قتل إسرائيل لثلاثة في رام الله يحرج السلطة الفلسطينية في خوض المفاوضات

وزير الخارجية المصري يبحث مع أبو مازن عودة الحرس الرئاسي إلى معبر رفح

أسرة فلسطينية تراقب من النافذة تشييع ثلاثة فلسطينيين في رام الله، أمس، قتلوا في عملية إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

واجهت عملية التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين ضغوط جديدة بعد قتل إسرائيل ثلاثة فلسطينيين في مخيم قلنديا في رام الله. وبعد أن اكدت مصادر فلسطينية تعليق جولة جديدة للمفاوضات مع الإسرائيليين على أثر الحادث، نفت واشنطن ذلك. وواجهت السلطة الفلسطينية حرجا شعبيا وسياسيا اثر العملية الإسرائيلية، مما دفع السلطة الى الحديث عن الغاء جولة من المفاوضات، من دون تعليقها.

وقال مصدر من السلطة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن القيادة ألغت محادثات كانت مقررة بعد الظهر في مدينة أريحا في الضفة الغربية بسبب أحداث قلنديا. وأضافت المصادر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعطى الضوء الأخضر لإلغاء المحادثات هذه المرة. وأكدت المصادر أن إلغاء المحادثات مؤقت ومتعلق بجلسة هذا الأسبوع، ولا يعني وقف المفاوضات أو إنهاءها. ولكن مساعدة المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف نفت الغاء جولة المفاوضات، قائلة: «استطيع ان اؤكد لكم انه لم يتم الغاء اي اجتماع». وكان الجيش الإسرائيلي قتل، في وقت مبكر أمس، ثلاثة فلسطينيين (روبين العبد/ 28 عاما، أحد محرري «صفقة شاليط»، ويونس جحجوح/ 19 عاما، وجهاد أصلان/ 20 عاما)، وجرح أكثر من 15 آخرين خلال عملية اعتقال نفذها في مخيم قلنديا في رام الله، في أعنف أحداث تشهدها الضفة الغربية منذ شهور طويلة.

وخلفت العملية الإسرائيلية غضبا رسميا وشعبيا كبيرا، بينما اشتبك متظاهرون غاضبون مع الجيش على معبر قلنديا في رام الله بعد جنازة مهيبة لجثامين الشبان الثلاثة تخللها إطلاق رصاص ودموع وهتافات تدعو للثأر والانتقام. وقال الجيش الإسرائيلي، إن قوة من حرس الحدود تعرضت للرشق بالحجارة لدى دخولها المخيم من قبل مئات الفلسطينيين، فاضطرت وحدة ثانية للتدخل وإخراج القوة المحاصرة. وقال ناطق باسم الجيش إنه سيجري فتح تحقيق في الحادث.

وأدان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، «الجريمة الإسرائيلية»، معتبرا أن سلسلة الجرائم الإسرائيلية واستمرار عطاءات الاستيطان تشكل رسالة واضحة لحقيقة النيات الإسرائيلية تجاه عملية السلام، وأن ردود فعل سلبية ستكون لهذه الأفعال. وطالب المتحدث باسم الرئاسة، الإدارة الأميركية بالتدخل لمنع انهيار الجهود الأميركية والدولية في الشرق الأوسط.

كما أدان رئيس الوزراء، رامي الحمد الله، الجريمة الإسرائيلية وقال إنها تستوجب تدخلا عاجلا من المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المستمرة وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

‏وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس إن هذه الجريمة تأتي كثمار للمفاوضات المستمرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وتزامنت هذه التطورات مع وجود وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، في رام الله، في زيارة التقى خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبحث معه عدة ملفات، من بينها العلاقات الثنائية بين فلسطين ومصر، وتأمين الحدود المصرية - الفلسطينية، ومصير معبر رفح. وقال فهمي في مؤتمر صحافي عقده في رام الله مع نظيره الفلسطيني، رياض المالكي: «ناقشنا مسألة المعابر مع الرئيس محمود عباس من ناحية الجانب الفلسطيني». واستكمل فهمي مع أبو مازن محادثات سابقة حول عودة حرس الرئيس للإشراف على معبر رفح البري، وهو الأمر الذي يثير قلق حركة حماس الحاكمة على نحو خاص.

ويشكل معبر رفح الذي تحكم حركة حماس سيطرتها عليه، بالنسبة لأهالي قطاع غزة، نقطة العبور الوحيدة إلى العالم الخارجي، وتعني عودة حرس الرئيس إلى هناك السيطرة على حركة الناس من وإلى غزة، وسيطرة أخرى على أجزاء من الحدود المشتركة مع مصر.

وكانت «الشرق الأوسط» نشرت منتصف الشهر الحالي أنباء عن اتفاق مبدئي مع مصر على عودة حرس الرئيس إلى معبر رفح البري. وهو ما رفضته حماس مرارا، قبل أن يعود نائب رئيس الوزراء المقال في غزة ليؤكد استعداد حكومته لنقاش تسوية جديدة لوضع معبر رفح.

ولمح فهمي إلى ذلك أمس، بقوله: «ننظر بجدية في مصر لكيفية ضمان استقرار الحدود المصرية مع غزة أمنيا بشكل شرعي، وعندما نصل لترتيبات جديدة سنعمل بشكل متواصل على تسهيل المرور من خلال المعابر المصرية دون معاناة وفق الظروف»، وأضاف: «من الجانب المصري أكدنا أننا نسعى إلى ترتيبات تأمين الحدود وتأمين الاحتياجات للمواطن في غزة، وكان الحوار بناء (...) عندما يكون هناك عدم استقرار على الحدود المصرية أو داخل سيناء من شأن ذلك أن يؤثر على جميع المعابر، باعتبار أن هناك قلقا أمنيا (...) الترتيبات تأخذ وقتا لاستقرار الوضع الأمني ثم لدراسة الترتيبات مع السلطة في المقام الأول ومع الأطراف الأخرى».

وتجري مصر مباحثات مع حماس كما يبدو حول الأمر، وقال فهمي: «حماس موجودة في غزة، وغزة على حدود مصر، فمن الطبيعي أن يكون هناك اتصالات وترتيبات، هدفنا الأساسي أولا مصالحة فلسطينية، وثانيا تحقيق دولة فلسطينية، والاتصال مع الجميع سيكون متاحا».

وتحدث فهمي عن المصالحة الفلسطينية قائلا إنه يجب أن يتوصل إليها ويترجمها الفلسطينيون، مؤكدا أن «الجهد المصري لن يمل ولن يكل لدعم هذه المصالحة دعما للموقف الفلسطيني». وسلم فهمي الرئيس الفلسطيني رسالة من نظيره المصري عدلي منصور، أكد فيها دعم مصر للفلسطينيين في «ساحات القتال ومحافل التفاوض».

وجاء في الرسالة: «ما زلنا نؤمن بأنه لا سلام ولا استقرار في وطننا العربي دون تسوية قضيته المركزية وتمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». وأضاف: «كما ستعمل مصر في الفترة القادمة على إتمام المصالحة الفلسطينية، حرصا على وحدة الصف الفلسطيني في هذه المرحلة الدقيقة من نضاله الوطني». وكان فهمي وصل إلى مقر الرئاسة على متن طائرة مروحية أردنية، في زيارة تعبر عن التغيير الكبير في الموقف المصري من القيادة الفلسطينية بعد إسقاط حكم الإخوان المسلمين.