لبنان: الهيئات الاقتصادية تضرب اليوم احتجاجا على الجمود والتعثر في تشكيل الحكومة

شقير يطالب بإعادة «العلاقة الجيدة مع دول الخليج العربي»

TT

تقفل مؤسسات مصرفية وتجارية وسياحية لبنانية أبوابها، اليوم، التزاما بدعوة الهيئات الاقتصادية في لبنان لإضراب عام، احتجاجا على حالة الجمود وتعذر تشكيل حكومة جديدة، وذلك في ظل تعثر الأفرقاء اللبنانيين في الاتفاق على تشكيل الحكومة المنتظرة برئاسة الرئيس المكلف تمام سلام، على أن تعلن اليوم عن مجموعات خطوات للمرحلة المقبلة.

وقد تحركت الهيئات الاقتصادية اللبنانية على خط الأزمة السياسية العالقة، في محاولة لتوجيه رسالة إلى المعنيين بأن الفشل في تشكيل حكومة وزيادة المشاكل السياسية والتوترات الأمنية في البلاد يؤثران سلبا على الواقع الاقتصادي اللبناني المتأثر أصلا بتداعيات الأزمات في المنطقة.

وقد أوضح محمد شقير، رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة في لبنان، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا «إننا نسعى لتحريك المياه الراكدة على الصعيد السياسي»، وشدد على أن مطلب الجميع واحد وهو تأليف الحكومة، لافتا إلى أنه «إذا استمررنا في الضغط، عبر التصعيد، فإننا سنصل إلى مطلبنا».

وتابع شقير أن الهيئات الاقتصادية «تطالب بحكومة تنظر في مصلحة الشعب اللبناني، وتنظر في شؤون الناس، أولا، ومصلحتهم الاقتصادية»، مؤكدا على أن لبنان يحتاج اليوم إلى «حكومة تعيد الثقة للمغترب اللبناني والمواطنين العرب والخليجيين والأجانب بلبنان، لأنه لا ثقة في لبنان اليوم». وشدد شقير على «اننا بحاجة اليوم إلى حكومة تعيد العلاقة الجيدة مع دول الخليج العربي تحديدا، لأن مصلحة لبنان في علاقة طيبة مع دول الخليج»، لافتا إلى أن «65 في المائة من الدخل السياحي في لبنان يأتي من دول الخليج تحديدا وليس من الدول العربية بأكملها، كما أن 60 في المائة من صادراتنا تذهب إلى دول الخليج العربي، كما أن 80 في المائة من الاستثمارات الخارجية في لبنان هي خليجية»، مشددا على أنه «من يفكر في غير العلاقة الجيدة مع دول الخليج، فإنه يكون ضد مصلحة بلده».

وتلتقي الهيئات الاقتصادية اليوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الرئاسي لوضعه في صورة التحرك، كما تعقد مؤتمرا صحافيا ظهرا، تعلن فيه عن خطوات لاحقة لتحركاتها، كما قال شقير. وللعلم، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية ضاغطة نتيجة التوتر السياسي والأمني الذي يلف البلاد، تأثرت فيه السياحة بما يتخطى سائر القطاعات. وتشير آخر الأرقام التي أعلن عنها نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي بول عريس إلى أن نسبة السياحة تراجعت 70 في المائة بالمقارنة مع عام 2010.

وبهدف وضع حد للتدهور الاقتصادي، أعلن وزير الاقتصاد نقولا نحاس عن قيام كل وزير ضمن وزارته بوضع سلسلة إجراءات تهدف إلى تسريع وتيرة الأعمال وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال تمكين مختلف القطاعات من الصمود، أبرزها على صعيد قطاعي السياحة والتجارة، وذلك تمهيدا لاجتماع اقتصادي عام برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأوضح نحاس في حديث إذاعي أن الاقتصاد الوطني لا يعاني من أزمة كيانية إنما هو في حال تراجع بالمقارنة مع السنوات السابقة، مؤيدا صرخة الهيئات الاقتصادية المقررة اليوم.

وأعلنت هيئات اقتصادية أساسية في البلد تأييدها للتحرك، إذ تلتزم جمعية مصارف لبنان، كما اتحاد نقابات موظفي المصارف، بالإضراب الشامل اليوم، فضلا عن التزام نقابة أصحاب محطات المحروقات بالإضراب، إلى جانب جمعيات التجار في معظم المناطق اللبنانية.

وأوضح رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس أن «التدابير التي أعلنت عنها الهيئات الاقتصادية هدفها الضغط على المعنيين لإنهاء حالة الفراغ، لأن الفراغ قاتل»، متمنيا أن يسعى الرئيس سليمان ورئيس الحكومة المكلف إلى تشكيل حكومة في أسرع وقت. وشدد شماس، في حديث تلفزيوني، على أن «المنطلق الأساسي لهذا التحرك هو الحفاظ على الأمن الاقتصادي والسياسي في لبنان».

كذلك أعلنت جمعية تجار النبطية التزام الجمعية بالدعوة للإضراب، مشيرة إلى أن «الوضع الاقتصادي والأمني لم يعد يحتمل، مما يستدعي الإسراع في تشكيل حكومة في أقرب وقت لتأخذ زمام المبادرة في الإمساك بأمور البلاد والعباد». وبدورها، دعت جمعية مصارف لبنان والهيئات الاقتصادية إلى «تفعيل الحوار بين أطراف الإنتاج بهدف الاتفاق على مشروع إصلاحي للواقع الاقتصادي الاجتماعي يعالج حالة الركود الاقتصادي من جهة ومطالب الحركة النقابية من جهة أخرى»، مجددة تأييدها «مطالب هيئة التنسيق وضرورة الإسراع في إقرار سلسلة الرواتب التي وعد بها كل موظفي القطاع العام والعسكريين».

وكان رئيس الهيئات الاقتصادية، الوزير الأسبق عدنان القصار، أكد ضرورة التزام كل المؤسسات الاقتصادية من مصرفية وسياحية وتجارية بالإقفال العام «الذي نريد من خلاله توجيه صرخة إلى مَن يعنيهم الأمر للالتفات إلى الوضع المأساوي الذي وصلت إليه البلاد على كل الصعد»، موضحا أن «الهيئات ليست من هواة اللجوء إلى السلبية ولا من دعاة التعطيل، لكنها وجدت نفسها مضطرة إلى هذا الخيار بعدما لم تتجاوب القوى السياسية مع المناشدات التي كان آخرها المؤتمر الموسع الذي عقد قبل نحو ثلاثة أشهر في (البيال) وحذرنا فيه من مغبة الاستمرار في تجاهل المطالب التي ننادي بها والذي أوصلنا إلى ما نحن عليه من وضع لامس الخطوط الحمراء».