارات تقل طاقم اللجنة الأممية برصاص القناصة، لتخويفها ومنعها من رصد الحقيقة التي ستثبت لا محالة ارتكاب نظام الأسد جرائم ضد الإنسانية بحق أبناء الشعب السوري».

وأشار البيان إلى أن الوفد عاد ونجح في الوصول إلى المعضمية في الغوطة الغربية، حيث قام بإجراء التحقيقات اللازمة، بالتعاون الكامل مع الناشطين في المدينة وبحماية من الكتائب المقاتلة هناك، التي تعهدت بإيصال هذا الطاقم إلى مناطق فاصلة وآمنة تمهيدا لعودتهم إلى أماكن إقامتهم المؤقتة بعد انتهاء إجراءات التحقيق.