مفوضة الأمم المتحدة تغادر سوريا والمعلم يرفض أي تقرير جزئي

أجواء قلق في دمشق وحركة نزوح إلى لبنان * قوات الأمن تحول مدارس إلى مقرات بديلة استعدادا لضربة أميركية

رئيس فريق تحقيق الأمم المتحدة عن الأسلحة الكيماوية يقف خارج مستشفى يوسف العظمة العسكري في دمشق أمس ووصل فريق المفتشين لزيارة جنود قال النظام انهم اصيبوا من هجوم كيماوي (رويترز)
TT

أعلنت دمشق أمس الجمعة رفضها أي «تقرير جزئي» لمفتشي الأمم المتحدة حول الأسلحة الكيماوية، مشددا على ضرورة انتظار «التحاليل المخبرية» للعينات التي جمعتها البعثة. بينما غادرت دمشق مفوضة الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح أنجيلا كين متوجهة إلى بيروت برا كي تغادر من المطار الدولي في لبنان. على أن يغادر باقي أعضاء فريق التحقيق الدولي صباح اليوم السبت.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم أمس الجمعة أن «سوريا ترفض أي تقرير جزئي يصدر عن الأمانة العامة للأمم المتحدة قبل إنجاز البعثة لمهامها والوقوف على نتائج التحاليل المخبرية التي جرى جمعها من قبل البعثة، والتحقيق في المواقع التي تعرض فيها الجنود السوريون للغازات السامة».

ومع مغادرة فريق التحقيق الدولي الخاص باستخدام الكيماوي في هجوم على الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق الشهر الجاري، ارتفعت احتمالات تلقي قوات النظام ضربة عسكرية وشيكة من الولايات المتحدة ودول غربية ردا تأديبا لاستخدام أسلحة كيماوية.

وتخيم على العاصمة أجواء من القلق والترقب في ظل حركة نزوح جديدة للسكان باتجاه لبنان مع تصاعد التوقعات باقتراب الضربة، وانقسم الشارع السوري المعارض مجددا حول الضربة فريق رافض لها متوقعا أن تؤدي إلى إطالة أمد الصراع إذا لم تسقط النظام وفريق رافض لها خشية على أرواح المدنيين وتدمير دمشق إذا كان هدفها فقط تأديب النظام وفريق مرحب بها وهؤلاء غالبيتهم من المناطق المنكوبة لاعتقادهم أن أي ضربة تضعف النظام ستعجل بنهاية المعاناة السورية، أما المؤيدون للنظام والشبيحة فقد جاء التهديد بتوجيه ضربة للنظام فيحاولون شد الهمم والخروج بمسيرات تأييد سيارة في شوارع العاصمة كنوع من استعراض القوة تشتم أميركا والرئيس الأميركي باراك أوباما وتتحداه إن كانت ضربته ستؤثر بقوة النظام، وخرجت مساء أول من أمس الخميس مسيرات بالسيارات جابت منطقة المزة والبرامكة.

بينما تتواصل عمليات نقل عائلات الضباط العلويين إلى لبنان وقرى الساحل وبعض مدن ريف دمشق حيث تسيطر قوات النظام، وفي وسط العاصمة رصد ناشطون احتلال قوات الأمن لأكثر من اثنتي عشرة مدرسة من قبل الأجهزة الأمنية التي حولتها إلى مقرات بديلة استعدادا لتلقي الضربة الأميركية، من تلك المدارس مدرسة بكري قدورة في المزة ومدرسة الزهراء في المزة ومدارس طلعة الإسكان علما بأن طريق طلعة الإسكان في المزة تم إغلاقه منذ يوم الأربعاء، مع انتشار أمني كثيف، ومدرسة الباسل المتفوقين في البرامكة ومدرسة ساطع الحصري في المالكي القريبة من المقرات الرئاسية، ومدرسة المحدثة للإناث في البرامكة ومدرسة عبد الرحمن الخازن مقابل ملعب تشرين ومدرسة علي مخلوف بدخلة نادي المعلمين ومدرسة دار السلام في الشعلان وهي مدرسة خاصة تابعة لكنيسة الفرنسيسكان وفيها دير للراهبات، ومدرسة نهلة زيدان (زهرة دمشق) في المزة ومدرسة المقدسي في الميدان ومدرسة بهجت البيطار في الميدان. كما قامت قوات الأمن باقتحام عدد من المنازل في تنظيم كفر سوسه وأقامت في المنازل الفارغة والشقق التي ما تزال على العظم.

في المقابل خرجت مظاهرات يوم أمس الجمعة في غالبية المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، تحت شعار «وما النصر إلا من عند الله» ومع أن المتظاهرين السوريين لم يرحبوا صراحة بالضربة العسكرية المحتملة إلا أنهم اعتبروها «عملا جراحيا لا بد من استئصال الورم السرطاني في جسد الوطن» ورفع المتظاهرون في مدينة كفرنبل لافتة كتبوا عليها «سرطان استشرى بجسدنا أربعون سنة مزقه في الأخيرتين لن يضيرنا ألم استئصاله وإن أدى للموت لكننا سنعيش».

ووجه متظاهرون في حي العسالي بدمشق رسالة للجيش الحر للتوحد واغتنام الفرصة وكتبوا «إلى الجيش الحر هبت رياحك فاغتنمها... قيادات العالم اجتمعوا وقادتنا متفرقون» وفي بلدة المليحة خرجت مظاهرة حاشدة حمل فيها أطفال لافتات كتبوا عليها «هنا الغوطة هنا ارتكب بشار الأسد أبشع جرائم القرن الواحد والعشرين».

ورغم حالة الارتباك والقلق فإن قوات النظام استمرت في عملياتها العسكرية، وصعدت حدة القصف يوم أمس على عدة مناطق في ريف دمشق مع محاولات اقتحام جوبر والقابون والمعضمية. وقال ناشطون إن مدينة المعضمية تعرضت لمحاولة اقتحام من كافة المحاور أدت إلى حصول اشتباكات عنيفة جدا بين الجيش الحر وقوات النظام، أشدها كان على الجبهة الشمالية والغربية للمدينة، وكما أغارت طائرات النظام على المعضمية وقصفت أحياء سكنية، فيما قصفت المدينة بالمدفعية من جبال الفرقة الرابعة، أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين، وشرقا تعرضت بلدة جوبر المتصلة بحي العباسيين للقصف بقذائف الهاون بشكل كثيف، وعلى المتحلق الجنوبي جرت اشتباكات عنيفة بين مجموعات اللواء أبو موسى الأشعري التابعة للجيش الحر والمرابطة في جوبر وقوات النظام، وأعلن لواء أبو موسى الأشعر تمشيطه مقرات النظام برشاش دوشكا. وجنوب العاصمة قامت قوات النظام بتصعيد القصف على حي العسالي خلال ساعات بعد ظهر يوم أمس الجمعة.