ثلاثة قتلى في اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي «إخوان مصر» في «جمعة الحسم»

الجماعة فشلت في حشد أنصارها مجددا بعد ضربات أمنية

مظاهرات مؤيدة للرئيس المصري المعزول مرسي في جمعة الحسم بمدينة نصر أمس (أ.ف.ب)
TT

سقط ثلاثة قتلى في اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، خلال مظاهرات دعت لها الجماعة أمس، تحت شعار «جمعة الحسم»، للمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي الذي عزله الجيش في يوليو (تموز) الماضي.

وفشلت جماعة الإخوان المسلمين مجددا في صناعة مشهد حاشد، لكنها أظهرت أيضا تعافيا نسبيا لأكبر فصيل منظم في البلاد بعد ضربات أمنية متلاحقة طالت قيادات الصف الأول للجماعة، وكوادرها الوسيطة في أغلب المحافظات.

وخرجت عدة مظاهرات في العاصمة المصرية اتسمت في معظمها بالسلمية، واستخدمت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في حي المهندسين بالجيزة حاولوا التقدم باتجاه ميدان مصطفى محمود، لكن مواجهات عنيفة وقعت بين أنصار جماعة الإخوان ومعارضيها في عدد من محافظات دلتا مصر ومدن القناة، سقط خلالها ثلاثة قتلى و36 مصابا بحسب بيان رسمي لوزارة الصحة المصرية، بينما شهدت مدن في محافظات الجنوب اشتباكات بين الشرطة ومؤيدي مرسي.

وقال أحد المشاركين في مظاهرة إخوانية في حي الهرم بمحافظة الجيزة المتاخمة للقاهرة، ويدعى أحمد الصغير، إن «قوات الأمن تفرض حصارا على المظاهرات التي تخرج في كل مكان، لو أتيح لنا التحرك بحرية سترون الحشد الحقيقي المؤيد للشرعية».

وشددت قوات الجيش والشرطة من وجودها في الشارع بشكل ملحوظ، وظهرت للمرة الأولى مصفحات الجيش فوق معظم الجسور التي تربط القاهرة بمحافظة الجيزة، كما فرضت حصارا على مناطق رئيسة في المحافظتين، ومنعت حركة السير فيها أمام السيارات والمارة.

وعزل قادة الجيش مرسي في 3 يوليو الماضي، تحت ضغط المظاهرات الشعبية التي خرجت في 30 يونيو (حزيران) الماضي، كما فضّت قوات الأمن بالقوة اعتصامين لمؤيدي مرسي في القاهرة والجيزة في 14 أغسطس (آب) الحالي، مما تسبب في موجة مواجهات دامية سقط خلالها مئات القتلى.

ووجهت السلطات الأمنية في مصر ضربات متلاحقة لقيادات الصف الأول في الجماعة، وألقت القبض على المرشد العام للجماعة محمد بديع، واثنين من نوابه خيرت الشاطر ورشاد البيومي، وعدد من قيادات مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية في الجماعة) وقيادات حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة.

كما ألقت السلطات أيضا القبض على عدد كبير من القيادات المحلية في معظم محافظات البلاد، مما أصاب الجماعة بارتباك شديد ومباغت، انعكس بقوة على مظاهرات دعت لها الجمعة الماضي.

وقال القيادي الشاب محمد القصاص، الذي فُصل من جماعة الإخوان عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل عامين ونصف العام، إن «الاتصالات التنظيمية داخل الجماعة لم تنقطع بالتأكيد لكنها ضعفت، وأمام الإخوان وقت لتعويض القيادات الوسيطة التي تم القبض عليها».

وتحدث القصاص الذي يعد أحد أبرز قيادات ثورة 25 يناير خلال مشاركته في مسيرة «لا للشرعية ولا للتفويض» بميدان سفنكس بحي المهندسين في الجيزة، التي دعت إليها حركة «أحرار» التي باتت تعرف بـ«الميدان الثالث» الرافضة لجماعة الإخوان، ولما تصفه أيضا بـ«عسكرة الدولة». وأضاف القصاص لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة لا تعتمد حاليا على كوادرها، لكنها تعتمد على الحشد الإعلامي، وتوجه رسالتها للمتعاطفين معها.

وشهدت الأيام الماضية تكثيفا إعلاميا لقيادات الجماعة الهاربة. وبثت قناة «الجزيرة مباشر مصر» مقاطع مصورة للقيادي الإخواني محمد البلتاجي قبل القبض عليه أول من أمس، كما بثت أيضا مقاطع للقيادي الإخواني عصام العريان، وعضو مكتب إرشاد الجماعة عبد الرحمن البر، والقيادي الإسلامي عبد المنعم عبد المقصود، دعوا خلالها المواطنين للتظاهر أمس الجمعة.

وبخلاف مسيرات صغيرة خرجت في عدد من أحياء القاهرة، شهد حي مدينة نصر (شرق القاهرة)، أكبر مظاهرة إخوانية، شارك فيها نحو 5 آلاف متظاهر في مسيرة توجهت إلى قصر الاتحادية الرئاسي، وسط تشديد أمني ملحوظ.

ورفع المتظاهرون رايات صفراء مطبوع عليها إشارة رابعة العدوية (كف مرفوع يشير بأربع أصابع)، كما رفعوا لافتات تحمل كلمة «سلمية»، و«صوتي» بالإنجليزية (My voice) في إشارة للانتخابات التي جاءت بمرسي إلى الحكم في 30 يونيو عام 2012، وردد المتظاهرين أيضا هتافات منددة بما وصفوه بـ«الانقلاب العسكري».

ورفع عدد من المشاركين في مسيرات بأحياء شعبية ومدن بمحافظات مصر لافتات تحمل تاريخ اليوم (30/8)، مما أعاد إلى الأذهان المظاهرات التي كانت تخرج ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا.

وأغلقت قوات الجيش الطرق المؤدية للقصر الرئاسي، وحرمت أنصار الجماعة من الاحتشاد في عدد من الميادين الكبرى بالقاهرة، بعد اتهامات للجماعة باستخدام العنف ضد الدولة، ومخاوف من وجود مسلحين وسط المظاهرات.

وشهدت عدة مدن مصرية في محافظات دلتا مصر اشتباكات بين أنصار جماعة الإخوان ومواطنين، كانت أبرزها في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية مسقط رأس مرسي خلفت قتيلين و8 جرحى بحسب مصدر طبي في المحافظة.

وفي محافظة بورسعيد (شرق القاهرة) قال مصدر أمني إنه سقط قتيل و22 مصابا جراء الاشتباكات التي وقعت في بورسعيد بين مؤيدي ومعارضي جماعة الإخوان.

كما شهدت مدينة الإسكندرية مواجهات بين مؤيدي ومعارضي مرسي في عدة أحياء بالمدينة. وقال مصدر أمني في الإسكندرية إن قوات الشرطة ألقت القبض على 5 من أعضاء «تنظيم الإخوان» بحوزتهم سلاح خرطوش وعدد من القنابل الحارقة، أمام مسجد القائد إبراهيم، والذي أغلقه المواطنون عقب صلاة الجمعة خوفا من تحصن أنصار الإخوان به.

بينما نشبت اشتباكات أقل حدة في مدن المنصورة بمحافظة الدقهلية، وطنطا في محافظة الغربية، ودمنهور بمحافظة البحيرة أسفرت عن سقوط جرحى.

ورصد القيادي اليساري البارز عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وجود ما وصفه بـ«تنظيم وحشد أكبر» مما شهدته مظاهرات الجمعة الماضي، مشيرا إلى أنها لا تزال محدودة في معظم الأماكن.

وأضاف شكر: «يمكن كذلك رصد تمويل أكبر لمظاهرات الإخوان، فالإعلام واللافتات التي ظهرت في المظاهرات تشير إلى وجود دعم مالي للجماعة.. هذه المظاهرات مصروف عليها».

وقال شكر: «ما أكدته مظاهرات الإخوان أننا لسنا في نهاية المطاف، فالجماعة باقية وعلى الجميع إدراك ذلك، لا بد من استيعاب الجماعة وإيجاد مخرج سياسي للأزمة».