تصاعد السجال بين ميقاتي والمفتي بعد توقيف شيخين في تفجيري طرابلس

الحكومة اللبنانية تنفي «ادعاءات» دار الفتوى بشأن «فبركة» تقارير أمنية بحق علماء

TT

يأخذ الصدام بين دار الفتوى اللبنانية ورئاسة الحكومة اللبنانية منحى تصاعديا، خصوصا بعد اتهام دار الفتوى أمس «الجهاز الأمني المرتبط برئيس الحكومة اللبنانية»، في إشارة إلى شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن الداخلي، بـ«فبركة تقارير أمنية بحق بعض العلماء المسؤولين في دار الفتوى». واستدعى اتهام دار الفتوى ردا من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عبر بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، انتقد إدخال دار الفتوى الأجهزة الأمنية في «مهاترات»، نافيا ما ورد فيه من «ادعاءات».

ويأتي بيان دار الفتوى بعد أيام من توقيف الأجهزة الأمنية رئيس مجلس قيادة حركة «التوحيد الإسلامي» الشيخ هاشم منقارة، المعين من دار الفتوى إماما لمسجد عيسى بن مريم في مدينة طرابلس، شمال لبنان، بتهمة «كتم المعلومات»، وذلك في التحقيقات التي تجريها على خلفية تفجيري طرابلس، التي بدأتها بتوقيف الشيخ أحمد الغريب، عضو «حركة التوحيد».

واعتبرت دار الفتوى في بيانها أمس أن «رئاسة مجلس الوزراء دأبت في الآونة الأخيرة على استخدام سلطتها بمزاجية مطلقة، خصوصا فيما يتعلق بدار الفتوى وشؤونها ومعاملاتها الإدارية وحتى البروتوكولية وصولا إلى المعلومات التي وردتنا أخيرا عن قيام الجهاز الأمني المرتبط إداريا برئيس الحكومة مباشرة بتلفيق التقارير الأمنية المفبركة بحق بعض العلماء المسؤولين في دار الفتوى واتهامهم زورا بتشكيل عصابات مسلحة بغية الإيقاع بهم في وقت لاحق كيدا وانتقاما». وقالت إن «هذا التدبير والافتراء للانتقام هو شأن خطير لا يمكن السكوت أو غض البصر عنه، وليس من عادتنا الاستسلام له».

وحذرت دار الفتوى «كل من تسول له نفسه من مغبة الاستهداف في إطار نهج الأحقاد الكيدية المتبعة في التعامل مع علمائها المسؤولين فيها». وأعربت عن أسفها «لعدم مصداقية من يتولون بعض الأجهزة في لبنان ويسخرونها لخدمة أغراض البعض»، داعية الجميع إلى «العودة إلى الله وإلى الدين وقيمه وأخلاقه في الصدقية والأمانة والشهامة، والابتعاد عن الكيدية والافتراء والاستنسابية والكذب».

واستدعى بيان دار الفتوى ردا سريعا من رئاسة مجلس الوزراء، التي استغربت البيان ونفت «ما ورد فيه من مزاعم وادعاءات مفبركة فعلا، لغايات لم تعد خافية على أحد»، مبدية «أسفها الشديد لأن يحاول البعض في دار الفتوى زج الأجهزة الأمنية في مهاترات لن تحول دون التأكيد على وجوب إعادة الأمور إلى نصابها، اللهم إلا إذا كان هذا البيان، ينبه بشكل استباقي أو وقائي الأجهزة الأمنية كافة، التي ستبقى العين الساهرة على أمن البلاد، إلى القول: (كأني بالمريب يقول خذوني)».

وقال نائب رئيس المجلس الشرعي المناهض لقباني، الوزير السابق عمر مسقاوي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «ليس من مقام دار الفتوى أن تتدخل بأمور أمنية مماثلة، وهذا لا يليق بمفتي الجمهورية، خصوصا أنه يتدخل في التحقيق بملف تفجيرين أمام مسجدين في طرابلس»، معتبرا أن مواقف قباني «دليل إضافي على صوابية وجهة نظرنا وعدم وفاقنا مع سياسته؛ إذ لا يجوز له الدخول في تفاصيل مع جهاز أمني أو السجالات مع رئاسة الحكومة التي يفترض أنها مرجعه الإداري».

يذكر أنه نتج عن هذا التباين في وجهات النظر وجود مجلسين شرعيين؛ أحدهما مدد لنفسه نهاية العام الماضي من دون العودة إلى المفتي، والثاني انتخب قبل نحو 5 أشهر بإيعاز من قباني، في ظل مقاطعة واسعة. وكان 82 عضوا من أصل 104 أعضاء يمثلون الهيئة الناخبة قد وقعوا قبل بدء شهر رمضان المبارك عريضة لعزل المفتي قباني، كان متوقعا أن يعاد تحريكها بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، قبل أن ترمي الملفات الأمنية بثقلها على الساحة اللبنانية. وجدد المجلس الشرعي المناهض لقباني في اجتماعه الأخير الخميس الماضي نداءه للمفتي «كي يبادر بكل احترام لشخصه إلى موقف يليق بالمقام العالي الذي تولى مسؤوليته وليفتح الطريق لقيادة جديدة تقي الأمة ذلك الجدل ويفتح صفحة جديدة لنا من العمل للمصلحة الإسلامية العليا».

وبلغت مقاطعة قباني أوجها مع كسر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي العرف السائد بأن يصطحب رئيس الحكومة المفتي من منزله صباح عيد الفطر لأداء صلاة العيد؛ إذ امتنع عن الذهاب أو إيفاد من يمثله، فتوجه قباني منفردا محاطا بأنصاره وعدد من العلماء التابعين له.