القضاء العسكري بمصر يسجن 52 لاعتدائهم على الجيش والمنشآت وقطع الطرق

استنفار أمني في ميدان التحرير وانخفاض عدد المشاركين في مظاهرات الإخوان

TT

قضت محكمة عسكرية مصرية أمس بالسجن مددا تتراوح بين 25 عاما وخمس سنوات على 52 مصريا يعتقد أنهم ينتمون للتيار الإسلامي، بعد إدانتهم بالاعتداء على قوات الجيش في مدينة السويس على خلفية عزل الرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو (تموز) الماضي. وشهد يوم أمس استنفارا أمنيا في ميدان التحرير بالقاهرة وعدة محافظات بعد دعوة أنصار مرسي للتظاهر، إلا أنه لوحظ الانخفاض في عدد المشاركين فيها، رغم حالة الحشد الإعلامي التي سبقت الدعوة للتظاهر تحت عنوان «الانقلاب هو الإرهاب».

وأصدرت المحكمة العسكرية بالسويس أحكاما بالبراءة بحق 12، من بين 64 متهما يعتقد أنهم من أنصار الرئيس السابق، وقضت في الجلسة نفسها أمس، بالسجن المؤبد لواحد، والسجن المشدد لثلاثة متهمين وبعقوبات تراوحت ما بين خمس إلى عشر سنوات على 48 آخرين.

وقال بيان على صفحة المتحدث العسكري المصري على «فيس بوك» إن تلك الأحكام جاءت ضد المتورطين في أعمال العنف والبلطجة بمدينة السويس خلال أحداث يومي 14 و16 الشهر الماضي، مشيرا إلى أن النيابة العسكرية كانت قد وجهت لهم تهم «استعمال القوة والعنف ضد عناصر التأمين التابعة للجيش الثالث الميداني المكلفة بتأمين المواطنين والمنشآت الحكومية والممتلكات العامة وحيازة أسلحة خرطوش وذخيرة وعبوات حارقة وزجاجات المولوتوف».

وعقب تحقيقات مكثفة استمرت منذ القبض على المتهمين بداية من يوم 14 من الشهر الماضي، وجهت النيابة لهم اتهامات منها التحريض والاتفاق والمساعدة على قتل مواطنين وإحراق ثلاث كنائس وحرق خمس مدرعات تابعة للجيش الثالث الميداني في السويس، والاعتداء على المنشآت العامة، وقطع الطرق، وإشاعة الفوضى في السويس، خلال الأحداث التي شهدتها المدينة عقب فض قوات الأمن لاعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر يوم 14 الشهر الماضي. وبدأت محاكمة المتهمين يوم 24 الشهر الماضي.

وأضاف المتحدث العسكري أن المحكمة كفلت كل الضمانات للمتهمين ودفاعهم طبقا لقانون الإجراءات الجنائية والاستماع إلى أقوال الشهود والاطلاع على كل المستندات وملفات القضايا، وأعطت الفرصة كاملة لدفاع المتهمين حتى اطمأنت عقيدة المحكمة إلى حكمها الصادر أمس، مشيرا إلى أنه يجري ترحيل المتهمين إلى السجون المدنية المختصة لتنفيذ العقوبة الموقعة عليهم.

وعقدت الجلسة أمس داخل المنطقة العسكرية في منطقة عجرود على طريق «القاهرة -السويس». وقال مصدر قضائي إن من بين التهم التي أدين بسببها المحكومون ووجهتها لهم النيابة العسكرية: التحريض والاتفاق والمساعدة على قتل مواطنين وحيازة أسلحة نارية وطلقات خرطوش بالإضافة إلى تهم بالاعتداء على منشآت عامة وقوات الجيش، وقطع طرق، وإشاعة الفوضى.

وأثناء فض قوات الأمن لاعتصامي ساحتي رابعة العدوية ونهضة مصر، شهدت السويس اشتباكات بين مؤيدين لمرسي ومعارضين له، مما أدى لاندلاع النيران في كنائس «الآباء الفرنسيسكان» و«الراعي الصالح»، والكنيسة «اليونانية الإنجيلية» بالمدينة وتحطم محتوياتها، وإصابة كاهن كنيسة «الراعي الصالح» وعدد من العاملين في كنيستي الفرنسيسكان والإنجيلية.

يشار إلى أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على كثير من قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين وعدد من الشخصيات الإسلامية المتحالفة معها، خاصة من الجماعة الإسلامية، بعد أن شهدت البلاد موجة من العنف إثر الإطاحة بالرئيس مرسي. ومن بين المحالين للتحقيقات كبار قيادات الإخوان بمن فيهم مرشد الجماعة وأعضاء بمكتب الإرشاد ومسؤولين سابقين في الحكومة التي عينها مرسي العام الماضي.

ويواجه مرسي نفسه، والمحال لمحكمة الجنايات تهما بالتحريض على القتل أثناء مظاهرات لمناوئين له أمام قصر الاتحادية الرئاسي، وشهدت اشتباكات بين أنصاره ومعارضيه أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل، بينهم الصحافي الحسيني أبو ضيف.

ميدانيا، لم تسجل المظاهرات التي دعا لها أنصار جماعة الإخوان أمس أي حشود ذات شأن يمكن أن تغير في المجرى السياسي وخارطة الطريق التي أعلنها الحكام الجدد من خلال تعديل الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، في وقت تواصلت فيه المبادرات في محاولة للانتهاء من حالة الشد والجذب بين السلطات وأنصار جماعة الإخوان.

وبينما اتخذت قوات الجيش والشرطة إجراءات أمنية مشددة في شوارع عدد من المدن الكبرى، نظم أنصار مرسي أمس مسيرات ومظاهرات محدودة بمناطق متفرقة بالمدن الكبرى، استجابة لدعوة أطلقها قياديون فيما يعرف بـ«التحالف الوطني لدعم الشرعية» المكون من الإخوان وبعض قادة التيار الإسلامي. وجرى تنظيم المظاهرات تحت عنوان «الانقلاب هو الإرهاب»، تركزت بالقاهرة الكبرى في ضواحي الهرم والدقي والمهندسين ومدينة نصر والمعادي وحلوان، إلا أنه لوحظ الانخفاض في عدد المشاركين فيها.

ورفع المتظاهرون الشعار الأصفر لكف يد بأربعة أصابع في إشارة إلى ساحة «رابعة العدوية»، كما رفع بعض المتظاهرين شعارات تندد بالحكام الجدد وتطالب بعودة الرئيس السابق لمنصبه.

وفي أثناء ذلك شهد ميدان التحرير انتشارا عسكريا مكثفا وقامت قوات الجيش بغلق مدخل الميدان من ناحية كوبري قصر النيل ونشرت عدة آليات في اتجاه ميدان عبد المنعم رياض المجاور وأمام المتحف المصري، والشوارع المتفرعة من الميدان في «محمد محمود» و«طلعت حرب» و«شمبليون»، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات في منطقة «سيمون بوليفار» المؤدية إلى السفارتين الأميركية والبريطانية وعدة فنادق كبرى ومقار حكومية ونيابية.

وفي أحدث محاولة لتخفيف حدة الاحتقان وإقناع بعض الإسلاميين المتشددين بالرضوخ إلى الواقع الجديد والعمل ضمن خارطة المستقبل أو خارطة الطريق، أعلن تحالف يطلق على نفسه «ثوار مصر» دعمه لمبادرة كان قد أطلقها الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الحكومة، لتجنيب مصر أي مخاطر داخلية أو خارجية، وذلك من خلال فتح قنوات حوار جادة مع «كل من لم تتلوث أيديهم بالدماء أو حمل السلاح ضد الشعب والجيش والشرطة».

وقال عامر الوكيل، المنسق العام للتحالف، إن أولى الخطوات التي سيتخذها التحالف: الشروع في إطلاق حوار مجتمعي في جميع المحافظات والجامعات، بداية من أول الشهر المقبل، لـ«مواجهة الفكر بالفكر والإرهاب بالقوة والعدل على أن يقود هذا الحوار مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام».