مصادر ليبية لـ «الشرق الأوسط»: خيانة وتسريبات أمنية وراء عملية اختطاف ابنة السنوسي

«المقارحة» يهددون بالانتقام وقطع المياه عن طرابلس.. ووزير العدل يناشد الثوار التدخل

TT

اشتعل الوضع الأمني والسياسي في ليبيا مجددا، وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية وارتباك شديد داخل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة الانتقالية بعد تعرض العنود ابنة عبد الله السنوسي صهر العقيد الراحل معمر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية الأسبق لعملية اختطاف مفاجئة مساء أول من أمس لدى خروجها من أحد سجون العاصمة طرابلس.

وأبلغ مسؤول أمنى ليبي «الشرق الأوسط» بأن عملية تحقيق رسمية غير معلنة بدأت أمس وسط شكوك فيما وصفه بوقوع خيانة مؤكدة من داخل الأجهزة المسؤولة عن نقل ابنة السنوسي من محبسها بعد الإفراج عنها إلى أهلها تمهيدا لانتقالها إلى الجنوب الليبي.

ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن عملية الخطف التي تعتبر أحدث مؤشر على إخفاق السلطات الليبية في ضبط الأمن في الداخل بعد أكثر من عامين على الإطاحة بنظام القذافي عام 2011.

وبعد ساعات من العملية، ظهر مقطع فيديو مصور قبل عملية الاختطاف للعنود وهي ترتدي حجابا بملابس سوداء وتجلس مع أحد المسؤولين الأمنيين، حيث نفت تعرضها لتعذيب وأكدت تلقيها معاملة طيبة خلال فترة اعتقالها.

وتناقلت أمس عدة مواقع وصفحات ليبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«توتير»، معلومات عن مقتل العنود بعد خطفها، لكن مسؤولين في الحكومة الليبية ومقربين من أسرة السنوسي نفوا أمس صحة هذه المعلومات، لكنهم أكدوا في المقابل عدم حدوث أي اتصال حتى الآن مع الجهة الخاطفة.

وهددت قبيلة المقارحة التي ينتمي إليها السنوسي بالانتقام، حيث أعلن بيان منسوب لأعيان وشيوخ القبيلة أنه تقرر إغلاق مطار سبها الدولي وإيقاف جميع الرحلات، بالإضافة إلى قطع وإغلاق الطريق العام الرابط بين الجنوب والشمال.

كما أعلنت القبيلة عزمها إيقاف محطات الطاقة الكهربائية لمنظومة النهر الصناعي المغذية لشمال ليبيا مما يعني قطع تدفق المياه للعاصمة طرابلس.

وفي أول رد فعل رسمي بعد اختطاف العنود ابنة السنوسي الذي يعتبر بمثابة الصندوق الأسود لنظام القذافي، أطاح الدكتور على زيدان رئيس الحكومة الانتقالية بوكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية عمر الخذراوي وقرر أمس رسميا إعفاءه من مهامه من دون تقديم أي تفسير.

لكن وكالة الأنباء المحلية نقلت عن مصادر مقربة من الخذراوي أن القرار جاء بناء على طلبه الاستقالة منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، مشيرة إلى أنه لمح أخيرا بأنه سيغادر الوزارة قريبا.

وكان صلاح المرغني وزير العدل أعلن رسميا في مؤتمر صحافي عقده بطرابلس مساء أول من أمس أن اختطاف ابنة السنوسي تم أثناء خروجها من السجن فور الإفراج عنها، بعد أن أمضت عقوبة مدتها 10 أشهر في قضية دخول البلاد بجواز سفر مزور نهاية العام الماضي.

وقال المرغني إن عملية الخطف حدثت على بعد نحو مائة متر من بوابة سجن يقع في ضواحي طرابلس، وهي في الطريق لتسليمها إلى أهلها الذين كانوا ينتظرونها في مطار طرابلس. وأضاف: «هاجم مسلحون كانوا في خمس سيارات الموكب المؤلف من ثلاث سيارات الذي كان ينقل العنود السنوسي لدى خروجها من السجن وخطفوها».

وروى المسؤول الليبي أن القافلة التي كانت تنقل ابنة السنوسي والمكونة من ثلاث سيارات إحداها كان يستقلها وكيل وزارة العدل مع اثنين من المسؤولين بالوزارة، فوجئت بكمين نصبته مجموعة مسلحة يبدو أنها منظمة تنظيما عاليا، حيث أطلقت النار وقامت بعملية الاختطاف بعد عجز أفراد الحراسة عن حمايتها.

وتابع: «هذه المجموعة وصفت أعضاء القافلة بأوصاف مهينة سياسيا، ولم يراعوا أن ما يقومون به هو واجب وطني وجزء أساسي من حالة الثورة الليبية التي ما قامت إلا من أجل إحقاق الحق ورفع الظلم»، مؤكدا أن «ما وقع اليوم هو ظلم وجريمة وقعت على مواطنة ليبية لا ذنب لها، وهي إهانة لجميع الليبيين ولطمة في وجه ثورة 17 فبراير (شباط) التي ما قامت إلا لتعزز مكارم الأخلاق».

ولفت إلى أن السلطات المختصة بوزارة الداخلية والشرطة القضائية وبالتعاون مع اللجنة الأمنية العليا قامت باتخاذ الإجراءات القانونية لعملية البحث والتحري التي ما زالت جارية.

وبعدما دعا إلى الإفراج عن العنود فورا، أكد أن العثور عليها «من مسؤولية الحكومة والثوار السابقين وكذلك الأسرة الدولية».