الاستثمار في المستقبل للسيدات بآسيا

برنامج «ويدو» لـ «تعليم السيدات» من خلال تبرعات واستثمارات القطاع الخاص

TT

قام ماريو فيرو وماري ساواي، اللذان حصلا عام 2009 على برنامج الماجستير في التنمية من كلية لندن للاقتصاد، بتأسيس برنامج لمساعدة السيدات في جنوب شرقي آسيا على الحصول على التعليم العالي. ويهدف هذا البرنامج، الذي يحمل اسم «تعليم السيدات» ويعرف اختصارا باسم «ويدو» إلى مساعدة السيدات من خلال تبرعات واستثمارات القطاع الخاص.

وخلال الـ18 شهرا منذ انعقاد أول ورشة عمل، نجح البرنامج في الحصول على 130.000 دولار، وهو ما يوفر الدعم لخمسة طلاب فقط، لكنه يخطط للتوسع بصورة سريعة والعمل على استيعاب 1500 طالب بحلول عام 2017.

وتهدف هذه المنظمة، التي تم تسجيلها في بريطانيا لكنها تتخذ من بانكوك مقرا لها، إلى تطبيق خدماتها في المدارس الثانوية الكبرى في المنطقة النامية لجنوب شرقي آسيا – أي بلدان المنطقة باستثناء سنغافورة وماليزيا وبروناي، والتي يتم تصنيفها على أنها دول متقدمة.

ويضم برنامج «ويدو» لجنة مكونة من 10 أعضاء لفحص الطلاب المتقدمين للانضمام للبرنامج، وتعتمد اللجنة في تلك الاختبارات بصورة جزئية على البحث عن الطلبة الذين لديهم القدرة على القيادة والالتحاق بالجامعات لكنهم يفتقرون إلى الموارد المالية اللازمة. وقال فيرو «نحن ندعم الطلاب الذين لديهم القدرة على القيادة والحاصلين على درجات علمية، في الرياضيات أو اللغة الإنجليزية مثلا. وجود ممولين في عملية الاختيار يجعلنا دائما مسؤولين عن مستوى الجودة التي نلتزم بها للمولين. وإذا انخفض مستوى الجودة، فسينخفض التمويل فورا».

وأضاف فيرو أن عملية الفحص دقيقة وصارمة للغاية، حتى يتم الحفاظ على مصداقية البرنامج. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، أعلنت جاكلين نوفوغراتز، وهي كاتبة معروفة والمديرة التنفيذية لصندوق «أكومين» الذي يستثمر في شركات تدعم الفقراء، أعلنت عن تأييدها لبرنامج «ويدو» وأصبحت سفيرة البرنامج عبر العالم.

وقال فيرو (31 عاما)، الذي عمل مستشارا لمؤسسة «برايس ووترهاوس كوبرز» في موطنه بإيطاليا لمدة ثلاث سنوات، إن برنامج «ويدو» يسعى لتطبيق الممارسات الاستثمارية المرتبطة عادة بالقطاع الخاص، بدلا من مجرد توزيع الأموال على الطلاب. وأضاف فيرو «عندما يكون هناك رجل أعمال لامع، سوف يقوم هذا الشخص الرأسمالي المغامر بمنح المال وتقديم المشورة مقابل مقعد في مجلس الإدارة. إنه نوع من المغامرة المالية».

وسيقدم برنامج «ويدو» عددا محدودا من المنح الدراسية التي يحصل من خلالها عدد من الطلاب على التمويل الأصغر، ويكون مطلوبا منهم سداد 10 في المائة من دخلهم في المستقبل خلال فترة تصل إلى 10 سنوات – باستثناء من يشغل وظائف منخفضة الأجر وذات قيمة اجتماعية عالية. وسوف يتم استخدام تلك العائدات في استكمال التمويل المقدم من المانحين لتوسيع خدمات المشروع.

ويطلب البرنامج من المتبرعين الاشتراك بشكل فعال في عملية اختيار الطلاب وتوجيههم. وقال فيرو إن المشروع واجه العديد من التحديات أهمها إقناع الجهات الآسيوية المانحة والمتطوعين بالانخراط في برنامج لم ينجح بعد في ترسيخ اسمه بالشكل المطلوب. وأضاف فيرو أن هذه المشكلة موجودة في كل مكان، لكنها تمثل تحديا خاصا في قارة آسيا التي تولي اهتماما كبيرا لأسماء الشركات والعلامات التجارية اللامعة.

ونتيجة لذلك، تأتي معظم التبرعات من مصادر غربية، إما في شكل تبرعات لا ترد أو في شكل جوائز: حيث حصل البرنامج على جائزة من جامعة كمبردج عام 2012 باسم «أفضل مشروع اجتماعي خلال العام»، ووصلت قيمة الجائزة إلى 5.000 جنيه إسترليني أو ما يعادل 8.000 دولار.

وبالمثل، فإن الأوروبيين والغربيين يشكلون غالبية العاملين في البرنامج – نصفهم بأجر والنصف الآخر متطوعون – والموجهين المتطوعين. وعن ذلك يقول فيرو: «من المهم لأسباب تتعلق بالاستدامة أن يكون الاستثمار من قبل جهات محلية، ولكن الحقيقة هي أن معظم المتبرعين غربيين. تأثير العلامة التجارية يعني أننا نواجه مشكلة في جذب المواهب المحلية، وهو ما أثر بشكل واضح على تكوين فريق العمل لدينا».

ويركز البرنامج بصورة كاملة على قارة آسيا، وهو ما ينعكس في اختيار مقره في بانكوك، علاوة على توجيه جهوده فقط للطلاب الذين يرغبون في البقاء في المنطقة أثناء الدراسة – ويعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى الخوف من تشجيع هجرة المواهب من البلاد.

وبالنسبة لساواي (29 عاما)، وهي عاملة سابقة في الأمم المتحدة، فإن أحد التحديات الكبرى للتنمية الاقتصادية في المنطقة يتمثل بصورة مباشرة في المواقف التقليدية تجاه التعليم والمساواة بين الجنسين، لا سيما العدد الصغير نسبيا من النساء في التعليم العالي. وتقول ساواي «نحن نستهدف تنمية القيادات الشابة من السيدات، ووجدنا أن بعض الوظائف تحتاج لمن يحمل تعليما جامعيا».

وتظهر البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة أن النساء يشكلن أقل من 10 في المائة من المشرعين والنواب في العديد من البلدان الآسيوية الأقل نموا مثل بوتان. ولا يعمل برنامج «ويدو» حاليا في تلك البلدان، لكنه يعتزم التوسع عبر المنطقة بأسرها. وتعد الأنماط السلوكية التي تبقي البنين في الصدارة والبنات في الخلف في المدرسة أحد العوامل الثقافية التي تحد من التحاق الفتيات بالجامعات. وتقول ساواي «عندما نظمنا ورشة عمل في كمبوديا، لم يكن هناك سوى ثلاثة أو أربعة أولاد، ولكن خلال الوقت المخصص للأسئلة والأجوبة، كان البنين وحدهم هم من يرفعون أيديهم لطرح أسئلة. بعد خمسة أسئلة، طلبنا من الفتيات أن يرفعن أيديهن إذا كان لديهن أي أسئلة واضطررنا للانتظار قليلا وقمنا بحثهن على الكلام».

* خدمة «نيويورك تايمز»