النظام يعيد سيطرته على حاجز معلولا.. ورئيسة دير تنفي اعتداء «الحر» على الكنائس

الحكومة السورية تخصص مكافأة مالية لمن يمسك بـ«إرهابي»

TT

جددت المعارضة السورية أمس تأكيد انسحاب مقاتليها من أطراف بلدة معلولا التاريخية، ذات الغالبية المسيحية شمال دمشق، بعد يومين على تدميرهم حاجزا نظاميا على مدخل البلدة، بالتزامن مع تأكيد رئيسة دير مار تقلا معلولا الأم بيلاجيا سياف أنه «لم يتم الاعتداء على الكنائس والأديرة وأن أي طرف من المهاجمين لم يتحدث إليهم»، بخلاف ما كانت تقارير إعلامية قد أفادت به في اليومين الأخيرين.

وأعلنت رئيسة الدير أن «المسلمين والمسيحيين في القرية متكاتفون لحمايتها»، موضحة أن «أكثرية أهالي البلدة خرجوا إلى دمشق بعد الحوادث التي حصلت أول من أمس»، وقالت في مداخلة لإحدى القنوات التلفزيونية اللبنانية أمس إن «الجيش السوري منتشر على مداخل البلدة»، مشيرة إلى أن «المسؤولين السوريين والدينيين اتصلوا بها للاطلاع على ما حصل». وشددت على أن «الحماية موجودة من قبل النظام السوري لكن المسلحين يأتون إليها من الجهة الخلفية».

وفي سياق متصل، نفى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن ما أشيع عن إحراق كنائس وأديرة والتعرض لأهالي البلدة المسيحيين. وقال إن أحدا من أهالي البلدة لم يذكر أي معلومات مماثلة، لافتا إلى أن الهدف من نشر هذه المعلومات هو «خلق فتنة مذهبية». وأشار إلى أن «اشتباكات حصلت أمس قرب معلولا وليس في داخل البلدة وفي التلال المجاورة بالتزامن مع إعادة قوات النظام السوري تمركزها عند الحاجز الذي تم استهدافه بسيارة مفخخة قبل ثلاثة أيام». وتعد معلولا الواقعة على مسافة 55 كلم شمال دمشق، من أبرز البلدات المسيحية في سوريا وأكثرها عراقة، وما زال بعض سكانها يتحدثون باللغة الآرامية، وهي لغة السيد المسيح. وتعرف البلدة بكثير من الكنائس والأديرة والكهوف التي لجأ إليها المسيحيون في القرون الأولى للمسيحية هربا من الاضطهاد.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد الأربعاء الماضي بأن مقاتلين جهاديين من «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وكتيبة إسلامية أخرى سيطروا على حاجز للقوات النظامية على مدخل معلولا، بعد هجوم بدأ بتنفيذ أحد المقاتلين عملية انتحارية، مما أدى إلى مقتل ثمانية عناصر نظاميين. ورد الطيران الحربي السوري بقصف الحاجز بعد سيطرة المقاتلين عليه، وفق المرصد، في حين نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن سكان في البلدة قولهم إن عناصر من «جبهة النصرة» وكتائب أخرى قاموا باستهداف أحياء في داخلها بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة.

وفي سياق متصل، جدد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة أركان الجيش السوري الحر أمس «التزامهما الكامل بحماية جميع السوريين من دون أي تمييز مبني على أسس دينية أو طائفية أو عرقية أو إثنية أو سياسية، وحرصهما التام على صيانة الإرث الحضاري والإنساني والديني في سوريا بكل الوسائل الممكنة».

وذكر الائتلاف في بيان صادر عنه أن كتائب «الجيش الحر» بعد تدميرها حاجزي معلولا وجبعدين والواقعين على طريق دمشق - حمص الدولي تمركزت «لساعات قليلة على أطراف المدينة ولم يقم خلالها بأي اعتداء على كنائس أو أديرة»، ثم «انسحبت حفاظا على أرواح المدنيين وصيانة للإرث الحضاري العريق فيها»، وهو ما أكدته وفق الائتلاف شهادة رئيسة دير مارتقلا معلولا.

وفي حين أكد الائتلاف أن «دفاعه عن حقوق وحريات السوريين ووضع القوانين الضامنة لذلك، تقع على رأس أولوياته بالتنسيق المتبادل مع هيئة أركان الجيش السوري الحر»، أبدى خشيته من ارتكاب النظام لجرائم ضد المدنيين في المدينة لإلصاق التهم «بالجيش الحر» بعد انسحابه منها.

في موازاة ذلك، بث ناشطون على موقع «يوتيوب»» شريط فيديو يظهر تصاعد ألسنة النيران في كنيسة مدينة عربين بريف دمشق. وقال المتحدث في الشريط إن النيران اندلعت من جراء قصف الكنيسة من قبل القوات النظامية. وللمرة الأولى منذ تفجر الصراع السوري الدائر منذ عامين ونصف العام، عرضت الحكومة السورية أمس مكافأة مالية لكل من يمسك بأي أجنبي «إرهابي»، وهو الوصف الذي تطلقه السلطات على المقاتلين الذي يحاربون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وأفاد التلفزيون السوري في بيان مقتضب أذاعه أمس بأن «السلطات أعلنت عن مكافأة مالية قدرها 500 ألف ليرة سورية، لأي شخص يقوم «بتسليم أحد الإرهابيين من غير السوريين و200 ألف ليرة سورية لكل من يبلغ عن وجودهم أو من يساعد بالقبض عليهم». ويبلغ سعر الصرف الرسمي لليرة (128 ليرة للدولار) لكنه يصل في السوق السوداء إلى نحو 200 ليرة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن «أسماء الأشخاص الذين يقومون بالتبليغ تبقى سرية ولن يعلن عنها وسيتم تأمين الحماية اللازمة لهم وتسوية أوضاعهم في حال كانوا من السوريين المطلوبين في الأحداث الأخيرة». ميدانيا، ندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بما وصفه بـ«المجزرة المروعة» التي ارتكبها النظام بحق المدنيين الآمنين في تفتناز بريف إدلب، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 10 ضحايا، وإصابة العشرات، إثر إلقاء الطيران المروحي براميل متفجرة فوق مناطق سكنية تأوي مدنيين عزل. واتهم الائتلاف نظام الأسد باتباع «نهج خطير جدا في حربه المسعورة على الشعب السوري، من خلال اتباع أسلوب القصف المكثف على المناطق المكتظة بالسكان في المناطق المحررة، كتطبيق حرفي للتهديدات التي أطلقها رأس النظام قبل فترة، عندما توعد الحاضنة الاجتماعية للثورة بمصير تعمد اليوم قواته على تحقيقه مودية بأرواح عشرات المدنيين في كل مرة، ومدمرة مساحات كبيرة من العمران في المناطق المستهدفة».

وكانت المروحيات النظامية قد قصفت أمس قرى نحلة وكفرلاتة والناجية بجسر الشغور ومدينة سرمين بالبراميل المتفجرة، في موازاة قصف عنيف بالدبابات وراجمات الصواريخ على بلدة تلمنس.

وفي حماة، استهدفت كتائب «الجيش الحر» بصواريخ «غراد» مطار حماة العسكري وحاجز دير محردة، فيما شنت الطائرات الحربية غارات جوية على مناطق الأراضي الزراعية في اللطامنة وقرية عقيربات.