حماه: المعارضة تتبع استراتيجية لإضعاف النظام عبر اغتيال رموزه

تعيش حصارا أمنيا خانقا... و«الحر» نقل عملياته إلى ريفها

TT

تتجه مجموعات «الجيش السوري الحر» الموجودة في مدينة حماه إلى اتباع استراتيجية تقضي بتنفيذ اغتيالات ضد مسؤولي النظام وقادته الأمنيين. وتأتي هذه الاستراتيجية بحسب قياديين معارضين نتيجة الحصار الأمني والعسكري الذي يفرضه النظام على المدينة الواقعة وسط سوريا والتي ما زالت في قبضته.

وقال عضو المجلس الوطني السوري المعارض محمد سرميني، المتحدر من حماه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدينة تحولت إلى ثكنة عسكرية بسبب الوجود الأمني الكثيف فيها»، مشيرا إلى «وجود خلايا نائمة تتبع للجيش الحر تقدم بتنفيذ عمليات نوعية ضد قادة النظام ورموزه». وكشف سرميني أن «مجموعة من الجيش الحر تتمركز في حماه قامت بعملية اغتيال محافظ المدينة أنس ناعم».

وقتل ناعم أول من أمس إثر انفجار سيارته في حي الجراجمة. وتبنت جبهة النصرة الإسلامية المتشددة عملية اغتياله، مؤكدة أنها نفذت العملية «انتقاما» للهجوم بالكيماوي على ريف دمشق، حيث تتهم المعارضة النظام السوري بارتكابه.

وأعلنت النصرة على حسابها على موقع «تويتر» أنه «ضمن سلسلة غزوات العين بالعين، قتل محافظ حماه أنس ناعم وعدد من مرافقيه على أيدي ليوث جبهة النصرة في حماه بسيارة مفخخة». لكن سرميني استبعد أن تكون النصرة هي التي تقف وراء الاغتيال»، مؤكدا أن «الجهة العسكرية التي نفذت العملية تتبع للجيش الحر». ولفت إلى أن «من شأن هذه العمليات ضد رموز النظام زعزعته وإضعافه، لا سيما في المدن التي ما زال يسيطر عليها مثل حماه».

وكانت مدينة حماه دخلت في الحراك الثوري بعد أيام من اندلاعه، وخرجت مظاهرات عدة في شوارعها، حيث سقطت الضحية الأولى من المتظاهرين برصاص الأمن السوري في منتصف أبريل (نيسان) عام 2011. وارتفعت لاحقا وتيرة القمع من قبل النظام السوري، فارتكبت مجزرة في ما عرف بتسمية جمعة «أطفال الحرية»، مع مقتل 150 شخصا. وشهدت المدينة قبل أقل من عامين المظاهرات الأكبر في الحراك السوري، إذ وصل عدد المتظاهرين إلى نصف مليون اجتمعوا في ساحة العاصي مطالبين بإسقاط النظام السوري. لكن القوات النظامية اقتحمت المدينة بعد قصفها بشكل عنيف.

ويوضح الناشط المعارض أبو غازي الحموي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام السوري أحكم سيطرته على المدينة عبر سلسلة اعتقالات استهدفت رموز الحراك المعارض وأبرز ناشطيه، إضافة إلى تقطيع أواصر الأحياء بأكثر من 300 حاجز أمني»، لافتا إلى أن «المدينة شهدت حالة هدوء نسبي بسبب وجود النظام فأصبحت ملاذا لـ500 ألف نازح من حمص وحلب ودمشق، مما دفع مجموعات الجيش الحر إلى توخي الحذر وعدم توريط السكان بردود فعل وحشية قد يقترفها النظام ضدهم».

ويجمع ناشطو المدينة على أن حرص مقاتلي الحر على السكان دفعهم إلى الانتقال بعملياتهم إلى الريف، حيث تقاتل كتائب من لواء الفاروق في ريف حماه الشرقي، إضافة إلى مجموعات من كتائب «أحرار الشام». ويعيش ريف حماه وضعا طائفيا خطيرا، حيث يقطن في قراه المسلمون السنة والمسيحيون والعلويون والمرشديون والإسماعيليون، مما فتح الباب على صراعات ذات طابع طائفي بين هذه القرى، تمثلت في حوادث الخطف والتصفية والقتل على الهوية. وتتخذ القرى العلوية، مثل معان وأصيلة ربيعة، موقفا مساندا للنظام السوري حيث يتجند أبناؤها وفقا لناشطين معارضين في ميليشيات ما يعرف بـ«الشبيحة» لمهاجمة القرى الثائرة، التي ينتمي معظم قاطنيها إلى الطائفة السنية.

وبينما تتخذ القرى المرشدية موقفا محايدا مما يجري، يؤكد ناشطون أن «النظام السوري يدفع بالمسيحيين إلى موقف مؤيد له عبر تركيز مدافع في قراهم لقصف الأحياء السنية». ويتركز الوجود المسيحي في ريف حماه في مناطق السقيليبة ومحردة وكفربو. أما السلمية، المدينة التي يتركز فيها الإسماعيليون، فيرى ناشطون أن «مزاجا معارضا لا يزال يسيطر عليها، على الرغم من استهدافها من قبل جبهة النصرة بتفجيرين راح ضحية أحدهما أكثر من 50 شخصا، جلهم من المدنيين».