إضراب الهيئات الاقتصادية في لبنان يشل الحركة التجارية

سليمان دعا إلى تشكيل حكومة جامعة.. وحزب الله يرفضها «مبتورة»

لبناني يسير بجانب مصرف أغلق أبوابه في بيروت أمس ضمن إضراب ليوم واحد أعلنته المؤسسات المالية للضغط على الحكومة (رويترز)
TT

شلّ الإضراب الذي دعت إليه الهيئات الاقتصادية في لبنان احتجاجا على حالة الجمود وتعذر تشكيل حكومة جديدة، معظم مناطق البلاد. ورغم الخلاف الاقتصادي «المبدئي» بين نقابة المعلمين من جهة والهيئات التي تعترض على المطلب القديم الجديد للنقابة حول إقرار سلسلة الرتب والرواتب (زيادة الأجور)، من جهة أخرى، فإن التوافق بينهما تجلّى أمس في الصرخة الاجتماعية الموحدة لناحية الإسراع في تشكيل الحكومة، التي يبدو أن محركاتها لا تزال مطفأة في ظل تمسك كل فريق بشروطه وبانتظار جلاء المشهد الإقليمي بشكل عام، والسوري بشكل خاص.

المصارف في مختلف المناطق اللبنانية لبّت الدعوة للإضراب فأقفلت أبوابها، ما انعكس شللاَ على الحركة التجارية في أسواق المدن والبلدات. في حين شهدت الإدارات العامة والدوائر الرسمية حركة طبيعية وحضر الموظفون إلى مراكز عملهم بشكل عادي.

وفي هذا الإطار، خلال استقبال الرئيس اللبناني ميشال سليمان وفد الهيئات الاقتصادية، شدّد على أن «التطورات الراهنة في المنطقة وخصوصا في سوريا تحتّم على الجميع التزام (إعلان بعبدا) والنأي بالنفس عن مشكلات الآخرين وصراعاتهم».

وأشار سليمان إلى أنّ «لبنان يكاد يكون البلد الوحيد في العالم الذي يتخذ فيه أرباب العمل قرارا بالتوقف عن مزاولة أعمالهم إزاء المخاطر الاقتصادية التي تتهدد البلد، وهو قرار مثابة صرخة لتصويب الوضع، فإنه شدد على أن المعالجة تحتاج إلى سواعد أبناء المجتمع كافة للحفاظ على الأمن الاجتماعي». وشدد على «أهمية تفهم الكتل والقيادات السياسية لهذه الصرخة واتباع الإيجابية في العمل السياسي، وتضافر الجهود من أجل تشكيل حكومة جامعة يشارك الجميع في تحمل المسؤولية من خلالها وانعقاد هيئة الحوار لمواصلة البحث في كيفية الدفاع عن لبنان في وجه الأخطار التي تتهدده ولا سيما منها تحديدا الخطر الإسرائيلي، إضافة إلى أي مواضيع يرغب أهل الحوار في البحث فيها ولا سيما منها تلك المرتبطة بالاستراتيجية الوطنية للدفاع».

من جهة ثانية، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى مواجهة الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان من خلال تحصين جبهته الداخلية وإعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس من خلال العودة إلى «إعلان بعبدا». وقال بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي «نمر في ظروف صعبة ولكن يمكننا حتما مواجهتها والتصدي لمضاعفاتها بتحصين جبهتها الداخلية وإعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس التي اعتمدناها وتكرست لاحقا بإعلان بعبدا».

هذا، وقد أطلق رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، باسم هيئة التنسيق النقابية التي نفّذت اعتصاما أمام وزارة التربية والتعليم العالي، صرخة إلى الشعب اللبناني، دعاه فيها إلى النزول إلى الساحات، لأن لا أحد ينقذ الوضع الراهن إلا الشعب، مؤكدا حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وقال: «نريد حكومة لحماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتلبي المطالب الحياتية والمعيشية والاجتماعية».

غريب، خلال اعتصام نفّذته هيئة التنسيق أمام وزارة التربية، شدّد على أن إقرار سلسلة الرتب والرواتب حق لافتا إلى أن ما يرهق الأهالي هو الزيادات العشوائية في الأقساط المدرسية.

ومن جهته، هدّد رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار بتصعيد التحركات ما لم يصار إلى تشكيل الحكومة، ولفت إلى أن «نجاح الإضراب يؤكد أن الهيئات الاقتصادية على حق وأن ما قامت به هو مطلب كل لبناني وأتى استكمالا لدعوات وصرخات أطلقت سابقا». وقال القصار في مؤتمر صحافي «غايتنا من هذا التحرّك الذي أتى بعد سلسلة تحركات ومناشدات للسياسيين هو الحرص على الوطن أولا وما نراه من تراجع من دور الدولة والاقتصاد لعل هذه الصرخة تلقى آذانا صاغية»، معتبرا أن «الحكومة باتت مطلبا ملحّا في ظل كل ما يحيط بنا من أخطار». وأرف أن «هناك خطوات تصعيدية سيتم اللجوء إليها في حال عدم تشكيل الحكومة وسندرسها في الاجتماعات اللاحقة». وناشد «السياسيين العودة إلى ضمائرهم والتخلّي عن مصالحهم، والتوجّه إلى الحوار من أجل اجتراح الحلول المنتظرة من قبل جميع اللبنانيين من أجل الوصول بالوطن إلى برّ الأمان لأنه إن سقط فالكراسي والمراكز لن يكون لها نفع».

في المقابل، رأى نقولا نحاس، وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، أن هذه الصرخة بغض النظر عن تنظيمها وشموليتها، محقة حتى تستقيم الأمور وتعود الطبقة السياسية إلى الحوار على أي طاولة يعرضها رئيس الجمهورية لتجنيب لبنان الخضات والعواصف التي تمر على المنطقة.

على صعيد آخر، في حين لا تزال المواقف اللبنانية تجمع على ضرورة تشكيل الحكومة، فإن السير بها لا يزال يعيقه الكثير من الشروط والشروط المضادة من قبل تكتلي 8 آذار و14 آذار، وهذا ما عاد وأكّد عليه أمس، الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بالقول: «لن نقبل بحكومة مبتورة بتمثيل مختل لا يعبِّر عن الواقع ولا نبحث عن مقاعد وزارية نكون فيها صورة بلا فعل»، في حين تصر شروط الفريق الآخر على تشكيل حكومة غير سياسية.

وقال قاسم «نحن حريصون على تشكيل حكومة جامعة قادرة على حمل عبء النهوض بلبنان وحمايته من الأخطار والأزمات التي تحيط بالمنطقة. ولا يمكن لأي حكومة أن تنجح إلاَّ إذا تمثل فيها جميع الأطراف بعدل».