عراق ما بعد عام 2003.. تعددت الجيوش والموت واحد

مسؤول أمني: كل من يحمل السلاح خارج إرادة الدولة يعمل في الظلام

TT

الجيوش العراقية دائما بالملايين. فعلى عهد النظام السابق، كان تعداد الجيش العراقي تعدى المليون مقاتل، ضمتهم 5 فيالق وأكثر من 50 فرقة عسكرية، من بينها عدد من الفرق المدرعة التي صنفت كواحدة من أفضل الفرق العسكرية في العالم. وعندما سقط النظام عن طريق الاحتلال الأميركي عام 2003، كان الجيش العراقي آنذاك قد فقد، بسبب غزو الكويت والحصار الطويل (13 عاما)، معظم عناصر قوته، رغم وجود أكثر من 400 طائرة وأكثر من 3000 آلاف دبابة. بجرة قلم واحدة، أسقط بريمر المؤسسة العسكرية العراقية بكل ما تحفل به من تاريخ طويل ومجيد في الكثير من مفاصله.

قرار بريمر فتح الباب أمام تأسيس عدد من الجيوش العراقية، منها ما اتخذ صيغة رسمية مثل الحرس الوطني، أو الشرطة الاتحادية، أو الفرقة الذهبية، أو قوات «سوات». ومنها ما اتخذ صيغا غير رسمية بدءا من «جيش المهدي»، الذي أسسه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عام 2003 وجمده عام 2011. وحتى «جيش المختار» الذي أعلن عن تأسيسه واثق البطاط، الذي وصفه رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه «مخبول» وأن مذكرة قضائية تنتظره، حاله في ذلك حال مؤسس «جيش العشائر» في الأنبار الشيخ علي الحاتم السليمان الذي تطارده هو الآخر مذكرة إلقاء قبض.

وفي ضوء استمرار العمليات الانتحارية بالسيارات المفخخة التي بات التركيز فيها واضحا على المناطق ذات الغالبية الشيعية في بغداد، فإن هناك رؤية مختلفة للدولة عن الأهالي على صعيد عملية حفظ الأمن في هذه المناطق وعموم البلاد.

الناطق باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، يقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «كل من يحمل السلاح خارج إطار سيطرة الدولة يعد خارجا عن القانون، إذ إن السلاح يجب أن يحصر بيد الدولة». ويضيف أن «الهجمة الإرهابية شرسة على العراق وتتطلب من الجميع أن يساعدوا الأجهزة الأمنية من خلال المعلومات، لأن العمل اليوم استخباراتي بالدرجة الأولى، مع تأكيد أن الجماعات الإرهابية بدأت تتبع سياسة التهويل الإعلامي لإحداث أكبر قدر من الضرر النفسي والمعنوي». وأكد معن أن «الدولة هي التي تتصدى للإرهاب، وأن دور المواطن مهم جدا في مجال المعلومات، أما أن يعلن هذا الطرف أو ذاك تشكيل جيوش أو ميليشيات، فإننا نؤكد أن هذه كلها تعمل في الظلام». وحول ما يقال عن استهداف تنظيم القاعدة مناطق معينة وإن الدفاع عنها بات واجبا على الأهالي بسبب ضعف الأجهزة، قال معن إن «الإرهاب يريد إيصال هذه الرسالة الخاطئة، فهو يسعى لإثارة فتنة بين أبناء الشعب العراقي، كما أنه يستهدف الجميع بلا استثناء، والأهم من ذلك أن العراقيين واعون لذلك تماما».