أوباما يجتمع بكبار مستشاريه لوضع «اللمسات الأخيرة» على الضربة العسكرية

«الناتو» يدخل على الخط.. وروسيا تدعو إلى انتظار تقرير المفتشين

TT

اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع مستشاريه الأمنيين وكبار مسؤولي الإدارة، صباح أمس، لمناقشة التفاصيل النهائية للضربة العسكرية المزمع توجيهها إلى سوريا ردا على هجوم بالأسلحة الكيماوية استهدف ريف دمشق الأسبوع الماضي وأدى إلى مقتل المئات.

وأشار مسؤول أميركي إلى أن «الإدارة الأميركية ترى ضرورة معاقبة الحكومة السورية على استخدامها الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، وفي نفس الوقت توجيه رسائل لقادة الدول الأخرى مثل كوريا الشمالية أن الولايات المتحدة لن تصمت حول أي خطوات لاستخدام الأسلحة الكيماوية أو النووية وانتهاك المعايير الدولية». وتجري المناقشات حول شكل الضربة العسكرية والأسلحة المستخدمة بما يمنع النظام من توجيه هجمات بأسلحة كيماوية في المستقبل.

وتقيم الإدارة الأميركية ردود الفعل المحتملة للنظام السوري وطريقة الرد وتوقيته فيما تسميه الإدارة الأميركية «عمليات اليوم التالي». ويقول مسؤول بالإدارة إن «لدى البنتاغون خطة لاحتواء أي رد فعل عسكري سوري محتمل».

وأعلنت الإدارة الأميركية أنها ستنشر تقريرا سريا أرسل إلى أعضاء الكونغرس الأميركي يتضمن الأدلة الدامغة ضد نظام بشار الأسد وشنه هجمات بالأسلحة الكيماوية على المدنيين. ومن المتوقع أن يشمل التقرير معلومات تربط بين الأسد والهجمات على ريف دمشق والاتصالات الهاتفية بين القادة السوريين. وكانت مجلة «فورين بوليسي» أفادت بأن أجهزة الاستخبارات الأميركية تنصتت على مسؤول في وزارة الدفاع السورية يجري «مكالمات هاتفية مع قائد وحدة السلاح الكيماوي» وهو «مصاب بالذعر» بعد هجوم الأسبوع الماضي. وقالت المجلة: «الأربعاء (قبل) الماضي وفي الساعات التي تلت الهجوم الكيماوي الرهيب في شرق دمشق، أجرى مسؤول في وزارة الدفاع مكالمات هاتفية وهو مصاب بالذعر مع رئيس وحدة الأسلحة الكيماوية وطلب منه تفسيرات حول الضربة بغاز الأعصاب التي أدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص»، وأضافت المجلة في بيان: «إن هذه الاتصالات تنصتت عليها أجهزة الاستخبارات الأميركية». وقالت: «إنها السبب الرئيس الذي يجعل المسؤولين الأميركيين يؤكدون أن هذه الهجمات يقف وراءها نظام الأسد، ولهذا السبب أيضا يستعد الجيش الأميركي لشن هجوم ضد هذا النظام في الأيام المقبلة».

وتعتمد الإدارة الأميركية على هذا التقرير الاستخباراتي ليكون مبررا قانونيا لضربتها الوشيكة ضد نظام الأسد، كما تنتظر الإدارة الأميركية حصول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على تفويض من البرلمان البريطاني الذي يجتمع اليوم بما يمهد الطريق لرد فعل بريطاني عسكري ضد سوريا، في وقت تتوقع فيه أن يقف «الفيتو» الروسي والصيني حجر عثرة أمام خطط كاميرون لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشن ضربة عسكرية ضد سوريا.

وتخطط الإدارة الأميركية في حال مواجهة معارضات روسية وصينية داخل مجلس الأمن أن تنفذ ضربتها العسكرية ضد سوريا تحت مظلة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حيث تجري اجتماعات في بروكسل بين أعضاء الحلف للتشاور حول تلك الضربة العسكرية وكيفية توجيهها وآثارها، ونتائجها المتوقعة. واللافت في هذا السياق أن «الناتو» حمل أمس الأسد مسؤولية الهجوم الكيماوي ودعا إلى رد ومحاسبة المسؤولين. وقال آندريه فوغ راسموسن، الأمين العام للحلف، أمس، متحدثا بعد اجتماع لسفراء الحلف في بروكسل، إن أي استخدام لمثل هذه الأسلحة «غير مقبول ويجب الرد عليه». وتابع في بيان: «هذا خرق واضح للمعايير والممارسات الدولية القائمة منذ فترة طويلة (...)، المسؤولون يجب أن يحاسبوا».

وفي غضون ذلك، أشار مسؤولون كبار لشبكة «إن بي سي» الإخبارية الأميركية إلى أن خطط وزارة الدفاع الأميركية تشير إلى أن الضربة العسكرية متوقع لها أن تستمر «ثلاثة أيام»، وبعدها يجرى تقييم للضربة ونتائجها. وقال مسؤول بالبنتاغون إن الأهداف الأولى للضربة تشمل 50 موقعا، بما في ذلك القواعد الجوية السورية التي تملك مروحية هجومية روسية الصنع، إضافة إلى مراكز السيطرة والدعم العسكري السوري والمدفعية السورية والبنية التحتية العسكرية، مؤكدا أنه لن يتم ضرب مواقع تخزين الأسلحة الكيماوية، لأن ضربها يحمل المخاطرة بحدوث كارثة بيئية وإنسانية ويستلزم عمليات عسكرية معقدة. وأشار المسؤول إلى أن تلك الضربات ستضعف قدرات الأسد العسكرية، لكنها لم تشل قدراته بالكامل إلا إذا استمرت الضربات ضد النظام السوري لأيام أو لأسابيع.

من جانب آخر، سعى الأمين العام للأمم المتحدة إلى تهدئة الأوضاع، مطالبا المجتمع الدولي بإفساح الفرصة أمام فريق التفتيش في سوريا للقيام بعمله وإعطاء فرصة للدبلوماسية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس، إن مفتشي الأمم المتحدة الموجودين في سوريا يحتاجون أربعة أيام للانتهاء من تحقيقهم في استخدام أسلحة كيماوية ومزيدا من الوقت لتحليل ما توصلوا إليه. وقال بان في مؤتمر صحافي بلاهاي: «إنهم يعملون جاهدين في ظروف خطيرة جدا جدا، دعوهم يتموا عملهم خلال أربعة أيام ثم سيتعين علينا أن نجري تحليلا علميا بالاستعانة بالخبراء.

وفي حين يواصل الغرب تهديداته وتحضيراته لشن الضربة، دعت روسيا إلى انتظار تقرير المفتشين الدوليين. وقال فلاديمير تيتوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أمس، إنه يتحتم على مجلس الأمن انتظار تقرير مفتشي الأسلحة الكيماوية قبل دراسة الرد. ونقلت «إنترفاكس» عن تيتوف قوله: «سيكون من السابق لأوانه، على أقل تقدير، مناقشة أي رد فعل لمجلس الأمن إلى أن يقدم مفتشو الأمم المتحدة الذين يعملون في سوريا تقريرهم».

من ناحية ثانية، قالت نجاة فالو بلقاسم، المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، إن البرلمان الفرنسي سيعقد جلسة طارئة الأربعاء المقبل لمناقشة الموقف في سوريا. وقالت عقب اجتماع عقدته الحكومة: «الرئيس اتخذ قرارا بدعوة البرلمان للانعقاد الأربعاء لتقييم الموقف في سوريا».