مصادر برلمانية تونسية تتوقع استئناف المجلس التأسيسي نشاطه قريبا

بعد تراجع المعارضة عن طلب حله ومطالبتها بتغيير الحكومة فقط

TT

توقعت مصادر برلمانية تونسية أن يعلن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) عن استئناف أنشطة هذا الهيكل الدستوري المنتخب بعد تعليق أعماله يوم 6 أغسطس (آب) الماضي من قبل بن جعفر نفسه.

وكان أكثر من مصدر سياسي وبرلماني توقعوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» استئناف المجلس التأسيسي جلساته العامة منتصف هذا الأسبوع، وعزوا هذا التوقع إلى تراجع المعارضة عن طلب حل المجلس، وإبقائها على مطلب تغيير الحكومة.

وتضغط الكتلة البرلمانية لحركة النهضة في اتجاه استئناف أنشطة البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة، وتطرح فرضيات عديدة بشأن تعليق بن جعفر أنشطة البرلمان؛ من بينها اعتبار رئيس المجلس متخليا، والدعوة إلى عقد جلسة عامة دون حضوره، أو سحب الثقة منه، أو كذلك اعتبار تغيبه تغيبا وظيفيا من أجل ظرف معين، وتعويضه بمحرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس.

ومن المنتظر أن يتوجه بن جعفر اليوم بكلمة إلى التونسيين لم يكشف عن فحواها، بيد أن مصادر مقربة من رئيس البرلمان التونسي قالت إن هذا الأخير يتجه نحو الإعلان عن عودة أنشطة المجلس، وذلك بعد تثمينه «الجهود المبذولة من قبل كل الحساسيات السياسية للتوصل إلى وفاق وطني يفضي إلى الخروج من الأزمة السياسية الراهنة»، وهو ما قد يستجيب للشروط التي أعلنها بن جعفر لعودة أنشطة المجلس التأسيسي.

وكان بن جعفر قد ربط حينها بين تعليق أشغال المجلس وضرورة فسح المجال للتوصل إلى «توافق بين الفرقاء السياسيين» أي بين الحكومة والمعارضة قبل عودة أنشطة البرلمان.

وفي سياق ذلك، قال مفدي المسدي، المتحدث باسم رئيس المجلس التأسيسي لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار استئناف أنشطة المجلس يوجد بيد رئيس المجلس، وإنه لم يتخذه بصفة رسمية، مشيرا إلى ارتياح بن جعفر لتطور المواقف بين الفرقاء السياسيين خاصة فيما يتعلق بإزالة الخطوط الحمراء وقبول مبدأ استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة غير متحزبة تترأسها شخصية وطنية مستقلة، من ناحية، والمحافظة على مؤسسة المجلس الوطني التأسيسي بعد الدعوات المطالبة بحله، من ناحية أخرى.

وأضاف المسدي أن رئيس المجلس التأسيسي أبدى تفاؤلا كبيرا بخصوص مآل المفاوضات السياسية وإمكانية التوصل إلى وفاق ينهي حالة التجاذب السياسي.

في السياق ذاته، عقد البرلمان أمس جلسة عامة اتخذت صبغة استشارية للنظر في الشغور الحاصل على مستوى رئاسة المجلس. وقال النائب وليد البناني من حركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إنه في حالة رفض رئيس المجلس الاستجابة لمطلب النواب غير المنسحبين باستئناف الأشغال، فستتخذ «جبهة تأمين وتسريع الانتقال الديمقراطي» (تشكلت منذ أشهر) إجراءات تصعيدية من بينها الاعتصام داخل المجلس التأسيسي وتنفيذ وقفة احتجاجية أمام مكتب رئيس المجلس التأسيسي.

من جهة ثانية، نفذت الإذاعات العمومية التسع في البلاد إضرابا عن العمل على خلفية رفض تعيينات على رأس البعض منها، والتدخل في خطها التحريري على حد بيان أصدرته نقابة الصحافيين التونسيين.

وهددت رئاسة الحكومة التي ترجع لها مهمة الإشراف على الإعلام العمومي، بخصم مرتب يوم من أجور المضربين عن العمل. وكانت رئاسة الحكومة قد عينت يوم 16 أغسطس الماضي خمسة مديرين جدد لإدارة إذاعات عمومية دون الرجوع إلى هيئة الإعلام المسموع والمرئي.

وكانت سلسلة من الاجتماعات قد عقدت بين رئاسة الحكومة والهيئة المستقلة للإعلام المسموع والمرئي لم تفض إلى مقاربة واحدة بشأن قراءة المرسوم 116 المنظم لقطاع الإعلام، وتمسكت الهيئة بدورها التعديلي وفلسفته المتمثلة بالأساس في تحقيق استقلالية المؤسسات الإعلامية تجاه مراكز الضغط السياسي والمالي، وضرورة الاتفاق العاجل حول شروط موضوعية وآليات شفافة للتعيين على رأس المؤسسات الإعلامية المسموعة والمرئية العمومية.

في غضون ذلك، واصل الطاهر بن حسين، القيادي في «حركة نداء تونس» وصاحب قناة «الحوار» التلفزيونية تصريحاته المنتقدة للترويكا الحاكمة، وقال إن «الحكومة الحالية فاقدة لكل شرعية، وكل من لا يعمل على إسقاطها هو خائن لوطنه»، على حد تعبيره.

ويمثل بن حسين أمام القضاء التونسي يوم 9 سبتمبر (أيلول) الحالي على خلفية دعوته منتصف الشهر الماضي إلى العصيان المدني، والتوقف عن أداء فواتير الهاتف والكهرباء والماء والضرائب المخصصة للدولة.