هولاند: تسليح المعارضة خيار باريس إذا فشل التحرك الدولي ضد سوريا

مخاوف فرنسية من استهداف بعثاتها الدبلوماسية في لبنان

TT

ثلاث رسائل وجهها الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الألماني في قصر الإليزيه بعد ظهر أمس: في الأولى منها، كشف فرنسوا هولاند عن «الخطة البديلة» لبلاده في حال أخفق الرئيس الأميركي في الحصول على موافقة الكونغرس على توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا. وفي الرسالة الثانية، رد على تهديدات الرئيس السوري التي وجهها لباريس عبر صفحات صحيفة «لوفيغارو» في طبعتها ليوم أمس. أما الرسالة الأخيرة فقد وجهها للرأي العام الفرنسي القلق من عزلة باريس في الملف السوري ولممثلي الشعب، ملمحا إلى أنه لا يستبعد منحهم بشروط حق التصويت للموافقة على سياسته أو رفضها أسوة بزملائهم في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.

وفي الرسالة الأولى، أعاد هولاند التأكيد على أنه «لا يمكن أن تبقى المجزرة الكيماوية التي ارتكبها النظام السوري من غير رد»، لأن الامتناع عن الرد «يعني تهديد أمن المنطقة والعالم». ولذا فإن باريس «تسعى لإقامة أوسع تحالف دولي» قوامه الولايات المتحدة الأميركية وعدد من البلدان الأوروبية والعربية. واستبعد هولاند بشكل نهائي أن تتحرك فرنسا «منفردة وبشكل أحادي» على الرغم من المسؤوليات التي تقع على كاهلها وبسبب القيم التي تحملها. أما إذا لم يتشكل التحالف المذكور ولم تحصل الإدارة الأميركية على الضوء الأخضر الذي تنتظره فإن خطة باريس البديلة، وفق الرئيس الفرنسي، تقوم على تسليح المعارضة السورية.

وقالت مصادر فرنسية دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا لم يحصل رد عسكري على الأسد فإن ذلك سيفسر على أنه إجازة له بالقتل وبالاستمرار في استخدام كل الأسلحة» لضرب شعبه. وتساءلت هذه المصادر عن قيمة المعاهدات الدولية وضرورة احترامها وتحديدا المعاهدتين الموقعتين عامي 1925 و1993 إذا مرت الانتهاكات التي تحصل بشأنها مرور الكرام وإذا أفلت الأسد من العقاب؟

وترى باريس، وفق ما قاله هولاند وما أفادت به المصادر الدبلوماسية، أن انعقاد قمة العشرين في سان بطرسبورغ يومي الخميس والجمعة المقبلين، ثم التئام اجتماع ما يسم «غيمنيش» غير الرسمي بمشاركة وزير الخارجية الأميركي، سيشكلان مناسبة لعملية تشاور واسعة من أجل بلورة أسس تحالف دولي تنضم إليه مجموعة من الدول بحيث لا يكون بالضرورة عسكريا. وقالت المصادر الفرنسية إن ما تريده باريس بيان يوفر الدعم السياسي للموقف الداعي لمعاقبة الأسد «لكن من غير فرض شروط تزيد العملية تعقيدا». وأضافت هذه المصادر «نريد للدول الـ28 أن تقول إنها معنا حتى وإن لم تشارك عسكريا وبشكل مباشر، إذ إن هناك أشكالا واسعة للمساهمة ليست بالضرورة المشاركة في الضربات العسكرية». أما عن تاريخ وتوقيت هذه الضربة فتؤكد المصادر الفرنسية أنها مرهونة من ناحية بموافقة الكونغرس، أقله في مجلس من مجلسيه. ومن ناحية أخرى يمكن أن تتم ما بين تاريخ 12 الحالي والـ22 منه موعد بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة على المستوى الوزاري.

وفي رسالته الثانية، رد هولاند على تصريحات الأسد التي هدد فيها مباشرة بالتعرض للمصالح الفرنسية. وقال الرئيس الفرنسي إن قراءته لمقابلة الأسد جعلته «أكثر عزما» لتنفيذ ما يريد تنفيذه، كما أنها «نزعت الشكوك حول نوايا الأسد» ممن تبقت لديه مثل هذه الشكوك بصدد رغبته «في تصفية كل من لا يوافقونه الرأي». وإذ أعلن هولاند أن بلاده «اتخذت كل التدابير» الاحترازية، فإنه اعتبر أن التهديد سيبقى قائما «ما دام الأسد باقيا في موقعه».

وأفادت المصادر الدبلوماسية أن باريس ستتخوف بالدرجة الأولى من عمليات إرهابية يمكن أن تستهدف مراكزها الدبلوماسية والقنصلية ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط كلها. غير أن الاستهداف الأول، بحسب ما أشارت إليه، يقع في لبنان، مشيرة إلى «ماضي» المخابرات السورية في هذا البلد وللأهداف التي تشكلها وحدات الدول المشتركة في قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان في حال أسهمت بلدانها في العمليات العسكرية المحتملة.

وفي رسالته الثالثة، سعى هولاند لإقناع الفرنسيين بصحة مواقفه، مستبقا اجتماع البرلمان بمجلسيه غدا للنظر في خطط باريس إزاء سوريا، ووسط شكوك وانتقادات حادة من الطبقة السياسية والأوساط الإعلامية التي شددت كلها على «عزلة» فرنسا وعلى «ورطتها» بعد الانسحاب البريطاني وتشاؤمها بصدد ما ستقوم به إدارة أوباما.