الجامعة العربية تتهم النظام باستخدام الكيماوي وتوصي بتحرك مجلس الأمن

اجتماعها في انعقاد دائم حتى موعد لقاء الوزراء العرب الأسبوع المقبل

TT

اتهم مجلس الجامعة العربية، الذي عقد اجتماعا طارئا الثلاثاء على مستوى المندوبين الدائمين، النظام السوري بشن هجوم بالأسلحة الكيماوية في ريف دمشق الأربعاء الماضي، وأعرب عن إدانته واستنكاره الشديدين لـ«الجريمة البشعة» التي ارتكبت في الغوطة الشرقية، في تحد صارخ واستخفاف بالقيم الأخلاقية والإنسانية والأعراف والقوانين الدولية، قائلا إنه في حالة انعقاد دائم حتى موعد اجتماع الوزراء العرب الأسبوع المقبل.

وكانت المعارضة السورية اتهمت قوات نظام الرئيس بشار الأسد بارتكاب مجزرة مروعة وغير مسبوقة في الغوطة الشرقية بريف دمشق الأربعاء الماضي، مستخدمة الغازات السامة تحت أعين المراقبين الدوليين وخلال وجودهم في سوريا للتحقيق في استخدام الكيماوي، ما أدى لمقتل 1300 شخص.

وفي ختام اجتماعه الطارئ بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين أمس، دعا مجلس الجامعة العربية لمحاكمات دولية للمتورطين في الجريمة، مؤكدا على تقديمه كافة أشكال الدعم المطلوب للشعب السوري للدفاع عن نفسه وضرورة تضافر الجهود العربية والدولية لمساعدته. كما دعا المجلس المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته وتجاوز خلافات أعضائه عبر القيام بالإجراءات الرادعة واللازمة ضد مرتكبي هذه الجريمة. وأكد المجلس بقاءه في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع في سوريا والإعداد لاجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري يوم الثلاثاء المقبل.

وقالت مصادر الجامعة إن الجزائر تحفظت على الفقرة 4 واللجوء لمجلس الأمن، كما رفض العراق التصويت على الفقرتين 2 و4 من البيان وسجل إدانته الشديدة لاستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضد المدنيين العزل، وحمل المسؤولية الكاملة للطرف الذي قام باستخدام تلك الأسلحة بعد ثبوت الأدلة الدامغة على القيام بتلك الجريمة، بينما فضل لبنان النأي بنفسه عن القرار.

وحدد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أربعة محاور للتعامل مع الأزمة السورية و«الجريمة» التي وقعت في الغوطة الشرقية، إلا أن الجامعة فضلت انتظار نتائج تحقيق فريق التفتيش الدولي مع طرح الأزمة السورية برمتها خلال الاجتماع الوزاري العادي الأسبوع المقبل.

وأشار العربي خلال الاجتماع الطارئ أمس إلى جملة من التوصيات، منها إدانة جريمة الغوطة والمطالبة بتقديم مرتكبيها للعدالة الجنائية الدولية، ومطالبة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمل «مسؤوليته السياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية إزاء هذه الجريمة».

ومن بين التوصيات أيضا «دعوة أجهزة الأمم المتحدة وجميع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية إلى توفير الدعم لمهمة فريق المراقبين بغية إنجاز مهمته في كشف الحقيقة في أسرع وقت ممكن»، و«تفعيل القوانين والقرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن لتسهيل دخول جميع المنظمات الإنسانية إلى سوريا وتوفير الممرات الآمنة لقوافل الإغاثة والطواقم الطبية حتى تتمكن من تأدية واجباتها وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين في جميع أنحاء الأراضي السورية».

كما تضمنت التوصيات القول إنه «بناء على نتائج التحقيق، فإنه تقع على المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولية التحرك فورا لاتخاذ الإجراءات المناسبة واللازمة لمنع استخدام هذه الأسلحة الفتاكة وتقديم مرتكبي هذه الجريمة إلى العدالة الجنائية الدولية»، و«التأكيد على المطالبة العربية بضرورة التعجيل بتحقيق الاتفاق على الترتيبات الخاصة بعقد مؤتمر جنيف2 وفقا للمرجعيات المتفق عليها، وذلك في أقرب وقت ممكن حقنا لدماء الشعب السوري ولإطلاق مسار الحل السياسي للأزمة».

وأشارت التوصيات أيضا إلى ضرورة «دعوة مجلس الأمن مجددا إلى استصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية مع تبني آلية عملية للإشراف على ترتيبات تنفيذ وقف إطلاق النار وذلك حتى يتسنى توفير المناخ المناسب لعقد مؤتمر جنيف2».

وقالت التوصيات إن عناصر الموضوعات المطروحة أمام مجلس الجامعة العربية «للمناقشة والاستئناس بها فيما سوف يتخذه المجلس من قرار في هذا الشأن علما، بأن الموضوع سيطرح على الاجتماع الوزاري للمجلس يوم 3 سبتمبر (أيلول) المقبل».

وتحدث الدكتور العربي أمام مجلس الجامعة عن خلفية ومخاطر استخدام الأسلحة المحرمة دوليا ضد الشعوب والتعامل معها قانونيا وقال: «يأتي استئناف عقد هذه الدورة غير العادية المفتوحة لمجلس الجامعة لتدارس مستجدات الوضع الخطير في سوريا».

وقال العربي إن جرائم استخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة تعتبر من الجرائم التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية تستوجب تقديم مرتكبيها إلى العدالة الجنائية الدولية.

وأضاف أنه رغم أن سوريا ليست من الدول المصادقة على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية لعام 1993، فإن الملحق المرفق بهذه الاتفاقية، والذي يعتبر جزءا لا يتجزأ منها ينص على أنه «في حالة ما إذا كان الادعاء باستخدام أسلحة كيميائية يتناول دولا ليست طرفا أو إقليما لا تسيطر عليه دولة طرف، يكون على المنظمة أن تتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة تعاونا وثيقا، وتضع المنظمة مواردها تحت تصرف الأمين العام للأمم المتحدة إذا طلب منها ذلك».

وقال: «ما أود التأكيد عليه في هذا السياق هو أن مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية هي من الأمور التي يجب على مجلس الأمن النظر فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، كما أن من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية تقديم مرتكبي جريمة استخدام هذه الأسلحة إلى العدالة الجنائية الدولية، وفي هذا فإن المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن يتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية وإنسانية عما يجرى في سوريا».