بين الخوف والتهليل.. السوريون «يتحضرون» للضربة ويتخوفون من رد النظام

أجواء الحرب تخيم على العاصمة.. والموالون للنظام يرحلون عائلاتهم إلى الساحل

TT

أسئلة كثيرة تشغل بال السوريين هذه الفترة، والأهم هي تلك الضربة العسكرية الأميركية المنتظرة وكل ما يدور حولها من تغيرات عسكرية وسياسية واجتماعية، وهذا ما تجسده بشكل واضح النقاشات والتعليقات التي يتم التداول بها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي «على الجبهتين»، الموالية والمعارضة.

ومع ارتفاع أصوات طبول الحرب، وتصاعد الحديث عن توجيه ضربة عسكرية وثيقة للنظام في سوريا، خيمت أجواء من الوجوم الثقيل على العاصمة دمشق، لا سيما وسط دمشق الواقع في قبضة النظام، ولغاية يوم أمس كان السوريون غير مصدقين حصول ضربة عسكرية، إلى أن ظهر وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحافي فتأكد لديهم أن الضربة وشيكة، كما قال شاب رفض ذكر اسمه. فيما راحت الصفحات الموالية للنظام تدعو الشباب والأهالي للخروج في مسيرات تأييدا لبشار الأسد والجيش في مواجهة «الحرب الكونية» إلا أنه لم تظهر أي استجابة بعد لتلك الدعوات.

وبينما ركدت حركة الأسواق عموما، ما عدا أسواق الغذائيات والخضار، لوحظ إقبال شبه عادي على شراء المواد الأساسية كالخبز والمعلبات وزجاجات المياه والبنزين والغاز، إلا أن الإقبال الكبير والذي يتم بشكل سري، لا سيما في المناطق المحاصرة من قبل قوات النظام، كان على الأدوية اللازمة لمعالجة الإصابة بالسلاح الكيماوي مثل الأتروبين، والمواد اللازمة لصناعة أقنعة واقية من الغاز يدويا، مثل الفحم والقطن، كما قامت مؤسسات الدولة بصرف رواتب الموظفين على الصرافات الآلية لأغلب الوزارات ومؤسسات الدولة أمس وبشكل مبكر، قبل نهاية الشهر تحسبا لأي طارئ في اليومين القادمين.

وحول مشاعر الناس في المناطق المحاصرة قال رامي: «الجميع يأمل أن تخفف الضربة الأميركية للنظام من شراسة القصف ومن إجرام النظام، لكنهم لا يملكون أوهاما حول عدم جدية المجتمع الدولي في إسقاط النظام»، وأضاف: «ليضعفوه ونحن نتولى إسقاطه» في المقابل يبدو الذعر واضحا في صفوف الموالين للنظام وبدأ الشبيحة يرسلون أطفالهم وعائلاتهم إلى القرى في الساحل، بعيدا مواقع الأهداف المحتمل أن تتلقى ضربة عسكرية خارجية، في حين يتخوف سكان وسط العاصمة من الذين التزموا منازلهم من احتمال ضرب المقرات الأمنية المتغلغلة وسط الأحياء السكنية. وأبدى أبو خالد من سكان الصالحية انزعاجه من المعارضين الذين يدعون إلى تدخل عسكري خارجي وضرب المقرات الأمنية وقال: «أنا ضد النظام وأتمنى سقوطه اليوم قبل الغد، ولكن منزلي يجاور مقر أمني ماذا أفعل وأين أذهب بعائلتي؟». إلا أن الناشط رامي يبدو مطمئنا ويقول إنه «ليس خائفا من أي ضربة وعلى العكس أيا كانت الضربة الأميركية ستكون أرحم من ضربات النظام الوحشية». ويضيف ساخرا: «الصواريخ الأميركية ستكون دقيقة وتشبه العمل الجراحي مع هامش خطأ واحد سنتيمتر بينما صواريخ وبراميل النظام لا تزال تنهمر خبط عشواء بهامش خطأ واحد كيلومتر».

وبين التحذير والتهليل والترحيب بها واعتبار أن الوضع المقبل لن يكون أسوأ من الحالي، لم يتوان بعض الشباب على وضع خطط للاحتفال بهذا «الحدث المنتظر» كما يحلو لهم وصفه وإن كانوا في الوقت عينه لا يعتبرونه على قدر آمالهم، فيما لا يخفي البعض الآخر تخوفه من أن تكون ردة فعل النظام على هذه الخطوة أعنف من كل ما سبقه، لجهة اعتماد «الخطة العراقية»، وفق ما تردد، من خلال أخذ المواطنين دروع بشرية ووضعهم في المراكز والثكنات حيث من المتوقع أن تكون هدفا لهذه الضربات، أو الاعتماد على الأسلحة الكيماوية بشكل أكبر وأوسع، وهذا ما أشار إليه أحد المعارضين بالقول وأخيرا اتخذ القرار، على أمل أن تكون هذه الضربة كبيرة، لكن في الوقت عينه نتمنى أن تقدم المساعدات العسكرية للجيش الحر للدفاع عن المدنيين، لا سيما في ظل توقعات بأن يلجأ النظام إلى الكيماوي كسلاح أساسي له ويرتكب المزيد من المجازر.

واقترح الروائي وكاتب السيناريست فادي قوشقجي عبر صفحته على موقع «فيس بوك» على أجهزة الدولة والمؤسسة العسكرية تنظيم «اعتصامات كبرى حول المراكز والمؤسسات المتوقع استهدافها.. وتشكيل طوق بشري حول كل منها لحمايتها من أي ضربة محتملة وفتح باب التطوع للمشاركة بهذه الاعتصامات وتسجيل الأسماء وتحديد المكان الذي على كل متطوع الذهاب إليه وتحديد تاريخ وساعة بدء تلك الاعتصامات بما يتناسب مع المعطيات المتوفرة حول التحركات العسكرية» وأضاف: «مع أنه ما زال احتمالا ضئيلا» - توجيه ضربة عسكرية .. إلا أنه دعا إلى تنظيم هذه العملية بدءا من الآن «تحسبا لأي احتمالات طارئة».

وعلى الجبهة المعارضة، هناك من يشكك أيضا بأهداف هذه الضربات الحقيقية، سائلا: «كيف يمكن لبلد تنوي ضرب بلد آخر، أن تحدد له عبر تسريبات صحافية، الأهداف مسبقا وتصل إلى حد تنبيهه إلى الوقت الذي سيتم البدء بهذه الضربات، وكأنها تقول له «هذا السيناريو لمسرحية لا تعدو كونها رسالة تهديدية ليس أكثر».