محكمة مصرية توقف بث قناة «الجزيرة مباشر مصر» وثلاث قنوات أخرى

اتهمتها بإثارة الفتنة في البلاد وإهانة الجيش والقضاء والشرطة

TT

قررت السلطات القضائية المصرية، أمس، وقف بث قناة «الجزيرة مباشر مصر» وثلاث قنوات أخرى اتهمتها بإثارة الفتنة في البلاد وإهانة الجيش والقضاء والشرطة. وقضت دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في جلستها برئاسة المستشار حسونة توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف بث قنوات «الجزيرة مباشر مصر» و«اليرموك» و«القدس» و«أحرار 25». وجاء حكم المحكمة بوقف بث القنوات الأربع في ضوء مخالفتها لشروط البث الفضائي المقررة، على نحو استوجب إيقاف بثها وإغلاق مقارها.

وكان عدد من المواطنين والمحامين قد أقاموا دعاوى قضائية تتهم هذه القنوات بتهديد السلم الاجتماعي ونشر شائعات وأخبار كاذبة ومضللة، من شأنها إحداث فتنة في المجتمع بين المواطنين وإثارة الذعر بينهم.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أن قناة «الجزيرة مباشر مصر» وباقي القنوات («اليرموك»، و«القدس»، و«أحرار 25») قامت تحت سمع وبصر الجميع بالخروج عن الحياد المفترض في الإعلام، وخانت الأمانة وميثاق الشرف الإعلامي، وأخذت على عاتقها بث الأكاذيب بعد ثورة الشعب على حكم جماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو (حزيران) 2013. وتصوير الثورة على أنها أكاذيب وتمثيليات أخرجها مخرجون سينمائيون، وأن الجموع التي خرجت في هذا اليوم قلة لا تمثل الشعب المصري، وأن ما حدث هذا اليوم انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية.

وأكدت حيثيات الحكم أن هذه القنوات «نشرت وقائع غير صحيحة ومزيفة لإشاعة الفتنة بين الشعب والجيش، والإساءة إلى جيش مصر العظيم وسبه وتحريض المرتزقة في سيناء على مهاجمة الجيش والشرطة، وسب الشعب بكل فئاته، ووصف القضاة والمهندسين والمحامين وغيرهم من فئات الشعب بألفاظ نابية، ونقل وقائع غير صحيحة ومزيفة، كنشر صور أطفال سوريين قتلى والادعاء كذبا أنهم أطفال مصريون قتلهم الجيش».

واتهمت الحيثيات قناة «الجزيرة» وباقي القنوات الأخرى بأنها حرضت الدول والهيئات الأجنبية على مصر بنقل وقائع وأحداث غير صحيحة، ونشر بيانات ومعلومات كاذبة عمدا لإثارة هذه الجهات ضد مصر مما يضر بالأمن القومي.

وقالت الحيثيات.. «إن قناة (الجزيرة مباشر مصر) ظنناها يوما ملاكا يبارك ثورات الربيع العربي، ويحميها، ولكن تبين أنها ما هي إلا (شيطان مريد) سقطت عنه ورقة التوت بمجرد سقوط الأنظمة الفاشية، وانكشفت سوءاتها، فإذا بها شريك في مؤامرة دولية تهدف إلى تقسيم الوطن وبث الفرقة بين أبنائه، وبينهم وبين الجيش والشرطة، وصولا إلى تمكين جماعة مرفوضة شعبيا من رقاب شعب مصر وحكمه وفقا لما يرونه، ووفقا لمخططاتهم التي تباركها وترعاها منظمات عالمية، ودول وقوى أجنبية لا تضمن خيرا للشعوب العربية والإسلامية، بل لا تضمر خيرا للدين الإسلامي - الذي تدعى جماعات الإسلام السياسي الدفاع عنه والعمل على رفعته».

كما رأت المحكمة أن هذه القنوات قد جاوزت التعاطف والتأييد لفصيل معين على حساب الأغلبية من الشعب إلى التزوير والتلفيق، وقلب الحقائق ونشر أخبار كاذبة ومشاهد ملفقة بقصد استدعاء الخارج على مصر، ودعوة قوى أجنبية لاحتلال مصر مخالفة بذلك أبجديات الشعور بالوطنية والولاء للأرض والعرض وبما يضر الأمن القومي المصري، ويعد مخالفة للدين الحنيف.

وقالت المحكمة إنه يتعين على القائمين على البث الفضائي استخدام السلطات التي منحها لهم القانون، لوقف هذا العبث الإعلامي بأمن مصر، مؤكدة أن استمرار هذه القنوات يمثل استهانة واستفزازا لمشاعر المواطنين عامة في المجتمع المصري والإضرار بالأمن القومي والعبث باستقرار مصر.

ورفضت المحكمة الطلب المقدم من مقيمي الدعاوى باختصام أمير دولة قطر، حيث تبين لها أن الثابت أن النزاع بين المدعين وجهة الإدارة في مصر، فضلا عن أن القنوات الفضائية هي قنوات لها شخصية معنوية، ولها من يمثلها قانونا أمام القضاء بغض النظر عن مالكيها أو مساهمين في رأس مالها، ولذا يكون اختصام أمير قطر في الدعوى الماثلة اختصاما غير ذي صفة، ويتعين إخراجه من الدعوى بلا مصروفات.

ولفتت المحكمة إلى أن العمل الإعلامي في مصر، سواء كان مسموعا أو مقروءا أو مرئيا أو رقميا، يتعين أن يتمتع بوظيفة اجتماعية، فيقيم التوازن بين حرية الرأي والتعبير، ومصلحة المجتمع وأهدافه، وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية، فالحرية حق وواجب ومسؤولية في وقت واحد، والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة. وتقديم ما يهم عموم الناس بما يسهم في تكوين رأي عام مستنير، وعدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم، والالتزام بالضوابط الأخلاقية والقانونية الحاكمة للعمل الإعلامي، الأمر الذي يعد خروجا عن الرسالة الإعلامية بإيذاء المشاهدين، وتثبيط هممهم ونشر الفتنة بينهم بأكاذيب وافتراءات، ويكون ما ارتكبته هذه القنوات مخالفا لكافة القوانين والأعراف والنظام العام والآداب.

يذكر أن المحكمة نفسها قضت أول من أمس بوقف بث قناة «الحافظ» الفضائية وسحب ترخيص شركة «البراهين» القائمة عليها. وصدر الحكم في ضوء الدعوى المقامة التي طالبت بوقف بث القناة ووقف جميع برامجها، نظرا لما تتضمنه تلك البرامج من تحريض على الفتنة والشقاق والكراهية، والسب والقذف والخوض في الأعراض.