الإعلام اللبناني يواجه «امتحان الفتنة»

الفوضى تواصل اجتياح المؤسسات

TT

بين السرعة في تغطية الحدث ونقل الخبر وفي أحيان كثيرة «استباق وقوعه» على «الطريقة اللبنانية»، من خلال «برامج التوقعات» التي تلجأ إلى عرضها بعض القنوات في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية، ها هو الإعلام اللبناني اليوم يقف، وكما في كل مرحلة دقيقة مماثلة، أمام تحدي اجتياز «امتحان الفتنة». لكن وإن كان هذا المشهد ليس جديدا، لناحية الفوضى و«حفلات الجنون» التي تجتاح القنوات التلفزيونية على اختلاف تلاوينها السياسية، فإن الأيام الأخيرة شهدت تحركا «متأخرا» و«انتقائيا» وغير منسق من الجهات الرسمية، في محاولة لوضع النقاط على الحروف الإعلامية. وجاء هذا التحرك بعدما بات ظهور «المنجمين» يكاد يوازي ظهور السياسيين والفنانين، وإثر بث برنامج حواري تعرضه قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال «LBCI»، ويقدمه الإعلامي مارسيل غانم، صور جثث متفحمة يوم الجمعة الماضي، قيل إنها من التفجيرين اللذين وقعا الأسبوع الماضي في مدينة طرابلس، ليتبين في ما بعد أنها تعود إلى قتلى من «حركة 20 فبراير» في المغرب عام 2011. وبعد اكتشافها الخطأ الذي أوقعها به أحد الضيوف، اعتذرت القناة في اليوم التالي على موقعها الإلكتروني، ليعود المجلس الوطني للإعلام ويطلب من إدارة القناة تقديم اعتذار مساء أمس (الخميس) في مستهل حلقة البرنامج الأسبوعية. وهذا ما رد عليه رئيس مجلس إدارة قناة «LBCI» بيار الضاهر لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «لقد سبق لنا أن اعتذرنا، ولا مشكلة لدينا من تكرار الاعتذار، لذا سندرس ماذا يمكن فعله ليبنى على الشيء مقتضاه».

وفي حين رأى البعض أن توقيت حلقة برنامج «كلام الناس»، بعد ساعات على وقوع التفجيرين وسقوط مئات الضحايا بين قتلى وجرحى، ولا سيما لجهة ما جاء على ألسنة الضيوف المنتمين إلى قوى سياسية متناقضة، لم يكن موفقا، فإن تداعيات مضمونها أدت في الأيام الماضية إلى خلافات وتضارب في الصلاحيات ومن ثم «مشادات إعلامية» بين القناة من جهة ووزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق، من جهة ثانية، على خلفية توجيه الأخير رسالة إلى رئيس المجلس الوطني للإعلام يطالبه فيها بتوجيه إنذار لمقدم البرنامج، على ضوء ما تضمنته الحلقة ما وصفه بـ«إثارة للغرائز وتأجيج للنفوس، وإذكاء للنعرات وتحريض على الإخلال بالسلم الأهلي والاستقرار العام في البلاد».

لكن وبعد ساعات على الإنذار الذي شنت إدارة القناة هجوما قاسيا عليه وعلى وزير الإعلام، عاد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وأصدر بيانا «يتبرأ» فيه من بيان الوزير، مشيدا بالحلقة التي بثت إثر وقوع تفجيري طرابلس.

وأعلن المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، في اجتماعه الأخير لمتابعة الأداء الإعلامي والبحث في رسالة الداعوق بشأن إرسال إنذار إلى الإعلامي مارسيل غانم، أنه «لا يمكن له (وزير الإعلام) وحسب القانون أن يوجه إنذارا لصحافي، بل لمؤسسة إعلامية، وبناء عليه طلب المجلس من قناة الـ(LBCI) أن تبث مستهل حلقة (كلام الناس) الاعتذار الذي أوردته على موقعها الإلكتروني، كما طلب المجلس من المؤسسات الإعلامية الامتناع عن بث برامج (العرافين والعرافات) لخطرها الكبير على الناس».