إنهاء توتر حدودي بين السودان وجنوب السودان والبشير يقدم دعوة رسمية إلى سلفا كير لزيارة الخرطوم

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تأجيل زيارة سلفا كير بسبب التوتر

TT

أعلنت دولة جنوب السودان انسحاب القوات المسلحة السودانية من بلدة حدودية كانت قد دخلتها الأسبوع الماضي، مما دفع المنطقة إلى التوتر، بينما أكد متحدث باسم الجيش السوداني إنهاء التوتر بين البلدين، وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن أسباب تأجيل زيارة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى الخرطوم كانت بسبب دخول القوات السودانية إلى داخل حدود بلاده، وقالت إن الرئيس السوداني عمر البشير نقل رسالة إلى كير يؤكد فيها انسحاب قواته من جودة، في وقت شدد فيه قيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان على أن الاستفتاء في منطقة أبيي المتنازع عليها سيتم إجراؤه في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لكنه رهن ذلك بزيارة كير إلى السودان.

وقال عضو البرلمان في دولة جنوب السودان عن دائرة منطقة الرنك في أعالي النيل دينق قوج لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش السوداني انسحب من منطقة جودة وانطو في ولاية أعالي النيل بعد أن دخلها مسافة 45 مترا داخل حدود جنوب السودان، معتبرا أن الضغوط التي مارستها اللجنة الأفريقية الخاصة بالحدود بين السودان وجنوب السودان أدت إلى سحب الخرطوم لقواتها، وقال إن حكومة بلاده مارست ضبط النفس بصورة عالية، ولم تحشد قواتها حتى لا تحدث مواجهات، وأضاف: «الحقيقة أن الجيش السوداني انسحب بعد ضغوط من الاتحاد الأفريقي وجوبا، وتم فتح المعبر لحركة المواطنين، ودخل مواطنو جودة العالقون في حدود السودان»، وقال إن الاتحاد الأفريقي قام بشكل مفاجئ ومن على الأقمار الصناعية بتحديد النقطة الصفرية التي تختلف عما موجود في الخرائط التي تم اعتمادها من قبل، والتي خلقت مشكلة في الوقت الراهن.

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد في تصريحات صحافية إلى وكالة السودان للأنباء الرسمية إن محادثات جرت بين مديري الاستخبارات في السودان وجنوب السودان، وتم إنهاء التوتر بين البلدين في منطقة جودة دبة الفخار في ولاية النيل الأبيض، مشيرا إلى أن اجتماعا مهما تم عقده في المنطقة أدى إلى إنهاء التوتر واحتواء الموقف، وقال إن أحد مخرجات ذلك الاجتماع قيام الفرق الميدانية بزيارات لمناطق التماس الحدودية، وإن الزيارات سوف تستمر حتى يحدث استقرار كامل على الحدود.

من جهة أخرى، كشفت مصادر عليمة فضلت حجب اسمها لـ«الشرق الأوسط» أن من أسباب تأجيل زيارة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، التي كان المقرر لها اليوم إلى موعد آخر سوف يتم تحديده في وقت لاحق، التوتر الحدودي بين الدولتين الأسبوع الماضي في منطقة جودة، حيث تبادل الطرفان الاتهامات في إدخال قوات كل طرف في حدود الدولة الأخرى، غير أنهما تمكنا من احتواء الأزمة بعد تدخل الاتحاد الأفريقي، وقالت المصادر إن الرسالة التي بعث بها البشير عبر سفيره في جوبا دكتور مطرف صديق إلى رئيس جنوب السودان كانت لإزالة التوتر، وأكد فيها الدعوة إلى كير لزيارة الخرطوم.

وقال صديق في تصريحات للإذاعة السودانية أمس إن الرسالة أكدت على أن القمة المرتقبة بين الرئيسين ستناقش القضايا المشتركة بين البلدين، وتعزيز أواصر التعاون والصداقة بينهما.

من جانبه، قال رئيس قطاع العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان إبراهيم غندور، إن بلاده تضع دولة جنوب السودان ضمن أولوياتها، مشيرا إلى أن الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها كير للخرطوم تشكل خطوة مهمة في اتجاه تعزيز العلاقات بين الدولتين، وتجاوز كل القضايا الخلافية العالقة، معربا عن أمله في أن تسهم الزيارة في تفويت من يراهنون على العودة إلى المربع الأول.

إلى ذلك، قال القيادي في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان الدكتور لوكا بيونق لـ«الشرق الأوسط» إن من حق شعب دينكا نقوك في منطقة أبيي التعبير عن موقفه بالانضمام إلى أي من دولتي السودان وجنوب السودان عبر الاستفتاء المتوقع إجراؤه في أكتوبر المقبل، لكنه رهن إجراء الاستفتاء ونجاحه بنتائج زيارة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى الخرطوم في الفترة المقبلة، وقال إن انفراج علاقات البلدين يمكن أن يقود إلى تشكيل إدارة المنطقة والإسراع في تشكيل مفوضية الاستفتاء، وأضاف: «في حال عدم الخروج باتفاق بين الرئيسين حول استفتاء أبيي، فإنه يتوجب على جنوب السودان قيادة حملة دبلوماسية محكمة للتأثير على الرؤساء الأفارقة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بالضغط على الخرطوم لقبول نتائج الاستفتاء الذي سيجري في أكتوبر»، مشيرا إلى أن هناك إجماعا دوليا على أهمية قيام الاستفتاء بعد موافقة مجلس السلم والأمن الأفريقي على مقترح الوسيط ثابو مبيكي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بيونق إن حق عشائر قبيلة دينكا نقوك، التي تسكن في أبيي أن يرفعوا قضية في محكمة العدل الدولية ضد السودان، الذي يماطل في تنفيذ اتفاق سياسي بين البلدين، وأضاف: «دينكا نقوك من حقهم إجراء الاستفتاء في أكتوبر في حال رفض السودان والاستعانة بأعضاء المفوضية التي قامت بإجراءات استفتاء جنوب السودان في 2011»، وتابع: «لكن هذا يحتاج لموقف واضح من حكومة جنوب السودان»، ولم يستبعد أن تقود تلك الضغوط إلى تدخل الأمم المتحدة وفرض للوصاية على المنطقة إلى حين قيام الاستفتاء أو إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي في حال فشل الطرفين في التوصل إلى حل للقضية، وقال إن ذلك يتطلب جهدا دبلوماسيا للتأثير على مواقف موسكو وبكين اللتين تقفان إلى جانب إلى الخرطوم لمصالحهما الاستراتيجية والتجارية، غير أنه رجح أن يجمع دينكا نقوك أكثر من 60 ألف توقيع، وإعلان أبيي منطقة تابعة لجنوب السودان.

ويعقد مجلس السلم والأمن الأفريقي على مستوى رؤساء الدول، اجتماعا حاسما بشأن قضية أبيي في الأسبوع الثالث من سبتمبر المقبل، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك، بينما تجتمع الآلية الأفريقية مع رئيس الإيقاد رئيس الوزراء الأفريقي هايلي ماريام ديسالين بأديس أبابا اليوم لوضع اللمسات النهائية للتقرير الذي سيعده الاتحاد الأفريقي بشأن القضايا العالقة بين الخرطوم وجوبا، إلى جانب قضايا داخلية في الدولتين.