الأمير سعود الفيصل: الأمر بات يتطلب موقفا دوليا حازما لوقف مأساة الشعب السوري

في كلمته أمام اجتماع اللجنة السعودية - المغربية المشتركة في جدة أمس

الأمير سعود الفيصل ووزير الشؤون الخارجية المغربي يوقعان على محضر اللجنة السعودية - المغربية بعد اجتماعها أمس في جدة الذي تضمن عدة توصيات تنموية واقتصادية بين البلدين (واس)
TT

شدد الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، على أهمية «اتخاذ موقف دولي حازم وجاد أمام صلف النظام السوري، الذي يستهدف شعبه الأعزل ويرتكب بحقه المجازر المروعة، بعد أن رفض النظام الأسدي كل المحاولات العربية المخلصة والجادة، وأعلن رفضه للتعاون مع كل المبادرات، وإصراره على المضي قدما في غيه، وارتكابه المجازر المروعة بحق شعبه وأبناء جلدته، خصوصا بعد استخدام السلاح الكيماوي المحرم دوليا في مجزرة ريف دمشق الأخيرة»، مؤكدا أن الأمر «بات يتطلب موقفا دوليا حازما وجادا لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري، خصوصا أن النظام السوري فقد هويته العربية ولم يعد ينتمي بأي شكل من الأشكال للحضارة السورية التي كانت دائما قلب العروبة».

جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها أمام اللجنة السعودية - المغربية المشتركة للتعاون الثنائي التي عقدت دورتها الثانية عشرة بمدينة جدة يوم أمس، حيث رأس الجانب السعودي، فيما ترأس الجانب المغربي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدكتور سعد الدين العثماني، بمشاركة كبار المسؤولين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في البلدين. وأوضح وزير الخارجية السعودي أن اجتماع الجانبين السعودي والمغربي «يعتبر نقطة مضيئة، وأنموذجا لما يجب أن تحتذي به العلاقات العربية - العربية، إلا أننا وللأسف الشديد بدأنا نشهد العديد من الأزمات والظروف المؤسفة والمؤلمة التي تعيشها بعض دولنا وشعوبنا العربية، بعضها نابع من الداخل، وكثير منها ناتج عن التدخل السافر في شؤوننا وقضايانا العربية، وذلك في وقت سخر لنا الله فيه كل إمكانات التعاون والتكامل في ما بيننا والتي تؤهلنا لإدارة شؤون أوطاننا وإدارة قضايانا بسواعدنا».

وأضاف «إننا وأمام هذا الواقع المؤلم مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالوقوف صفا واحدا لمواجهة هذه التحديات الجسيمة، وصيانة أمن واستقرار أوطاننا وحماية مقدرات شعوبنا، والعمل جديا على منع التدخل الخارجي في شؤوننا سواء على المستوى الوطني، أو على المستوى القومي» وتطرق الأمير سعود الفيصل إلى تداعيات الأحداث في مصر، معربا عن ارتياحه لما آلت إليه الأوضاع حاليا من استقرار، وقال «أود هنا أن أعبر في المقابل عن الارتياح البالغ لما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقة من عودة للهدوء والأمن والاستقرار، وذلك في إطار الجهود الجادة للحكومة المصرية الانتقالية، والمستندة على خارطة المستقبل السياسي الذي رسمته لعودة الحياة الدستورية، وبمشاركة كل القوى والتيارات السياسية من دون استثناء، وهو الأمر الذي يبعث على الأمل في عودة مصر لممارسة دورها الإقليمي والدولي المهم».

وتناول الفيصل مستجدات الأحداث في فلسطين وجهود إحياء عملية السلام، وقال مخاطبا اجتماع اللجنة المشتركة «مهما تعددت القضايا والأزمات في المنطقة العربية فإن القضية الفلسطينية تظل هي قضية العرب الأولى، ولا ينبغي أن تغيب عن جهودنا الرامية إلى إيجاد الحل العادل والدائم والشامل المستند على مبادرة السلام العربية، لتحقيق أهداف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». وشدد على أن نجاح مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية المستأنفة أخيرا «مرهون بالدرجة الأولى بالتزام إسرائيل بعملية السلام، وبمبادئه وأسسه القائمة على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها والاتفاقات المبرمة، والكف عن سياساتها اللامشروعة والأحادية الجانب، وعلى رأسها الاستمرار في بناء المستعمرات وتوسيع القائم منها».

وحول اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين، أعرب وزير الخارجية السعودي الذي رحب بالوزير المغربي ومرافقيه، عن أن اللجنة «تشكل لبنة قوية في مسار العلاقات المتميزة بين المملكتين الشقيقتين، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والملك محمد السادس، وبمتابعة مسيرة أعمال اللجنة خلال العامين المنصرمين لا بد لي من التنويه بالاتصالات المستمرة بين الجانبين، وعلى المستويين الرسمي ومجلس رجال الأعمال، والتي كان لها أطيب الأثر في بلورة أعمال اللجنة، وتحقيق عدد من المنجزات المتمثلة في وضع آلية لحل قضية النقل البحري، التي كانت تشكل عائقا أمام تدفق وانسياب التجارة بين البلدين، والتوجه نحو دراسة إنشاء خط ملاحي بحري مباشر بين مملكتينا، علاوة على العمل على تشجيع مقاولات الإنشاء السعودية المغربية، واعتماد شهادات الشركات الصادرة من البلدين». ونوه الفيصل بتطور حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي شهد زيادة بنسبة 20 في المائة، إضافة إلى استمرار مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل 40 مشروعا إنمائيا في المملكة المغربية منذ عام 1978 حتى اليوم. وأشاد بإحدى أبرز محطات التعاون بين البلدين من خلال إنشاء المشروع الحكومي المشترك للشركة السعودية - المغربية للاستثمار الإنمائي، وبرأس مال قدره 800 مليون درهم مغربي.

وأضاف أن «مسيرة التطور الكبير والهائل الذي تشهده بلدانا وفي كل المجالات لا يمكن أن تخطئها العين، خصوصا في المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد كان وما زال هدف هذا التطور الإنسان، ومحوره البناء والنماء، ودافعه طموح قيادتينا وتوجيهاتهما الكريمة، ووقوده تطلعات شعبينا لحاضر ومستقبل آمن مستقر ومزدهر».

وبين أن الواقع البناء «يضع هذه اللجنة أمام تحد كبير ومسؤولية متعاظمة لمواكبة هذا التطور السريع والشامل في تعزيز العلاقات الثنائية، وذلك بالسير على النهج نفسه، وبنفس الزخم والوتيرة المتسارعة، ومضاعفة الجهد لمقابلة طموحات وتطلعات قيادتينا وشعبينا، خصوصا في ظل الإرادة السياسية الحاضرة بقوة للدفع بمستوى التعاون والارتقاء به لأفضل المستويات، فالوقت أيها الإخوة ليس في صالح إلا من يعمل لكسب الوقت».

وكان اجتماع اللجنة السعودية - المغربية المشتركة ناقش العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. واستعرض الجانبان الأوضاع الإقليمية والدولية، فيما تميزت الدورة الحالية بنوعية الفعاليات التي سبقت اجتماعها الوزاري، واشتملت ولأول مرة في تاريخ اللجنة المشتركة على نشاطات لصالح القطاع الخاص في البلدين، وتمثلت هذه الفعاليات في منتدى الاستثمار السعودي - المغربي والمعرض المصاحب له، إضافة إلى اجتماع مجلس رجال الأعمال السعوديين والمغاربة. وشهد الاجتماع في ختامه توقيع محضر اللجنة الذي تضمن مجموعة من التوصيات المتصلة بمجالات التجارة والاستثمار والنقل والإسكان والتجهيزات الأساسية والزراعة والغذاء والسياحة والصناعات التقليدية. بينما اطلعت اللجنة على نتائج اللجنة القنصلية المشتركة في دورتها الثانية، وأكد رئيسا الجانبين أهمية تنفيذ التوصيات الواردة في محضر اجتماعهما. كما تم الاتفاق على عقد الدورة «الثالثة عشرة» للجنة في المملكة المغربية، على أن يحدد موعدها عبر القنوات الدبلوماسية.