تفاقم الوضع الإنساني في حلب.. وتهافت على الخبز والدواء

ناشطون: الأزمة مقتصرة على أحياء يسيطر عليها النظام

TT

حذر ناشطون سوريون في حلب من تفاقم الوضع الإنساني في المناطق التي تسيطر عليها القوات النظامية في المدينة، حيث ازداد الطلب «بشكل جنوني» على السلع الغذائية الضرورية والأدوية، منذ بدأ الحديث عن اقتراب الضربة العسكرية الغربية على مواقع تابعة للقوات النظامية.

ويرجع الناشطون هذه الأزمة إلى «تهافت السكان على شراء السلع الغذائية الضرورية مثل الخبز والطحين، فضلا عن شراء الأدوية والمواد المستخدمة في المنازل مثل الغاز»، وهي سلع أساسية «بدأت تفقد من السوق، وسط تقاعس حكومة النظام السوري عن توفيرها».

وازدادت تلك الاحتياجات بعد سيطرة المعارضة السورية على آخر معبر بري تستخدمه القوات النظامية لإمداد قواتها المحاصرة في حلب بالأسلحة والذخائر، وهو معبر خناصر الاثنين الماضي، بهدف قطع طرق الإمداد عن القوات النظامية. وتسببت سيطرة المعارضة على المنطقة بقطع الطريق الوحيد المؤدي إلى المدينة، مما جعلها تفتقد لإمداد المواد الغذائية والطاقة، وهو ما أشعل الأسعار مجددا.

لكن ناشطين، ينفون أن تكون السيطرة على معبر خناصر سببا في النقص في المواد الغذائية الضرورية والأدوية في حلب. ويقول عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة في حلب ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا المعبر «كانت تستخدمه القوات النظامية لإمداد السلاح وليس للمواد الغذائية»، مؤكدا أن المعبر الرئيس لوصول الأدوية والمواد الإغاثية إلى مدينة حلب، يقع على المدخل الجنوبي للمدينة، وهو معبر بستان القصر، فيما يعتبر خناصر خط الإمداد العسكري.

وكانت كتائب معارضة إسلامية أغلقت معبر بستان القصر في حلب، خلال شهر رمضان الماضي الذي يفصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وأخرى تسيطر عليها القوات النظامية، مما أثار موجة استنكار ضد كتائب دولة العراق والشام الإسلامية قبل أن تعيد فتحه.

وتدخل الأدوية إلى حلب عبر طريقين، الأول هو خط الإمداد الجوي، حيث يتولى الهلال الأحمر السوري توزيع الأدوية وتوفيرها في المراكز الصحية، كما يمر عبر الهلال الأحمر السوري من أكثر من معبر. ويعمل المعارضون، بحسب الناشطين، على تسهيل دخول سيارات الهلال الأحمر المحملة بالأدوية عبر معابر تسيطر عليها المعارضة، بغية توفيرها في السوق، على الرغم من أن مسؤولين في النظام يتهمون الهلال الأحمر بإيصال مساعدات طبية إلى مجموعات المعارضة، وهو ما ينفيه الناشطون.

ويرجع النجار هذا النقص إلى إجراءات عسكرية اتخذتها القوات الحكومية في مطار باب النيرب، عندما ازداد الحديث عن ضربة عسكرية متوقعة. ويوضح أن «القوات النظامية بدأت تستخدم الطائرات التي كانت تنقل المواد الإغاثية والأدوية، لأغراض عسكرية، منها نقل الذخائر وكبار الضباط من المطار الذي كان متوقعا أن يتعرض للقصف الغربي». ويضيف: «الأدوية كانت تتوفر عبر الشحن الجوي الذي استثمرته القوات النظامية لنقل الاحتياطات العسكرية خلال الأيام الأخيرة، مما أثر على مستوى توافر الخدمات في أسواق حلب»، مشددا على أن الأزمة موجودة في المناطق التي يسيطر عليها النظام «بسبب تنصله من مسؤولياته تجاههم».

وتقول مصادر المعارضة السورية إن القوات النظامية لا تزال تسيطر على نحو 40% من مدينة حلب، فيما يسيطر مقاتلو الجيش الحر على 60% من أحيائها. وهو ما ينفيه النظام. وتخوض المعارضة اشتباكات واسعة مع القوات الحكومية في الأحياء المحيطة بسجن حلب المركزي، ومطار النيرب المدني والعسكري القريب من حيي الشعار وطريق الباب، فضلا عن مواقع أخرى.

ويتخوف السكان في مناطق سيطرة النظام من أزمة، بدليل «توجيه صرخات للمنظمات الإغاثية وللهلال الأحمر الذي يتولى نقل المساعدات والسلع الضرورية إلى تلك المناطق». ويقول النجار: «حجم الاحتياجات في تلك المناطق كبير، وتوفيرها ليس من مسؤولية الجمعيات الإغاثية بل من مسؤولية النظام الذي تخلى عن الأسواق والمناطق التي يوجد فيها»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون هناك ظواهر غير اعتيادية في تلك المناطق، مؤكدا إلى أن سعر قارورة الغاز «لا يزال 4000 ليرة سورية (ما يعادل 15 دولارا)، وهو سعرها قبل بدء هذه الأزمة الأخيرة».

وتغيب هذه الأزمة عن المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب، إذ يقول ناشطون إن سكان هذه المناطق «لا يشعرون بأزمة مشابهة بسبب تدني مستوى الخوف من الضربة العسكرية»، بالإضافة إلى «الاكتفاء الذاتي الذي يحيط بمناطقهم، إذ تعد مصادر تمويلهم بالسلع الغذائية والطبية الأساسية، مختلفة عن مصادر المناطق التي يسيطر عليها النظام».