«الحر» ينسحب من بلدة معلولا المسيحية.. وانفجار في دمشق

كيلو: بعض قوى الجيش الحر يرتكبون أخطاء تعزز الانقسام الطائفي

ميشيل كيلو
TT

بعد ساعات على دخول مقاتلين معارضين بلدة معلولا بريف دمشق (جنوب سوريا) ذات الغالبية المسيحية، انتشرت أنباء عن تعرض الكنائس والأديرة المسيحية للحرق على أيدي مسلحي المعارضة، إضافة إلى اعتداءات على السكان، الأمر الذي نفته رئيسة دير «مار تقلا» في معلولا، بيلاجيا صياح، مؤكدة عدم حصول أي اعتداء على دور العبادة في البلدة ذات الأهمية البالغة لمسيحيي العالم.

وكانت كتائب المعارضة، ومن بينها جبهة «النصرة» وحركة «أحرار الشام الإسلامية» (كتيبة ثوار بابا عمرو وكتيبة مغاوير بابا عمرو) قد أعلنت عن استهداف حواجز للقوات النظامية في بلدة معلولا الواقعة في جبال القلمون بريف دمشق عبر هجوم انتحاري ضمن ما سمته «سلسلة غزوات العين بالعين»، ودمرت حاجز «التينة» الذي يضم عسكريين وميليشيات تابعة للنظام عند مدخل البلدة وأوقعت جميع عناصره بين قتيل وجريح. ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين قبل أن يتقدم مقاتلو المعارضة ويسيطروا على كامل مدينة معلولا.

وفي حين تعهد الجيش الحر في بيان بـ«حماية الكنائس والمقدسات المسيحية في مدينة معلولا وحماية أهالي المدينة وحسن معاملتهم على مختلف دياناتهم وطوائفهم»، أعلن الناطق باسم المجلس العسكري في دمشق وريفها، مصعب أبو قتادة، أن «كتائب المعارضة قررت الانسحاب من المدينة التي سيطر عليها، خوفا على أرواح سكانها المدنيين من قصف القوات النظامية التي تحاول استعادتها، وكذلك لعدم تمكين تلك القوات من ارتكاب مجزرة فيها أو على أطرافها ليتهم الجيش الحر بأنه قام بـ(مجزرة طائفية) هناك كون غالبية سكان المدينة من المسيحيين».

وقد بث ناشطون سوريون أشرطة فيديو على موقع «يوتيوب» تظهر أحد قادة الجيش الحر وهو يخاطب جنوده بعدم التعرض للمدنيين والكنائس في مدينة معلولا التاريخية التي سيطرت عليها المعارضة اليوم، متحدثا عن رباط الأخوة في الوطن ودور عناصر المعارضة في حماية المنشآت الدينية، مع التأكيد أنهم سيردون فقط على من يطلق عليهم النار.

وفي هذا السياق يشير عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ميشيل كيلو لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المقاتلين المعارضين أدركوا أن القتال داخل مدينة معلولا سيؤدي إلى تدميرها على يد قوات النظام، ما دفعهم إلى الانسحاب منها نحو قرى مجاورة». وأوضح أن المدنية باتت داخل الصراع الدائر، لا سيما بعد تعرض بلدتي «بعدين» و«عين التينة» المجاورتين لها للقصف النظامي.

ولفت كيلو إلى أن «النظام السوري يسعى إلى إحداث فتنة مسيحية - إسلامية في سهل الغاب، وفتنة درزية - سنية في جنوب سوريا، وفتنة عربية – كردية في الجزيرة»، مشيرا إلى «وجود قوى داخل الجيش الحر لا يعون خطورة هذا الأمر فيساهموا عبر ارتكاب أخطاء وممارسات سيئة إلى تعزيز الانقسام الذي يريد النظام حصوله بين مكونات المجتمع السوري».

وانتقد كيلو «القصف الذي تتعرض له بلدتا محردة والسقيلبية المسيحيتان من منقطة سهل الغاب من قبل كتائب الجيش الحر»، مؤكدا أن «البلدتين تحتويان على عدد كبير من النازحين ولا يوجد فيهما أي مظاهر مسلحة للنظام أو لسواه».

وتعتبر مدينة معلولا من أقدم المدن المسيحية في العالم، حيث يعود تاريخ بنائها إلى عدة قرون قبل الميلاد، وتحتوي على معالم سياحية وتاريخية مسيحية بارزة، أهمها كنيسة بيزنطية قديمة وأضرحة بيزنطية منحوتة في الصخر في قلب الجبل (سلسلة جبال لبنان الشرقية)، كما يوجد فيها دير مار تقلا الشهير ويتكلم أهلها اللغة الآرامية القديمة (لغة السيد المسيح) إلى جانب العربية، وغالبية سكانها من الطائفة المسيحية.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن «الراهبة السورية ماري أغنيس، رئيسة دير مار يعقوب في سوريا والمعروفة بمواقفها الداعمة للنظام السوري، تزور إسرائيل حاليا بهدف دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد عبر استبعاد مسؤوليته عن الهجوم الكيماوي الذي وقع في 21 أغسطس (آب) على غوطة دمشق»، الأمر الذي لم يستبعد المعارض ميشيل كيلو حصوله، مؤكدا أن «هذه الراهبة لديها علاقات وثيقة من المخابرات السورية، وسبق لها أن قدمت معلومات كاذبة للفاتيكان مفادها أن الثورة السورية هي حرب على المسيحيين». وكانت أغنيس قد أشارت في حديث تلفزيوني إلى أن «هناك فبركة صورية في حادثة السلاح الكيميائي بريف دمشق، وهي مسبقة الصنع»، مؤكدة «وجود أدلة لديها تثبت ذلك».

وتزامنا مع التطورات الميدانية في بلدة معلولا، وقع انفجار في منطقة السومرية بدمشق، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) التي أشارت إلى أن «التفجير سببه سيارة مفخخة قرب مركز الأبحاث والاختبارات التابع لوزارة الصناعة في منطقة السومرية».

ونقلت «سانا» عن مصدر في قيادة شرطة المحافظة قوله إن «التفجير الإرهابي أدى إلى مقتل أربعة مواطنين وإصابة 6 آخرين بجروح ونشوب حريق وإلحاق أضرار مادية كبيرة بعدد من المحلات التجارية والسيارات في المكان». وفي دمشق أيضا أفاد ناشطون بـ«سقوط قذيفة هاون في ساحة شمدين بحي ركن الدين دون أنباء عن إصابات».