وتيرة الأحداث تنبئ بضربة «وشيكة» في سوريا.. والمعلم: لسنا لقمة سائغة

كاميرون يدعو البرلمان البريطاني للالتئام غدا > هولاند: القرار خلال أيام > روسيا تجلي رعاياها

TT

تسارعت وتيرة الأحداث أمس باتجاه ضربة عسكري «وشيكة» في سوريا، ردا على هجوم بالأسلحة الكيماوية الأربعاء الماضي في الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1300 سوري.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، أمس، إن الرئاسة الأميركية تتوقع نشر تقرير رسمي من المخابرات الأميركية عن الهجوم بأسلحة كيماوية الأسبوع الماضي في سوريا. وأكد كارني أن الرئيس باراك أوباما لم يتخذ قرارا بشأن كيفية رد الولايات المتحدة على ما تعتقد أنه كان هجوما من الحكومة السورية على مدنيين. وأضاف «حين يكون لدى الرئيس إعلان فسوف يعلنه».

وأجرى أوباما سلسلة من الاتصالات مع عدد من الزعماء، بينهم رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر، ورئيس الوزراء الأسترالي كيفن راد. وقال راد إن أوباما يدرس «مجموعة كاملة» من الخيارات ضد سوريا. وأضاف راد، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي الشهر المقبل، أنه أجرى محادثات مع أوباما من أجل «رسم الطريق الواجب اتباعه» بعد هجوم الكيماوي.

وبدأت معالم الضربة العسكرية التي يزمع الغرب توجيهها إلى نظام بشار الأسد تتضح. وفي هذا الإطار نقلت صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية لم تكشفا أسماءهم أن الضربة لن تدوم على الأرجح أكثر من يومين، وستجري بشكل يجنب الولايات المتحدة التدخل بشكل أكبر في النزاع المستمر في سوريا، وأن العملية على الأرجح ستكون محدودة، وتتضمن إطلاق صواريخ «كروز» من بوارج أميركية منتشرة في البحر المتوسط على أهداف عسكرية سورية. ولن يكون التحرك العسكري حملة طويلة تهدف إلى الإطاحة بالأسد أو تغيير موازين القوى في النزاع.

وبينما كرر وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أمس أن الجيش الأميركي مستعد للتحرك إذا أمر الرئيس أوباما بذلك، حث أعضاء في الكونغرس الرئيس أوباما على التشاور معهم لدى اتخاذ قرار حول كيفية الرد على هجوم الكيماوي. ودعا أعضاء وموظفون في الكونغرس خاصة من الجمهوريين الإدارة الديمقراطية إلى التواصل بشكل أكبر مع الكونغرس حتى مع تعبير الكثيرين عن دعمهم القوي لتحرك «حاسم» ضد الأسد. وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة «رويترز» ومؤسسة «ابسوس»، السبت الماضي، أن نحو 60 في المائة من الأميركيين المشاركين فيه يرون أن الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل في الحرب الأهلية السورية.

وبدورها، قطعت بريطانيا شوطا كبيرا أمس في التحضير لتلك الضربة، إذ دعا رئيس الوزراء البريطاني البرلمان إلى قطع إجازته الصيفية والالتئام غدا لبحث الأزمة. كما أعلن في لندن عن إعداد خطط طوارئ للتدخل العسكري.

في السياق ذاته، تحدثت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن بدء وصول طائرات عسكرية إلى قاعدة اكروتيري الجوية في قبرص. وأفادت بأن سكانا يقيمون قرب اكروتيري لاحظوا ازديادا للحركة في محيط المدرج في الساعات الـ48 الفائتة. بيد أن وزير الخارجية القبرصي يوانيس كاسوليدس قال لاحقا للإذاعة الرسمية إنه يعتقد أن القواعد البريطانية في قبرص لن تلعب «دورا أساسيا» في أي تحرك دولي محتمل ضد سوريا، وإن الحكومة لا تملك «أي معلومات رسمية على الإطلاق بشأن أي استخدام محتمل للقواعد العسكرية». وأضاف أن قبرص على اتصال مع عدد من الدول لم يسمها، وأنه تلقى «ضمانات أنه لن تكون هناك مفاجآت لقبرص» في هذا الموضوع.

وفي تلك الأثناء، أجرى وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، أمس في أبوظبي، محادثات تناولت خصوصا الأزمة السورية، وأجرى «لقاء مطولا» مع ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبحث معه «خصوصا الوضع في سوريا وفي مصر». وقال مصدر من محيط لودريان إنه «نظرا إلى تسارع الأزمة في سوريا فإن الرئيس فرنسوا هولاند أراد أن يجري وزير الدفاع محادثات سياسية مكرسة للأزمة السورية والأزمة الإقليمية مع قطر والإمارات، إذ إنه من المهم أن تكون لنا مع الدولتين رؤى متقاربة».

وسارع النظام في دمشق أمس وعلى لسان وزير خارجيته وليد المعلم إلى نفي مسؤوليته عن الهجوم. وقال المعلم إن بلاده ستدافع عن نفسها إذا تعرضت إلى أي ضربة. وأضاف «سندافع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة»، مؤكدا أن «سوريا ليست لقمة سائغة، لدينا أدوات للدفاع عن النفس. سنفاجئ الآخرين بها». وأعلن المعلم أن قوات النظام ستواصل مهامها في قتال قوات المعارضة المسلحة. وأعلن المعلم أن اليوم الثاني (أمس) لعمل فريق مفتشي الأمم المتحدة في سوريا تأجل حتى اليوم (الأربعاء) بسبب خلافات بين مقاتلي المعارضة حول الترتيبات الأمنية، رافضا اتهامات وجهها وزير الخارجية الأميركية جون كيري لسوريا بعرقلة عمل فريق الأمم المتحدة.

وردا على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن بلاده في حال التدخل العسكري «لن تقاتل مع أي طرف» في تلويح إلى أنها لن تقاتل إلى صف الأسد، زعم المعلم أن روسيا لن تتخلى عن حليفتها دمشق. وقال «أؤكد أنه ليس هناك تخل روسي عن سوريا. علاقتنا مستمرة في مختلف المجالات ونحن نشكر لروسيا وقوفها إلى جانب سوريا، ليس دفاعا عن سوريا بل دفاعا أيضا عن روسيا». وأضاف «عماد قواتنا المسلحة يعتمد على العقود التي نبرمها معهم (الروس)، وهناك التزام من الطرفين بتنفيذ هذه العقود. روسيا جزء من صمودنا». وأكد أن «التنسيق على المستوى السياسي يكاد يكون شبه يومي عبر اتصالات هاتفية أو لقاءات مع الدبلوماسيين المقيمين».

وبينما كان المعلم يدلي بتصريحاته، هبطت طائرة نقل روسية تحمل مساعدات غذائية في مدينة اللاذقية أمس على أن تقوم بإجلاء رعايا روس من سوريا. وكانت روسيا عبرت عن أسفها لقرار واشنطن تأجيل اجتماع كان من المقرر عقده اليوم (الأربعاء) في لاهاي مع دبلوماسيين كبار من الولايات المتحدة لبحث عقد مؤتمر دولي لإحلال السلام في سوريا. وأعلنت الخارجية الأميركية مساء أول من أمس تأجيل الاجتماع بسبب «المشاورات الجارية» بخصوص هجوم الكيماوي. وقال ألكسندر لوكاشيفيتش، المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، في بيان مسجل نشر على موقع الوزارة على الإنترنت «قرار واشنطن تأجيل الاجتماع عشية الموعد المتفق عليه استقبل في موسكو بخيبة أمل شديدة. يتعين أن نذكر أن وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة اتفقا يوم التاسع من أغسطس (آب) على عقد هذا الاجتماع من أجل الإسراع بالدعوة لمؤتمر دولي للسلام في سوريا لوقف أي أعمال عنف وشيكة وبدء عملية حل الصراع الدائر في سوريا. ونحن واثقون أنه وسط الوضع المأساوي المحيط بسوريا حاليا والذي تؤججه بعض الدول بشكل مفتعل تزيد بدرجة كبيرة أهمية اتخاذ موقف منسق بين روسيا والولايات المتحدة». وأضاف «محاولات الالتفاف حول مجلس الأمن واختلاق ذرائع مصطنعة مرة أخرى للتدخل العسكري في المنطقة قد تؤدي إلى مزيد من المعاناة في سوريا وعواقب كارثية على دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نحن نناشد زملاءنا الأميركيين وجميع أعضاء المجتمع الدولي التعقل ومراعاة القانون الدولي بحرص وأولا مراعاة المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة».

ودعمت بكين موقف موسكو، وقالت أمس إن شن هجوم على سوريا سيكون خطيرا وغير مسؤول، وإنه ينبغي على العالم تذكر كيف بدأت حرب العراق بـ«ادعاءات أميركية زائفة» حول وجود أسلحة دمار شامل فيه. كما حذرت إيران من أن تدخلا عسكريا ضد دمشق قد تكون له «عواقب وخيمة» على سوريا والمنطقة برمتها، وفق ما أعلن أمس الثلاثاء الناطق باسم وزارة الخارجية عباس عراقجي.