«14 آذار» تشترط وضع حزب الله سلاحه بتصرف الدولة مقابل قبول مبادرة بري

جنبلاط يؤيد الدعوة إلى الحوار «للحيلولة دون انزلاق لبنان نحو الهاوية»

TT

تلقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مبادرة طرحها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري السبت الماضي، لتخليص لبنان من «الوضع المتراكم والمتفاقم»، على نحو إيجابي، فيما قاربت قوى «14 آذار» المبادرة بحذر، من دون أن تبدي رفضها أو موافقتها، مجددة مطالبتها بإقرار استراتيجية دفاعية تحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.

وقال جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الإلكترونية، إنه «مع استمرار حالة الانقسام العمودي بين اللبنانيين حول قضايا جوهرية ومركزية، ومع تواصل احتدام الأزمة السورية التي تنتقل نيرانها تدريجيا نحو لبنان، ومع تفاقم الأزمة المعيشية والاجتماعية.. فضلا عن نمو الدين العام والترهل الإداري وعجز الخزينة، لا شك أن الحزب التقدمي الاشتراكي يؤيد كل دعوة للحوار بين اللبنانيين لأنها تصب في خانة المواقف التي دأب على تكرارها للحيلولة دون انزلاق لبنان نحو الهاوية».

ورأى جنبلاط أن انعقاد هيئة الحوار مجددا «مناسبة لمحاولة إعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس وتجديد الدعوة لكل الأطراف للخروج من المستنقع السوري وفي مقدمهم المقاومة (حزب الله) التي تحوّلت بندقيتها بعيدا عن إسرائيل، في حين أن وظيفتها لا يمكن أن تكون إلا على الحدود، كما قال الرئيس بري وليس في الداخل اللبناني أو أي موقع، وهو ما يحتّم إعادة فتح النقاش حول الخطة الدفاعيّة الوطنية الشاملة».

واعتبر رئيس جبهة النضال الوطني أن «معاودة الحوار فيها مصلحة وطنيّة بصرف النظر عن وجود أو غياب حكومة جديدة، كما قال رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، إذ إنه بقدر ما هو مطلوب توفير الظروف الملائمة لاستئناف الحوار بين اللبنانيين، بقدر ما هو مطلوب أيضا عدم القفز فوق المؤسسات الدستوريّة وتهميش دور أي حكومة جديدة تضع في صلب أولوياتها إعادة ضبط الوضع الأمني ومتابعة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المتراكمة».

وكانت معظم قيادات قوى «14 آذار»، علقت مشاركتها في جلسات الحوار الوطني على خلفية عدم التوصل إلى تسوية حول سلاح حزب الله. وتعد مناقشة الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله أبرز العراقيل التي حالت دون الاتفاق على حل للقضايا اللبنانية الداخلية العالقة.

وتصر قوى «14 آذار» على التمسك بإعلان بعبدا منطلقا للمشاركة في جلسة الحوار الوطني، متقاطعة مع موقف الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي أعلنه أول من أمس وشدد على ضرورة اللقاء حول طاولة هيئة الحوار الوطني لمتابعة مناقشة الاستراتيجية الوطنية للدفاع انطلاقا من التصور الذي وضعه بتصرف أعضاء الهيئة والشعب اللبناني استنادا إلى إعلان بعبدا. وعلى هذا الأساس، يبدو أنها تلقفت المبادرة بتحفّظ، حيث جدد عضو حزب «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا مطالبته الرئيس نبيه بري بتوضيح مبادرته حول سلاح المقاومة على الحدود. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان المقصود بمبادرة الرئيس بري أن كل سلاح خارج إطار الدولة مرفوض، معطوفا على القرار 1701 الذي يؤكد أن لا وجود لأي سلاح غير شرعي جنوب الليطاني في الجنوب، فإننا نرحب بالمشاركة بالحوار».

ورأى زهرا أن في دعوة رئيس البرلمان «التباسا لجهة الاعتراف بالمقاومة»، معتبرا أن «سلاح المقاومة لم يعد هناك مبرر له، في حين لا تعترف الدولة اللبنانية بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة». وأكد «إننا لا نمانع المشاركة بالحوار والاعتراف بنتائجه إذا كان مستندا إلى إعلان بعبدا»، مشددا على أنه «لن نوافق على حوار من دون سقف وضع سلاح حزب الله بتصرف الدولة اللبنانية». وعدا ذلك «يعتبر الحوار تقطيعا للوقت وإلهاء للبنانيين وتعليقا لهم بآمال كاذبة».

وسأل زهرا، تعليقا على دعوة بري لمناقشة العراقيل التي تحول دون تشكيل الحكومة على طاولة الحوار: «هل يوافق الرئيس بري على مناقشة جدول أعمال مجلس النواب على طاولة الحوار؟»، مشددا على أن «تشكيل الحكومة منوط بالمؤسسات وليس بطاولة الحوار».

وكان بري قد اقترح السبت الماضي، على الرئيس سليمان «خريطة طريق للتنصل من الوضع المتراكم والمتفاقم، تلخص بالشروع فورا بالحوار ولمدة 5 أيام متصلة، يدعى إليه رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، على جدول أعماله شكل الحكومة الجديدة وبيانها، ومنح الجيش حقه بتطويع 5 آلاف جندي جديد لإنقاذ البقاع وطرابلس وكامل الحدود الشمالية من فوضى السلاح والمسلحين، ومناقشة وسائل إخراج التداخل اللبناني من الوضع السوري، وإعادة الحوار إلى قانون الانتخاب، وبحث الاستراتيجية الوطنية للدفاع». وأعلن بري أن «كل سلاح خارج سياق سلاح الجيش وسلاح المقاومة على الحدود مرفوض».

وانسحب التقدير حيال مبادرة الرئيس بري على تيار المستقبل، لجهة توضيح «الغموض» الذي يكتنف بند سلاح المقاومة. وأعلن عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح أن «البحث جار في مبادرة بري، لكن هناك نقاطا غامضة كموضوع المقاومة في الجنوب، إذ إن المقاومة الآن ليست في الجنوب». وقال في حديث تلفزيوني: «إذا كانت المقاومة في الجنوب فهناك القرار 1701 الذي يرفض وجود المسلحين والسلاح في جنوب الليطاني، ويبقى الحل إذن في الاستراتيجية الدفاعية التي يحاول فريق (8 آذار) الهروب منها لأن من خلالها ستكون مرجعية السلاح للجيش اللبناني والدولة اللبنانية».

بدوره، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أنّ «مبادرة برّي هي مناورة، لأنّه يضع صلاحيات سليمان ورئيس الحكومة المكّلف تمام سلام على طاولة الحوار». وأكد فتفت في حديث تلفزيوني أنّ «تيّار المستقبل» مستعدّ أن يذهب إلى حوار وحكومة إذا عملت الأطراف كلّها بـ«إعلان بعبدا».

من جهته، شدد عضو كتلة «الكتائب» النائب ايلي ماروني على أن «كل مبادرة تكون مشروطة بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة هي مبادرة مرفوضة عند جزء كبير من اللبنانيين»، معتبرا في حديث لوكالة «أخبار اليوم» أن «هذه المعادلة أضرّت بلبنان وأوصلته إلى ما وصلنا إليه اليوم من دخول في الوحول السورية، خصوصا أن المقاومة لم تعد مقاومة، وبالتالي لم يعد هناك أي مقاومة لإسرائيل بل أصبحت سلاحا في الداخل تعمل للهيمنة على القرار السياسي».