كيري يواصل الحشد أوروبيا وعربيا.. ويلمح إلى العودة لمجلس الأمن

التقى الفيصل ووفد المبادرة العربية.. وفابيوس: لا نحتاج تعهدا عسكريا من كل الدول الأوروبية

جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، وإلى جانبه (يسار) مارتين انديك المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، والسفير الأميركي لدى فرنسا تشارلز ريفكين، في متنزه تويلري في العاصمة باريس أمس (أ.ب)
TT

عشية انطلاق نقاشات الكونغرس الأميركي بشأن تفويض الرئيس باراك أوباما بتوجيه ضربة عسكرية تستهدف نظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد هجوم بالأسلحة الكيماوية ضرب منطقتين في ريف دمشق الشهر الماضي وأودى بحياة المئات، واصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس جهوده الدبلوماسية للحصول على مزيد من الدعم على المستوى العربي بعد نيله الدعم الأوروبي باتجاه تدخل عسكري في سوريا. وعقد سلسلة اجتماعات في باريس ولندن مع مسؤولين ووزراء عرب في مقدمتهم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لبحث الأزمة السورية ومحادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي مؤتمر صحافي في باريس مع نظيره القطري خالد العطية، قال كيري إن الولايات المتحدة لم تستبعد إمكانية العودة لمجلس الأمن للحصول على قرار بشأن سوريا وإنها ستدرس الاقتراح الفرنسي بهذا الصدد بمجرد أن ينتهي مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة من تقريرهم. وأضاف أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يتخذ قرارا بعد بخصوص هذا الأمر.

وكان كيري أكد في مؤتمر صحافي في باريس أول من أمس مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس تصميمه على «معاقبة» النظام السوري عسكريا، وأكد أن «هناك عددا من الدول - عدد من رقمين - مستعدون للمشاركة في عمل عسكري». وأضاف أن «هناك مزيدا من الدول المستعدة للتحرك عسكريا، وفي الواقع أكثر مما نحتاج إليه للعمل العسكري المطروح»، دون أن يوضح هذه الدول.

وأمس أعلن فابيوس أن باريس وواشنطن «لا تحتاجان» إلى تعهد عسكري من كل الدول الأوروبية للتدخل في سوريا، مرحبا بـ«الدعم السياسي» للدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقال لقناة «فرانس 3»: «لسنا بحاجة ماديا وعسكريا إلى تعهد كل الدول. معظم هذه الدول ليس لديها الوسائل للقيام بذلك. إنه دعم سياسي».

ودعا وزراء الخارجية الأوروبيون السبت في فيلنيوس إلى «رد قوي وواضح» على الهجمات الكيميائية في سوريا الشهر الماضي، مؤكدين أن هناك «قرائن قوية» تحمل النظام السوري مسؤوليتها.

وقال فابيوس: «تحركت الأمور في نهاية الأسبوع. كلما أوضحنا الوضع تحركت الأمور». وأضاف أن «الدول الـ28 لم تقل: لا نريد تدخلا عسكريا معكم، بل في العمق نؤيد تحليلكم، بعد أن شرحت وجون كيري الوقائع».

وقال فابيوس: «هناك ثلاثة أسباب لشكوكهم ويجب أن نرد على كل سبب: نعم، وقع هجوم كيميائي، ونعم، نظام الأسد مسؤول عنه، ونعم، إننا معنيون لأن هناك عددا كبيرا من الفرنسيين في المنطقة، وأيضا إذا سمحنا بانتشار الإرهاب واستخدام الأسلحة الكيميائية أصبحنا كلنا مهددين». وخلص إلى القول: «وإذا أردنا حلا سياسيا يجب أن يكون هناك عقاب وردع لنظام الأسد».

ويقول خبراء إنه إذا جرى عمل عسكري «قصير ومحدد الأهداف»، حسب العبارات التي تستخدمها واشنطن وباريس، فسيتخذ شكل إطلاق صواريخ عابرة. والدول التي تملك مثل هذه القدرة، باستثناء الولايات المتحدة وفرنسا، قليلة.

ويعود كيري إلى واشنطن اليوم (الاثنين) بعد توقف في لندن مساء أمس، حيث كان متوقعا أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن يلتقي اليوم وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ.

وكان هيغ قال في وقت سابق أمس إن استخدام الأسلحة الكيماوية «شر» يجب على العالم أن يواجهه. ودعا في مقابلة تلفزيونية مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى اتخاذ إجراءات حيال استخدام نظام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية. وأضاف: «المسألة تتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية، وهي قضية أكبر من سوريا. وما كانت الولايات المتحدة تتحدث عنه وما كنا نتحدث عنه قبل التصويت في البرلمان كان ردا محدودا ومتناسبا على استخدام الأسلحة الكيماوية لمحاولة الردع عن استخدام الأسلحة الكيماوية».

وأجهضت خطط رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لانضمام بريطانيا إلى هجوم عسكري محتمل على سوريا الشهر الماضي حين صوت البرلمان برفض اقتراح حكومي لإجازة هذا التحرك من حيث المبدأ.

وقال هيغ إن الحكومة تحترم قرار البرلمان ولا تنوي طرح الاقتراح مجددا. وأضاف: «لسنا حكومة حريصة على العمل العسكري». وتابع: «ليس هناك حل سهل للأزمة في سوريا لكن المؤكد أنه يجب وقف استخدام الأسلحة الكيماوية». ومضى يقول: «مما رأيته كوزير للخارجية أعتقد أن السماح بانتشار واستخدام الأسلحة الكيماوية في القرن الحادي والعشرين شر يجب أن نقف ضده بطريقة أو أخرى».

من جهة أخرى، بحث كيري مع مسؤولين عرب مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن كيري استضاف في باريس اجتماعا مع وفد من لجنة المبادرة العربية بشأن محادثات السلام برعاية الجامعة العربية. وذكر البيان أن الوفد ضم وزراء خارجية البحرين ومصر والأردن والمغرب وفلسطين وقطر والكويت والسعودية والإمارات والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.

وأطلع كيري الحاضرين على وضع المفاوضات الراهن بين الفلسطينيين والإسرائيليين وجدد التزام الولايات المتحدة بمفاوضات مكثفة لإنهاء الصراع من خلال اتفاق نهائي. كما اطلع الوفد على خطط لإنعاش الاقتصاد والاستثمار في فلسطين. وقال البيان إن الوفد عبر عن دعمه الكامل لجهود وزير الخارجية الأميركي لإنجاح المفاوضات ضمن جدولها الزمني المحدد بتسعة أشهر.