«فوبيا» العبوات المشبوهة تضرب اللبنانيين.. ورسائل نصية تحذر من تفجيرات قريبة

قائد الجيش: الوضع لا يزال جيدا مقارنة بعدم الاستقرار في المنطقة

TT

تجتاح «فوبيا» الأجسام والسيارات المشبوهة المناطق اللبنانية كافة، مع توالي الأخبار العاجلة عن الاشتباه بسيارة مركونة هنا وجسم غريب هناك، ما يستدعي حضور عناصر الجيش اللبناني وتطويق المكان ليتبين في وقت لاحق بعد المعاينة والكشف أنه لا مواد متفجرة وتعود حركة الناس إلى طبيعتها.

ولم تثمر الإجراءات المشددة ولا التطمينات الأمنية، وآخرها اعتبار قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، على هامش اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس، أنه «في ظل الوضع غير المستقر في المنطقة فإن وضعنا في لبنان ما زال جيدا، والبلد باق»، في تهدئة مخاوف اللبنانيين، الذين باتوا يتجنبون الذهاب إلى أماكن قد تكون هدفا للتفجيرات المقبلة. وتداول اللبنانيون عبر خدمة «الواتس أب» والرسائل الهاتفية القصيرة أنباء عن أن المجمعات التجارية الكبرى التي تنتشر في أماكن عدة في العاصمة بيروت وضواحيها القريبة ستكون مسرحا للتفجيرات عبر سيارات مفخخة حتى العاشر من الشهر المقبل.

كما حذرت رسائل مماثلة إثر انفجار الرويس، في الضاحية الجنوبية لبيروت، منتصف الشهر الجاري، من سيارات مركونة بطريقة خاطئة وخلف زجاجها رقم هاتف. وأفادت بأنه بمجرد الاتصال بالرقم المدون، ستنفجر السيارة مباشرة لوجود رابط بين الهاتف وصاعق التفجير. لكن القوى الأمنية، التي دعت كل مواطن لبناني لأن يكون خفيرا ويبلغها عن أي جسم مشبوه، سرعان ما نفت صحة هذه الرسائل جملة وتفصيلا.

وتدفع الشائعات والإخبارات غير الدقيقة عن عبوات أو سيارات، آخرها أمس في محلة صربا قرب مدينة جونية، شمال بيروت، إلى المطالبة بالأمن الذاتي، في الأحياء والشوارع، على غرار ما شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، بعد انفجار بئر العبد في التاسع من شهر يوليو (تموز) الماضي، لضبط الوضع الأمني بشكل أكبر. وفي هذا الإطار، بحث نواب «14 آذار» عن بيروت في اجتماع استثنائي عقدوه أمس مع محافظ بيروت ورئيس مجلسها البلدي موضوع «الأمن الوقائي». وطالبوا «بقرار سياسي أساسي يفترض أن يتخذ لوضع خطة أمنية للعاصمة يكون أبرز ما فيها موضوع تركيب كاميرات لمختلف الشوارع وأماكن التجمع». وكان المجلس الأعلى للدفاع قد انعقد في القصر الرئاسي برئاسة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وحضور عدد من الوزراء المعنيين والمسؤولين الأمنيين والقضائيين. واطلع المجتمعون على الأوضاع الأمنية والمعلومات المتوفرة عن متفجرات الرويس وطرابلس والتدابير التي تنفذها القوى المعنية وما تحتاجه هذه القوى لتمكينها من القيام بمهامها. وقال أمين عام المجلس اللواء الركن محمد خير، في بيان تلاه إثر الاجتماع، إن المجتمعين بحثوا في «تنقل العملية الإرهابية من منطقة إلى أخرى بهدف زعزعة السلم الأهلي وزرع الفتنة بين اللبنانيين، وكان آخرها العملية الإجرامية التي طاولت مدينة طرابلس وحصدت العشرات من الشهداء والجرحى وخلفت أضرارا جسيمة في الممتلكات».

وبينما نوه المجلس «بالروح الوطنية التي ميزت ردود فعل المواطنين لا سيما منها عدم قبولها الانزلاق إلى الفتنة، إن كان في تفجيرات طرابلس أو الضاحية»، معتبرا إياها «إيجابيات يمكن البناء عليها في المساعي لإنقاذ البلاد»، أفاد خير بالتداول في «التدابير الواجب اتخاذها لرفع جهوزية القوى العسكرية والأمنية والدفاع المدني لحفظ النظام وحماية المواطنين والمؤسسات والأملاك العامة والخاصة ودور العبادة، وفي عملية إحصاء عدد الشهداء والجرحى والأضرار المادية، تمهيدا للتعويض عليها وفقا للأصول».

وفي موازاة استماع المجلس الأعلى للدفاع إلى «مدعي عام التمييز بالإنابة القاضي سمير حمود عن الإجراءات القضائية ومسار التحقيقات بهذه الجرائم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية للتوصل إلى الحقيقة وتوقيف الفاعلين وإنزال العقاب الصارم بحقهم»، مدد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، المشرف على التحقيقات الأولية في انفجاري طرابلس، مدة «التوقيف الاحتياطي على ذمة التحقيق لكل من الشيخ أحمد غريب ومصطفى ح. في انتظار استكمال الإجراءات».

وتستمر «التحقيقات بالاستماع إلى الشهود والبحث عن أدلة وقرائن في شأن السيارتين المفخختين وكل المعلومات المتعلقة بهما وصولا إلى كشف الفاعلين والجهة المحرضة». وتم الإعلان أمس عن ظهور «نتائج فحوص الحمض النووي للأشلاء والجثث المشوهة الموجودة في المستشفى الحكومي، وبدأت قوى الأمن الداخلي إبلاغ ذوي الضحايا بالنتائج لتسلمها».

وفي إطار الهواجس من أجسام وسيارات مشبوهة، وبعد ورود أنباء عن وجود جسم غريب موضوع داخل حوض للأزهار في مدخل مبنى تلفزيون الـ«إن بي إن» المؤيد لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في محلة بئر حسن، توجهت قوى الأمن الداخلي إلى المكان وتبين بعد الكشف أن الجسم المشتبه به ليس إلا «أنبوبا معدنيا يحتوي على كمية من التراب وتبرز منه أسلاك كهربائية، ولا يحتوي على مواد متفجرة ولا يشكل خطرا على السلامة العامة»، وفق بيان لقوى الأمن الداخلي.

وفي السادسة من صباح أمس، تم الاشتباه بجسم غريب قرب حديقة صغيرة في محلة جبل محسن، لجهة منطقة المنكوبين، في مدينة طرابلس، شمال لبنان. وبعد استدعاء خبير عسكري من الجيش اللبناني، تبين أنها عبوة بزنة 100 غرام من مادة الـ«تي.إن.تي»، فعمل على تفكيكها.

وفي محلة أبي سمراء في طرابلس، أبلغ سكان ساحة الإيمان الأجهزة المختصة عن اشتباههم بسيارة من نوع «غولف» سوداء اللون مركونة عند الحديقة العامة. فحضر على الفور عناصر من مخابرات الجيش، وطوقوا المكان وباشروا الكشف على السيارة، ليتبين خلوها من المتفجرات.

وفي مدينة النبطية، جنوب لبنان، اتخذت الأجهزة الأمنية إجراءات أمنية مشددة بالتزامن مع الموعد الأسبوعي لسوق الاثنين الشعبية في المدينة. وشملت الإجراءات الطرق الرئيسة والداخلية. وأقام الجيش على كل الطرق العامة المؤدية إلى المدينة حواجز عسكرية ثابتة وسير دوريات آلية على هذه الطرق. ووضعت عوائق حديدية عند مداخل المدينة حيث تم إخضاع السيارات للتفتيش الدقيق، كما تم تحديد طرق فرعية لدخول السيارات إلى المدينة. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية في لبنان، بأن «سوق الاثنين الأسبوعية تفتقر إلى حشود المتسوقين الذين يقصدونها من مختلف المناطق بسبب الإجراءات المتخذة وخشية من تطورات أمنية غير محسوبة».