هولاند: فرنسا جاهزة لمعاقبة من قرر ارتكاب المجزرة الكيماوية

مصادر فرنسية رسمية: غرض الضربة العسكرية تأديب الأسد وردعه.. والجربا في باريس الخميس

الرئيس الفرنسي خلال القائه كلمته (أإ ب أ)
TT

قطع الرئيس الفرنسي الشك باليقين وأكد بلغة لا تحتمل التأويل أن بلاده «عازمة على معاقبة» من اتخذ قرار استخدام الغازات السامة ضد المدنيين في سوريا لأن «المجزرة الكيماوية المرتكبة في دمشق لا يمكن أن تبقى من غير جواب» كما أن الأسرة الدولية «لا تستطيع أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام استخدام الأسلحة الكيماوية».

وجاءت تهديدات الرئيس الفرنسي في الخطاب الذي ألقاه بعد ظهر أمس أمام سفراء فرنسا في العالم بمناسبة مؤتمرهم السنوي التقليدي.

وخرج هولاند في نهاية خطابه الذي حضرته «الشرق الأوسط» عن النص المكتوب ليعلن مشيرا بشكل واضح إلى قرار توجيه ضربة عسكرية إلى قوات النظام السوري أن هناك «لحظات يصبح فيها عبء المسؤولية ثقيلا: (إشراك فرنسا أم عدم إشراكها في العملية العسكرية)، التحرك أو عدم التحرك، اتخاذ القرار أم الامتناع عنه، التدخل أو عدم التدخل». واستطرد هولاند قائلا: «هذا السؤال سيطرح أو سيعود إلى الواجهة في الأيام القادمة». ولمن ما زال يتساءل عن الموقف الفرنسي، أجاب هولاند قائلا: إن «فرنسا قررت تحمل مسؤولياتها في كل مكان من أجل ذاتها ومن أجل بقية العالم».

وكخطوة أولى وبانتظار اللحظة الفارقة، أعلن هولاند أن بلاده قررت «زيادة الدعم العسكري» للائتلاف الوطني السوري المعارض من غير أن يقدم تفاصيل عن ماهية هذا الدعم وما إذا كان يشمل الأسلحة النوعية التي طلبتها المعارضة أكثر من مرة والتي امتنعت فرنسا عن تقديمها حتى اليوم.

وأعلن أمس أن هولاند سيستقبل رئيس الائتلاف السوري أحمد عاصي الجربا صباح الجمعة ليدرس معه ما آل إليه الملف السوري والاتصالات الدولية التي تلعب ضمنها باريس دورا فاعلا وتلتزم فيها خطا متشددا. وفيما يدور الجدل حول الأهداف المتوخاة من العملية العسكرية المنتظرة، أفادت مصادر فرنسية رسمية أن هناك ثلاثة أهداف يسعى التحالف الدولي لتحقيقها وهي: «معاقبة النظام السوري على استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين وردعه عن اللجوء إليه مجددا في المستقبل، ومساعدة المعارضة ميدانيا على تحسين أوضاعها العسكرية». وبحسب هذه المصادر، فإن الغرض من كل ذلك ليس إسقاط النظام بل إفهامه أن الانتصار العسكري غير مسموح به وأن الحل الوحيد سياسي ويمر في الأمد المتوسط عبر «جنيف 2».

ولم يفهم بعد شكل المشاركة العسكرية الفرنسية في الضربة المتوقعة. وقال هولاند إنه «سيجمع مجلس الدفاع الوطني صباح اليوم، وإنه سيضع البرلمان الفرنسي في أجواء التطورات في أقرب فرصة». وينص الدستور على أنه يتعين على السلطة التنفيذية (الرئاسة والحكومة) المثول أمام البرلمان خلال مهلة 45 يوما في حال القيام بعمليات عسكرية خارجية. أما عن توقيت الضربة العسكرية، فقد أعطى هولند مؤشرا واضحا بقوله إن «مسؤوليتنا هي البحث عن الرد الأنسب على ما ارتكبه النظام السوري بعد أن تكون قد انتهت مهمة المحققين التابعين للأمم المتحدة». وبحسب مصادر قريبة من الرئاسة، فقد فهم أنه يتعين، في موضوع التوقيت «الأخذ بعين الاعتبار الأجندة الدبلوماسية وتحديدا عنصرين منها، وهما انتهاء مهمة الخبراء الدوليين ورحيلهم عن سوريا، والثاني انعقاد قمة العشرين في سان بترسبورغ يومي 5 و6 سبتمبر (أيلول) القادم». ولا يريد الغربيون، على ما يبدو، أن يقع الخبراء رهائن في أيدي النظام. وبالمقابل، تختلف التأويلات بشأن قمة العشرين وحول ما إذا كان التحالف الغربي يريد إتمام الضربة العسكرية قبل القمة ما سيؤدي على الأرجح إلى إجهاضها أم انتظار مرورها ثم معاقبة النظام السوري.

ولا تنتظر باريس عمليا نتائج عمل اللجنة لأنها تبدو واثقة من أن النظام هو من ارتكبها. لكنها تريد من اللجنة كما أوحت بذلك مصادر رسمية أمرين: الإثبات بالبرهان القاطع أن السلاح الكيماوي استخدم بكميات كبيرة لا يملكها إلا النظام، وثانيا إثبات أن استخدامه تم بواسطة الصواريخ المتطورة التي هي بحوزة قوات النظام وحده.

وبما أن الغربيين يتوقعون معارضة روسية شديدة في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار ضد سوريا تحت الفصل السابع، فإنهم بلوروا حججا قانونية للالتفاف عليه وإحداها أن النظام انتهك المعاهدات الدولية التي تمنع استخدام السلاح الكيماوي وتحديدا معاهدة عام 1925 ولذا فإنه «وضع نفسه خارج الشرعية». أما الحجة الرئيسة الثانية فهي «واجب حماية المدنيين» عند تعرضهم لخطر المجازر أو وقوع مجازر بحقهم وهو ما أشار إليه الرئيس هولاند في خطابه بقوله إن القانون الدولي «لا يمكن أن يكون حجة» لارتكاب المجازر ولذا فإن فرنسا تعترف بـ«مسؤولية حماية المدنيين والقانون الذي صوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2005».