المحافظون يستردون الحكم في أستراليا وخلافات العماليين الداخلية وراء هزيمتهم

الرئيس المرتقب للحكومة راهب وملاكم سابق يعتزم شن حملة صارمة ضد طالبي اللجوء

توني أبوت أثناء وصوله رفقة زوجته مارغريت (الثانية يساراً) وبناته بريجيت (يمين) ولويز (الثانية يميناً) وفرنسيس لإعلان فوزه بالانتخابات في سيدني أمس (أ.ب)
TT

استرد المحافظون بزعامة توني أبوت الحكم في أستراليا إثر فوزهم في الانتخابات العامة التي جرت في البلاد أمس، ومني فيها رئيس الوزراء العمالي المنتهية ولايته كيفن رود بهزيمة.

واستفاد أبوت، وهو راهب وملاكم سابق، من الخلافات داخل حزب العمال التي أدت إلى الإطاحة برئيسة الوزراء جوليا غيلارد وتولي رود زعامة الحزب في يونيو (حزيران) الماضي. وكان رود رئيسا للوزراء من 2007 إلى 2010، لكن حزبه أقصاه بعدما مل من طباعه الصعبة، وعين بدلا منه جوليا غيلارد التي أطاح بها حلفاؤها أيضا في يونيو الماضي بسبب تراجع كبير للحزب في استطلاعات الرأي.

وبعد فرز 88 في المائة من الأصوات، أعلنت لجنة الانتخابات الأسترالية أن التحالف الليبرالي - القومي يتجه نحو فوز كاسح، إذ سيحتل 89 مقعدا في مجلس النواب المؤلف من 150 مقعدا، مقارنة مع 56 مقعدا لحزب العمال.

وأعلن أبوت، 55 عاما، أمام حشد من أنصاره في فندق فخم في سيدني «أن أستراليا أصبحت تحت إدارة جديدة وأصبحت مرة أخرى مستعدة للعمل من جديد». وأضاف «أنا الآن أتطلع إلى تشكيل حكومة قادرة وموثوق بها تقوم بتصميم وثبات وطريقة منهجية بتنفيذ التزاماتنا التي قطعناها لكم». وتابع: «إنني أشعر بالفخر والتواضع معا وأنا أتحمل مسؤوليات الحكومة». ويتوقع أن يؤدي أبوت اليمين الدستورية رسميا أمام الحاكم العام كوينتين برايس الأسبوع المقبل.

ويعرف أبوت بأنه سياسي قوي في الحزب الليبرالي لا يخشى أن يجهر برأيه، وأحيانا يرتكب هفوات. وأعاد تلميع صورته وقام بما يعتقد أنه حملة انتخابية منضبطة، كما حصل على دعم مجموعة روبرت مردوخ الإعلامية التي تتمتع بنفوذ كبير في أستراليا. ووعد أبوت باستعادة الاستقرار السياسي وخفض الضرائب وشن حملة صارمة على طالبي اللجوء الذين يصلون إلى البلاد بالقوارب، وبأن يجعل مدة إجازة الأمومة ستة أشهر مع تحقيق وفرة بمليارات الدولارات.

بدوره قال رود إن حزب العمال «خاض معركة جيدة»، معترفا بهزيمته بعد نحو 100 دقيقة من انتهاء عملية الاقتراع. وتمنى لخصمه النجاح في المهمة «التي تحمل الكثير من الضغوط» في رئاسة الوزراء. وقال رود: «كرئيس وزراء أستراليا، أتمنى له التوفيق في أداء مهمته في رئاسة حكومة هذه البلاد»، مضيفا أنه سيستقيل من زعامة الحزب. وقال أيضا: «لن أتنافس مرة أخرى على زعامة حزب العمال. وأعتقد أن الشعب الأسترالي يستحق بداية جديدة لقيادتنا».

واعتبرت نسبة الأصوات التي حصل عليها الحزب العمالي في انتخابات أمس الأسوأ منذ عام 2004 عندما فاز رئيس الوزراء المحافظ آنذاك جون هاوارد بفترة ولاية رابعة وأخيرة. ويرى الإعلام الأسترالي في وزير علاقات التوظيف والعمل بيل شورتن المرشح للفوز بزعامة حزب العمال.

ومن المرشحين كذلك نائب رئيس الحزب أنتوني البانيسي، ووزير الخزينة كريس بوين ووزير الهجرة توني بورك. وقالت وزير الصحة تانيا بليبيرسيك إن حزب العمال يجب أن يلوم نفسه على الهزيمة. وأضافت: «النتيجة الواضحة من هذه الانتخابات بالتأكيد هي أن الانقسام يؤدي إلى الموت ونحن لا نتمتع بالانضباط الكافي».

وقال رئيس الوزراء العمالي السابق بوب هوك الذي فاز بأربعة انتخابات متتالية في الثمانينات والتسعينات، أن «المماحكات الشخصية والحرص على المصلحة الخاصة هيمنت أكثر من اللازم على العملية بينما تراجع التركيز على القيم والمبادئ. أعتقد أن هذه انتخابات خسرتها الحكومة أكثر من كون المعارضة ربحتها».

وشهدت أستراليا البلد الغني الوحيد الذي أفلت من الأزمة بفضل ثرواته الطبيعية، انتخابات أمس لاختيار نوابها في اقتراع دعي نحو 14.7 مليون ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم فيه. وقالت ناخبة في مدرسة بوندي بيتش في سيدني «كنت سأصوت لجوليا غيلارد وحزب العمال خسر صوتي بعد هذه القضية». وشكل الاقتصاد محور الحملة الانتخابية التي خاضها رئيس الوزراء المنتهية ولايته. وأستراليا هي البلد الغربي الوحيد الذي نجا من الانكماش في 2008 بفضل المواد الأولية التي تضمها أراضيه والطلب الذي مصدره دول ناشئة بينها الصين والهند.

وأكد رود الإدارة الجيدة لحزبه في هذا المجال. لكن تباطؤ النشاط الاقتصادي في الصين الشريكة التجارية الرئيسة لأستراليا وانخفاض أسعار المواد الأولية يؤدي إلى تباطؤ النمو في أستراليا منذ أشهر. ولم تتجاوز نسبة النمو في هذا البلد 2.6 في المائة في الفصل الثاني من 2013، وهي نسبة جيدة لكنها بعيدة عن تلك التي سجلت في السنوات الأخيرة وتجاوزت 3 في المائة. أما البطالة فتبلغ حاليا نحو 5.5 في المائة في المائة ويتوقع أن ترتفع.