إخوان مصر يلجأون لتكتيك «المظاهرات الخاطفة» للبقاء في المشهد السياسي

دعوا أنصارهم للتظاهر يوميا وسط مؤشرات عن تصدع تحالفهم مع قوى إسلامية

TT

تجمع العشرات من جماعة الإخوان المسلمين في حي المهندسين في محافظة الجيزة، فجأة ودون سابق إنذار، ورفعوا لافتات صفراء مطبوع عليها كف يشير بأربعة أصابع يرمز لميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة)، الذي قتل فيه مئات من أنصار الجماعة منتصف الشهر الماضي.

وردد المتظاهرون هتافات منددة بقادة الجيش بعد أن تجمعوا على مدى اليومين الماضيين، قرب تقاطع شارعي شهاب وسوريا في الحي الذي شهد خلال الشهر الماضي اشتباكات عنيفة، بين أنصار الجماعة وأهالي الأحياء الشعبية القريبة منه. تحلق حولهم المارة يرقبونهم محتفظين بمسافة كافية بعيدا عنهم، فيما أبدى سائقو السيارات استياءهم وأطلقوا آلات التنبيه في غضب.

ويقوم أنصار الإخوان منذ يوم أول من أمس بمظاهرات صغيرة في أماكن متفرقة تستمر عدة ساعات قبل أن تنصرف فيما يشبه تكتيك «المظاهرات الخاطفة». وكانت هناك مظاهرات مماثلة في عدة ضواح في القاهرة والجيزة، لكن لا يبدو أنه سيكون لها تأثير يذكر.

شابة محجبة، عرفت نفسها باسم سارة، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نلتزم السلمية ونعبر عن آرائنا.. هل أصبح هذا الأمر ممنوعا بعد الانقلاب»، في إشارة إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي.

هتفت سارة بحماس «يسقط يسقط حكم العسكر»، وهو الهتاف الذي طالما رددته قوى ثورية وهاجمه أنصار الإخوان، خلال عام ونصف العام من إدارة المجلس العسكري للبلاد عقب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011.

تقول سارة وهي ترفع رمز رابعة العدوية: «لقد أخطأت جماعة الإخوان والرئيس مرسي خلال العامين الماضيين لكن لا يمكن مقارنة الأخطاء بخطايا دعم الانقلاب والانقضاض على مكتسبات ثورة 25 يناير 2011 وقتل الناس في الشوارع.. لماذا كل هذه الدبابات في مواجهة الهتافات».

ومنذ نحو أسبوعين تنتشر في شوارع حي المهندسين مصفحات الجيش، وتغلق آليات عسكرية أحيانا الشارع أمام حركة السيارات، خاصة الشهر الماضي بعد أن حاول أنصار جماعة الإخوان الاعتصام في ميدان مصطفى محمود القريب من هنا، عقب فض اعتصامي رابعة العدوية بالقاهرة، وميدان النهضة بمحافظة الجيزة يوم 14 أغسطس (آب) الماضي.

وفشلت جماعة الإخوان على مدار الأسبوعين الماضيين في تنظيم حشد ضخم لأنصارها، بعد أن ارتبكت صفوفها مع توالي الضربات الأمنية التي طالت قيادات الصف الأول في الجماعة، والقيادات المحلية في محافظات البلاد.

لكن جماعة الإخوان بدأت على ما يبدو في استعادة قدرتها على التواصل والتنظيم، بعد أن بدا أنها فقدتها لحد بعيد خلال الفترة الماضية.

وأصدرت جماعة الإخوان أمس بيانا عنونته: «انتهى عهد النوم والراحة حتى نسترد الثورة»، دعت فيها أنصارها إلى التظاهر اليومي في مختلف ميادين وشوارع البلاد. وقالت إنه لن يهدأ لها بال حتى يتم إسقاط النظام الحالي. وتعهدت بأن يستمر أنصارها في فعالياتهم، قائلة إن المتظاهرين «سيملأون الميادين والشوارع يوميا ويصعدون من فعالياتهم السلمية وسيبتدعون وسائل سلمية جديدة حتى يتم استرداد الثورة».

وبدا لافتا أن تصدر الجماعة بيانها بشكل منفرد بعد أن اعتادت أن تتحرك خلال الشهرين الماضيين تحت مظلة «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي يضم عدة أحزاب إسلامية.

وفي مؤشر على بدء تصدع في صف التحالف الوطني نقلت تقارير محلية على لسان محمد حسان، المستشار الإعلامي لـ«الجماعة الإسلامية» أحد أبرز مكونات التحالف، قوله إن «التحالف وافق بشكل مبدئي على المبادرة التي يقوم عليها عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، والتي تهدف إلى التهدئة، وتحاور جميع الأطراف، لحل الأزمة الراهنة».

وتشمل مبادرة الزمر تعليق المظاهرات المناوئة للجيش، في مقابل إطلاق سراح قيادات في الجماعة والقوى الإسلامية المتحالفة معها ووقف الملاحقات الأمنية لرموز التيار الإسلامي.

وخلال عام من حكم الرئيس السابق مرسي، نظمت قوى معارضة له مظاهرات ضد نظامه، تحولت في أغلبها إلى مواجهات دامية مع قوات الشرطة، ولم تحدث تأثيرا يذكر.. لكن نشطاء دشنوا حملة «تمرد» للتوقيع على استمارة سحب الثقة من الرئيس والدعوة لانتخابات مبكرة انتهت إلى عزله، بعد انضمام فئات شعبية واسعة للحملة. ويبدي نشطاء ليبراليون ويساريون تخوفات من أن يفضي صراع أجهزة الدولة الأمنية مع جماعة الإخوان التي باتت تعتبرها جماعة إرهابية، إلى عودة ما يصفونه بـ«النظام القمعي»، لكن لا يزال العداء الشعبي الواسع للجماعة يبقي تلك الأصوات خافتة إلى حد بعيد.

واستقال في وقت سابق من الشهر الماضي الدكتور محمد البرادعي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية المؤقت، احتجاجا على فض قوات الأمن اعتصامي مؤيدي مرسي بالقوة، وهو ما تسبب في موجة من الاتهامات للرجل الذي شارك بقوة في توافق الجيش والقوى السياسية على خارطة للمستقبل عقب الإطاحة بمرسي.