الأسد: سوريا ستدافع عن نفسها ضد أي عدوان

تحركات كثيفة للجيش والأمن في محيط وداخل العاصمة ونقل لعائلات الضباط

الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله وفدا يمنيا في العاصمة دمشق أمس (رويترز)
TT

لا يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد سيبدي أي نوع من اللين أمام التهديدات الدولية بتوجيه ضربة عسكرية تأديبية لنظامه. وفي تصريحات له يوم أمس قال الأسد «إن سوريا ستدافع عن نفسها ضد أي عدوان»، مؤكدا أن «التهديدات بشن عدوان مباشر على سوريا ستزيدها تمسكا بمبادئها الراسخة وبقرارها المستقل».

كلام الأسد جاء خلال استقباله يوم أمس الخميس وفدا يضم عددا من ممثلي الأحزاب والنواب في البرلمان اليمني. وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا» قال الأسد للوفد اليمني إن سوريا «مصممة على القضاء على الإرهاب الذي سخرته وتدعمه إسرائيل والدول الغربية خدمة لمصالحها المتمثلة في تقسيم المنطقة وتفتيت وإخضاع شعوبها»، مشيرا إلى أن «الحالة الشعبية هي الضامن للانتصار وهو ما يحدث في سوريا».

من جانب آخر، هاجم نائب وزير الخارجية فيصل المقداد المجتمع الدولي والجامعة العربية والمملكة العربية السعودية واتهمها «بفبركة» العدوان، وقال إن «سوريا تتعاون مع فريق محققي الأمم المتحدة بشأن السلاح الكيماوي (بشكل تام)، وإن الفريق الدولي عبر دائما عن تقديره لذلك». وأضاف المقداد في تصريح للصحافيين عقب لقائه يوم أمس الخميس وفدا أردنيا أن «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأدواتها في المنطقة كالسعودية تريد استغلال الحملة الرخيصة والهابطة التي تنشر في وسائل الإعلام العالمي حول استخدام سوريا لأسلحة كيماوية لتبرير العدوان»، لذلك يجب عليهم أن «يفبركوا مثل هذه «الادعاءات الساقطة».

وجدد نائب وزير الخارجية والمغتربين التأكيد على نفيه أن يكون الجيش العربي السوري استخدم «أسلحة لا أخلاقية»، لافتا إلى أن هذه المؤامرة من قبل واشنطن والغرب تأتي دعما للإرهاب و«القاعدة» والنصرة و«سيرون أن أعمالهم هذه ستنقلب عليهم في أوروبا والولايات المتحدة وفي كل مكان يدعم الإرهاب خلافا لقرارات مجلس الأمن». وقال المقداد «إننا أخلاقيون بعكس اللاأخلاقية البريطانية والأميركية التي قتلت من خلالها عشرات الآلاف في ليبيا وأماكن أخرى من العالم». ووصف المقداد مواقف الجامعة العربية بأنها «منحطة»، مشيرا إلى التأثيرات السعودية في هذا المجال والضغوط التي تمارس على باقي الدول العربية.

وفي إطار استعداد قوات النظام والحكومة لمواجهة احتمال توجيه ضربة عسكرية خارجية من القوات الأميركية، رصد الناشطون المعارضون في دمشق تحركات جيش النظام وقوات الأمن داخل العاصمة وفي محيطها. وقال المركز الإعلامي في القلمون، منطقة القطيفة، إنه ومنذ مساء أول من أمس يتم إجلاء عائلات الضباط من المساكن العسكرية، ونقل أغراضهم بسيارات عسكرية إلى منازل تم استئجارها في وقت سابق في مدينة القطيفة بريف دمشق الشمالي، وهناك عائلات أرسلت إلى القرى النائية في المناطق الساحلية. وبحسب المركز الإعلامي تم نقل غالبية راجمات الصواريخ والدبابات من القطع العسكرية وإخفاؤها في مناطق بديلة، كما يتم إفراغ اللواء 155 في القلمون من الآليات، وشوهدت سيارات شحن كبيرة تخرج من اللواء يعتقد أنها تحمل صواريخ سكود، كما لوحظت تحركات كثيفة داخل اللواء قبل خروج الآليات والسيارات الشاحنة.

وقال المركز الإعلامي في القلمون إن «حالة من الذعر والخوف تسود كل عساكر وضباط الفرقة الثالثة وحالة تخبط بين ضباط قيادة الفرقة». وذلك بينما يشهد الطريق الدولي (دمشق - حمص) حركة غير مسبوقة ومرورا لأعداد كبيرة من الشاحنات والمركبات الكبيرة بدأ من يوم أول من أمس.

وفي العاصمة دمشق، قال سكان في منطقة كفرسوسة إن عددا من عناصر الأفرع الأمنية احتلوا منازل في أبنية تنظيم كفرسوسة الفارغة، كما تم احتلال بعض الأبنية غير المكتملة بالقرب من المول الرئيس. كما لوحظ انتشار أمني كثيف في حي المزة وإغلاق لبعض الطرقات في مناطق الإسكان وبنايات الـ14، وفي محيط السفارة الإيرانية على الأوتوستراد، بالإضافة إلى الفيلات الغربية حيث يوجد عدد من منازل كبار المسؤولين في الدولة ومقرات أمنية. كما قال ناشطون إن الأجهزة الأمنية طلبت من السكان في محيط مطار المزة العسكري إخلاء منازلهم. كما قال ناشطون إنه تم إرسال تعميم إلى عدد من المدارس القريبة من المقرات الأمنية داخل العاصمة بتسليم مفاتيحها للمقرات الأمنية القريبة منها، وتم رصد عدة مدارس في حي البرامكة قريبة من فرع أمن الدولة. وقد تم احتلالها من قبل قوات الأمن، منها مدرسة المحدثة للإناث، ومدرسة عبد الرحمن الخازن مقابل ملعب تشرين، ومدرسة المتفوقين، ومدرسة علي مخلوف. كما تم إخلاء الوحدة الأولى في المدينة الجامعية، وأقامت فيها قوات الأمن.

وعلى صعيد الاستعدادات والتدابير التي تتخذها الحكومة طلب رئيس مجلس الوزراء من جميع الجهات الحكومية «استنفار الطاقات الوطنية ورفع الأداء والجاهزية.. لتفويت الفرصة على الأعداء الذين يراهنون على إحداث خلل ما وإرباك» في عمل أجهزة الدولة الخدمية والاقتصادية، لا سيما قطاع الخدمات من كهرباء ومياه شرب واتصالات ومواد غذائية وتموينية ومشتقات نفطية. وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إن الحلقي ترأس أمس اجتماعا «نوعيا» للجنة الخدمات حضره نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات عمر غلاونجي، ووزراء الاتصالات والتقانة والداخلية والكهرباء والموارد المائية والإسكان والتنمية العمرانية والصحة والنفط ومحافظو ريف دمشق وريفها والقنيطرة. وبحثت اللجنة «خطط الجاهزية المقررة لكل جهات الدولة وآليات رفع أقصى درجات الفاعلية للوزارات الخدمية والجهات التابعة لها في المحافظات والإجراءات المتخذة لمواجهة الظروف الحالية» و«إيجاد قواسم مشتركة بين منظومات الإطفاء والدفاع المدني والإسعاف الطبي والمشافي وتوفير المشتقات النفطية»، و«تفعيل أداء المؤسسات العاملة في قطاع النفط وتوفير صهاريج نقل الوقود ومستودعات تخزينه وتوفير الطاقة الكهربائية والاتصالات». وأكد على أن التحديات المقبلة تفرض «توفير الدعم اللوجيستي» للجيش وتعزيز قدرات الشعب على الصمود. وقال إن «هناك احتياطيا استراتيجيا لجميع المواد، والأفران مستمرة في العمل على مدار الساعة» لتلبية احتياجات المواطنين. وأوضح أن تصعيد الحرب الإعلامية وتهويلها يهدف إلى «خلق الذعر والخوف وإرباك الدولة وخلق الفوضى»، مؤكدا أن السوريين يدركون طبيعة هذه الحرب الإعلامية ومستمرون في عملهم وحياتهم الطبيعية.