بوتفليقة يستقبل قائد أركان الجيش الجزائري بلباس منزلي.. وصوته لا يكاد يسمع

يظهر تلفزيونيا مرة كل أسبوعين للحد من جدل حول شلل مؤسسات الدولة جراء مرضه

عبد العزيز بوتفليقة
TT

تسعى السلطات الجزائرية إلى مواجهة جدل حاد، يثيره منذ شهور غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد بسبب المرض، وذلك عن طريق إظهاره في التلفزيون الحكومي مرة كل 15 يوما وبلباس الراحة. وبسبب مرض الرئيس، توقفت اجتماعات مجلس الوزراء الذي تتخذ فيه القرارات المهمة، مما ترك انطباعا قويا بأن مؤسسات الدولة مشلولة.

وبدا الرئيس بوتفليقة في نشرة الأخبار الرئيسة الليلة قبل الماضية مرهقا، وهو يستقبل قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي «قدم له عرضا شاملا عن الأوضاع السائدة في البلاد وعلى الحدود»، بحسب بيان للسلطات جاء فيه أيضا أن الرئيس «أعطى بهذه المناسبة توجيهات من أجل تعزيز الجهود والإمكانيات لتأمين الحدود». وكان بوتفليقة يحرك ذراعه اليسرى بصعوبة، ويوجه نظراته من حين لآخر إلى الضابط الكبير الذي كان على يمينه.

وتحدث الرئيس بصوت خافت لا يكاد يسمع، بينما كان قايد صالح يشرح له الأوضاع على الحدود المتسمة باضطرابات خطيرة خاصة مع مالي التي يشهد شمالها سيطرة جماعات مسلحة موالية لتنظيم القاعدة، ومع تونس بسبب نشاط لافت لمسلحين، ومع ليبيا بسبب تهريب شحنات كبيرة من السلاح إلى الصحراء الجزائرية، بعد الحرب التي جرت عام 2011.

واللافت أن الرئيس بوتفليقة يظهر تارة مع رئيس الوزراء عبد المالك سلال، وتارة أخرى مع الفريق صالح. وهما أول من استقبلهم مشفاه الباريسي يوم 12 يونيو (حزيران) الماضي، حيث ظهر حينها جالسا بقاعة خاصة بمصحة «ليزانفاليد» العسكرية، مرتديا معطفا أسود وهو يستمع لرئيس الوزراء الذي كان عن يساره، وقائد أركان الجيش الذي كان عن يمينه. وبدا بوتفليقة يومها في وضع جيد نوعا ما، حيث أظهرته إحدى الصور التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية وهو يرتشف القهوة.

وكان آخر ظهور لبوتفليقة في منتصف أغسطس (آب) الماضي عندما استقبل رئيس الوزراء بمقر إقامته بمنتجع «سيدي فرج»، بالضاحية الغربية للعاصمة، حيث يقضي فترة نقاهة ويتابع برنامجا خاصا لإعادة الحركة لوظائفه التي تأثرت من الجلطة الدماغية، التي أصابته في أبريل (نيسان) الماضي.

ويرى محللون أن ظهور الرئيس ببذلة منزلية وهو مريض، لبحث قضايا تهم شؤون الدولة مع أكبر مسؤولين في البلاد، لا يبين أنه عاد لممارسة صلاحياته كرئيس للجمهورية، بقدر ما يبين أنه مريض ويحتاج إلى مزيد من الراحة.

وقال مصدر في التلفزيون الحكومي لـ«الشرق الأوسط» إن السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه هو من يشرف شخصيا على طريقة ظهوره عبر الشاشة، وهو من يختار التوقيت، وهو أيضا من يحدد الأماكن التي توضع فيها الكاميرات في كل مناسبة يظهر فيها الرئيس، خاصة أثناء حملات انتخابات الرئاسة التي شارك فيها بوتفليقة كمرشح للسلطة.

ويملك السعيد بوتفليقة صلاحيات واسعة في إدارة شؤون البلاد، لكنه يحرص على عدم الظهور في الواجهة. ويثير دوره كـ«رئيس جمهورية بالنيابة»، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية وفي المعارضة التي يطالب قطاع منها بتنظيم انتخابات مبكرة، لاختيار خليفة للرئيس على أساس أن المرض أقعده ولم يعد قادرا على ممارسة مهامه.

وجاء ظهور الرئيس تلفزيونيا بعد ساعات قليلة من تصريحات أطلقها رئيس الوزراء مفادها أن «الدولة ليست بحاجة إلى عقد مجلس الوزراء»، بدعوى أن الحكومة تجتمع مرة واحدة في الأسبوع لتسيير شؤون البلاد. وتوقفت اجتماعات مجلس الوزراء منذ ثمانية أشهر بسبب تدهور صحة الرئيس.

ولم يسبق لأي مسؤول في الدولة أن دعا إلى الاستغناء عن مجلس الوزراء، الذي تتخذ فيه كل القرارات المهمة في البلاد، مثل مناقشة برنامج الحكومة والموافقة على مشاريع القوانين، وفيه يجري تعيين أبرز المناصب في البلاد بحسب ما ينص عليه الدستور، وفي إطاره أيضا تعلن حالة الحرب وتعبئة الشعب لخوضها.