«إخوان ليبيا» يعتزمون إطاحة زيدان من رئاسة الحكومة بسبب زيارته لمصر

«كتيبة ثوار طرابلس» تدشن حملة اعتقالات لرموز نظام القذافي بعد تسليم ابنة السنوسي إلى أهلها

TT

اشتعلت الأزمة السياسية الراهنة بين الدكتور علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، وحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بعدما أعلن محمد صوان رئيس الحزب سعي حزبه المشارك في الحكومة إلى الإطاحة بزيدان وتوفير النصاب القانوني المطلوب لعزله في المؤتمر الوطني العام (البرلمان).

لكن مصادر مقربة من زيدان، إضافة إلى أعضاء في المؤتمر الوطني، أكدوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» أن حصول حزب «الإخوان» على موافقة 120 عضوا (وهو النصاب القانوني المطلوب وفقا للائحة المؤتمر لعزل زيدان) لن يتوافر بسهولة في الوقت الحالي بسبب رفض عدد من النواب المستقلين إقالة زيدان.

ويتكون المؤتمر الوطني، وهو أعلى سلطة دستورية في البلاد حاليا من 200 عضو، لكنه فقد ما لا يقل عن عشرين عضوا منذ تأسيسه عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي بسبب الاستقالات الطوعية أو اعتراض هيئة النزاهة عليهم بموجب قانون العزل السياسي بسبب اكتشاف علاقاتهم السابقة مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ويهيمن تحالف القوى الوطنية ذو النزعة الليبرالية الذي يقوده الدكتور محمد جبريل على غالبية المقاعد الـ80 المخصصة للكتل والأحزاب السياسية داخل المؤتمر، بينما يحل حزب «الإخوان» في المرتبة الثانية.

وقال مسؤولون في التحالف أمس لـ«الشرق الأوسط» إنهم يرفضون محاولات «الإخوان» للإطاحة بزيدان، وحذروا من وقوع البلاد فيما وصفوه بأزمة فراغ كبيرة في السلطة إذا ما تمت إزاحة زيدان، الذي يعتبر رابع رئيس وزراء للبلاد في غضون العامين الماضيين.

ويعتزم زيدان وفقا لمعلومات متواترة إجراء تعديل وزاري وشيك في حكومته المكونة أساسا من 29 وزيرا، حيث طلب أمس من المؤتمر الوطني الموافقة على تسمية محمد خليل بن سعود وزيرا للإعلام بدلا من الوزير المستقيل يوسف الشريف.

وكان محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء قد أعلن أنه نجح في الحصول على دعم 100 من أعضاء المؤتمر الوطني لسحب الثقة من حكومة زيدان، مهددا بالانسحاب نهائيا منها احتجاجا على سياسات زيدان في الداخل، واجتماعه مع مسؤولين مصريين في القاهرة وصفهم بـ«الانقلابيين»، خاصة وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي. ونفى أن تكون هناك أي علاقة بين انتقادات حزبه اللاذعة مؤخرا وزيارة زيدان إلى مصر، مشيرا إلى أن الحزب كان ينتقد الحكومة قبل الزيارة بوقت طويل.

واعتبر صوان في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس أن الحكومة أخفقت في علاج ملف الاغتيالات المستمرة، مشيرا إلى أن حزبه قدم لزيدان تصورا للتعامل مع الملف الأمني، لكنه لم يؤخذ به. وأضاف: «قدمنا النصح سرا لرئيس الحكومة عدة مرات مراعاة لحساسية المرحلة.. لا نشكك في وطنية أحد، وفي الوقت ذاته لا نقبل من يشكك في وطنيتنا».

وشب حريق مساء أول من أمس في مقر الحزب بمدينة مصراتة شرقي ليبيا، لكن وسائل الإعلام المحلية قالت إن الحريق، الذي لم تعرف أسبابه بعد، كانت خسائره محدودة.

بموازاة ذلك، تظاهر عشرات المواطنين أمام مقر الحكومة الانتقالية في العاصمة طرابلس أمس رافعين لافتات تطالب بإقالة الحكومة وتجميد عملها وتشكيل حكومة انقاد وطني.

في المقابل، حذرت عدة مؤسسات من المجتمع المدني، من استمرار ظاهرة الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات لما تسببه من إضرار بالمصلحة العامة ومساس مباشر بمصلحة ليبيا وأمنها. كما طالبت خلال اجتماع عقدته في طرابلس بمساندة الحكومة حتى لا تنزلق البلاد إلى منزلق خطير، لافتة إلى ضرورة الحرص على حماية ومراقبة كل مقدرات الشعب الليبي وعدم العبث بها.

من جهة أخرى، أعلنت كتيبة ثوار طرابلس أنها ستدشن حملة اعتقالات تطال شخصيات معروفة في النظام السابق خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أنها اعتقلت مساء أول من أمس فوزية شلابي وزيرة إعلام القذافي في محل إقامتها بطرابلس «لأنها خالفت الاتفاق المشروط لإطلاق سراحها؛ إذ قامت باتصالات مع جهات مشبوهة بالخارج، وأنها ما زالت تمارس أعمالا ضد ثورة (17 فبراير/ شباط) على الرغم من إطلاق سراحها منذ الأيام الأولى للتحرير نظرا للظروف الصحية لوالدتها، إلا أنها لم تتعظ من حسن معاملة الثوار لها». وقالت الكتيبة إنه تم التحفظ علي شلابي في مكان آمن وإنه سيتم استكمال باقي التحقيقات معها.

وكانت الكتيبة نفسها التي اختطفت قبل ثلاثة أيام العنود ابنة عبد الله السنوسي صهر العقيد الراحل معمر القذافي، رئيس جهاز المخابرات الأسبق، قد أعلنت تسليم العنود إلى أهلها وذويها بمدينة سبها بعد نقلها جوا وبإشراف بعثة الصليب الأحمر في ليبيا. وأكدت الكتيبة في بيان لها أن إطلاق سراح العنود «لم ولن يكون رضوخا للابتزاز أو ضعفا أمام الضغوط التي قامت بها بعض المجموعات القبلية من منع تدفق المياه عن شمال ليبيا».

وأعلنت فاطمة فركاش، زوجة السنوسي، أن ابنتها باتت بالفعل مع أهلها، مشيرة إلى أنها اتصلت هاتفيا بها واطمأنت عليها. ونفت الحكومة الليبية في بيان رسمي قيامها بدفع أية أموال إلى الكتيبة على سبيل الفدية مقابل إطلاق سراح العنود. وقال بيان مقتضب أصدرته الحكومة وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس: «يؤكد ديوان مجلس الوزراء أنه لم يدفع أي أموال لأي كان مقابل تسليم العنود، وأن هيثم التاجوري (أحد مسؤولي الكتيبة) لم يستلم أي مبالغ مقابل ما قام به من تسهيلات.. وقد قام به تطوعا دون مقابل».

يشار إلى أن صلاح الميرغني وزير العدل الليبي أعلن رسميا أنه تم اختطاف ابنة السنوسي أثناء خروجها من السجن فور الإفراج عنها بعد أن أمضت عقوبة مدتها 10 شهور في قضية دخول البلاد بجواز سفر مزور نهاية العام الماضي.

إلى ذلك، نفت بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا صحة تقارير مزعومة حول اتصال تم بين طارق متري، ممثل للأمم المتحدة، والجهة التي تضرب حصارا على المنشآت النفطية في ليبيا. وأعلنت البعثة في بيان لها أمس عدم التقاء أي من مسؤوليها بالجهة المذكورة في هذه التقارير.