الكتل السياسية العراقية تستعد لجولة جديدة بعد نقض «مقترح قانون» تحديد ولاية المالكي

قيادي صدري: سنعيد تقديمه للحكومة كـ«مشروع» لتصوت عليه وتعيده للبرلمان

TT

لم تتجاوز المحكمة الاتحادية العليا في العراق الوقت المقرر لها لاتخاذ قرارها الخاص بشأن مقترح القانون الذي قدمه البرلمان إليها الخاص بتحديد ولاية الرئاسات الثلاث. فقبل انتهاء المهلة بأربعة أيام، نقضت المحكمة الاتحادية أول من أمس القانون. وطبقا للتوصيفات القانونية فقد جاء النقض شكليا وهو ما يعني أن الجهات التي تولت تقديم مقترح القانون، وهي البرلمان بكتله المختلفة، يتعين عليها الآن اللجوء إلى أسلوب آخر من أجل تحديد ولاية رئيس الوزراء في العراق.

ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي عبر عن سروره لهذا الطعن، معتبرا أن «القانون ولد ميتا أصلا»، طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» عضو البرلمان عن الائتلاف الدكتور حسن الياسري. وأضاف قائلا إن «السبب الرئيس لهذا الطعن المتوقع هو أن مقترح القانون مخالف للدستور العراقي، حيث إنه لا توجد مادة واحدة في الدستور العراقي تحدد ولاية رئيس الوزراء»، مشيرا إلى أن «القوى المؤيدة لذلك تحاول اللعب على الكلمات بالقول (تحديد ولايات الرئاسات)، بينما المقصود تحديدا هي ولاية رئيس الوزراء لأن ولاية رئيس الجمهورية محددة بدورتين، وبالتالي لا داعي للحديث عنها».

وأوضح الياسري، أن «الكتل السياسية التي مررت هذا المقترح في البرلمان وذهبت به إلى المحكمة الاتحادية كانت تعلم أنها لو ذهبت بهذا المقترح إلى الحكومة لكي تحوله إلى مشروع قانون فإن الحكومة ما كانت لتصوت له ولذلك لجأت إلى هذه الحيلة التي لم تنطل على المحكمة الاتحادية وقد عاد الأمر إلى نصابه الصحيح».

وفي حين لا يبدو ثمة جديد في موقف كل من كتلتي العراقية بزعامة إياد علاوي والتحالف الكردستاني بشأن تحديد الولاية وطعن المحكمة الاتحادية في قانونه فإن الكرة انتقلت إلى ملعب التحالف الوطني الشيعي وبالذات إلى أهم كتلتين فيه وهما التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم. ولكن قبل ذلك فإن هناك ما يمكن أن يلفت النظر في موقف رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي الذي كتب على صفحته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي قائلا إن «البرلمان حدد ولاية الرئاسات الثلاث بولايتين، ولا يحق لأحد الاعتراض والالتفاف على القانون». علاوي لم يشر إلى طعن الاتحادية وهي الجهة المخولة العليا في العراق بفض النزاعات بين الرئاسات وتفسير القوانين، بل اكتفى بالقول إنه تم «إقرار القانون في مجلس النواب لتحديد ولاية الرئاسات الثلاث بولايتين، ولكن هناك محاولات للالتفاف على القوانين والدستور».

غير أن أمير الكناني، عضو اللجنة القانونية البرلمانية والقيادي في كتلة الأحرار الصدرية، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «النقض الذي قامت به المحكمة الاتحادية لمقترح القانون إنما هو شكلي لأنه بالأساس لم يكن مشروع قانون لكي يكون نقضه نهائيا ومن حيث المضمون، بل هو مقترح قانون وهو ما يعني أن الجولة لم تحسم بعد».

وأضاف الكناني أن «هناك قيدا قانونيا على من يترشح لمناصب الرئاسات الثلاث من بينها الشهادة الجامعية، وأن لا يكون مشمولا بقانون اجتثاث البعث وحسن السلوك والسمعة وتحديد الفترة بولايتين لرئاسة الجمهورية»، مشيرا إلى أن «مقترح تحديد رئاسة الوزراء بدورتين نحن نرى أنه يعزز الديمقراطية في البلاد وهناك دول أخرى منها مجاورة مثل إيران تحدد الرئاسة بدورتين وكذلك الولايات المتحدة الأميركية أيضا». وردا على سؤال بشأن تحديد منصب الرئاسة في العراق أيضا، قال الكناني إن «هذه هي المفارقة في الأمر، إذ إن الدستور حدد ولاية رئيس الجمهورية، الذي هو لدينا من دون صلاحيات، بدورتين بينما أطلق يد رئيس الوزراء الذي يملك كل الصلاحيات».

وأكد الكناني، أن «الحل الذي سوف تلجأ إليه الكتل السياسية هو تحويل مقترح القانون إلى مشروع قانون وترسله إلى الحكومة لتقره ومن ثم يعود إلى البرلمان للتصويت عليه ويتحول عند ذاك إلى قانون ساري المفعول». وحول اعتراضات دولة القانون بشأن ذلك على الرغم أن منصب رئاسة الوزراء يبقى بيد الكتلة الشيعية الأكبر بصرف النظر عن الأشخاص، قال الكناني إن «مشكلة دولة القانون أنها مغلوبة على أمرها وأتحداها أن تناقش مثل هذا الأمر بحضور المالكي».

أما المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم فقد أكد وعلى لسان المتحدث باسمه الشيخ حميد معلة الساعدي، أن «المحكمة الاتحادية هي التي يرجع إليها الأمر المختلف عليها وهذه هي مهمتها أصلا وبصرف النظر عن موقفنا أو رؤيتنا فإننا يجب أن نحترم السياقات الدستورية وبالتالي فإننا لا نملك ما نقوله حيال ذلك سوى أننا كنا نتمنى أن القانون تم تقديمه بطريقة قانونية لأن المحكمة الاتحادية استندت في النقض ليس على مضامين القانون، بل على السياقات الشكلية». ورأى الساعدي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أنه «يفترض بالكتل السياسية تقديم القانون بالشكل الصحيح وقد كنا دعمنا ذلك في وقته لأننا وبعيدا عن الأشخاص الذين كلهم محترمون فإن التجديد يعني ضخ دماء جديدة كما أن التشبث بالسلطة يمكن أن يورث ديكتاتورية يدفع ثمنها الجميع».