زرداري أول رئيس باكستاني منتخب يكمل ولايته.. ويسلم المهام لحسين

الرئيس الجديد رجل أعمال «متحفظ» صنع ثروته من قطاع النسيج

الرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري يتفقد حرس الشرف في ختام فترة ولايته بالقصر الرئاسي بعد حفل وداع أمس في العاصمة إسلام آباد (أ.ب)
TT

غادر الرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري القصر الرئاسي أمس بعد حفل وداع أقامته الرئاسة الباكستانية. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئيس السابق، فرحة الله بابار، إن زرداري سيتجه إلى لاهور وسيكون في استقباله قادة حزب الشعب الباكستاني، مشيرا إلى أنه قد تم نقل متعلقات الرئيس السابق إلى كراتشي بالفعل. وكان زرداري قد أنهى فترة ولايته التي استمرت خمس سنوات، وسط اتهامات بأنه قد استغل منصبه لتحقيق مصالح حزبية، وبأنه قد تجاهل القضايا الأساسية التي تعاني منها البلاد. وعلى الجانب الآخر، يرى مؤيدوه أنه قد اتخذ خطوات هامة في طريق إرساء قواعد الديمقراطية ونجح في نقل السلطة من حكومة منتخبة إلى حكومة جديدة.

وتخلى زرداري أمس عن منصبه بعدما استمر خمسة أعوام في السلطة ليصبح أول رئيس منتخب ديمقراطيا في باكستان يكمل ولايته. وبعد فترة رئاسة استمر خلالها الجدل حوله، يترك زرداري السلطة وسط حالة من الاستقرار الديمقراطي والاضطراب الاقتصادي. ويأتي توديعه كرئيس بعرض عسكري مختلفا بشدة عن أشكال خروج أسلافه الذين أطيح بهم بشكل مخز أو نفوا أو اعتقلوا أو حتى شنقوا.

وقال جاهانجير بادار، أحد المساعدين المقربين لزرداري والعضو في حزبه «حزب الشعب الباكستاني»: «إنه إنجاز عظيم يظهر أن الديمقراطية تتأصل في باكستان».

ويحل رجل الأعمال والرئيس المنتخب ممنون حسين محل زرداري، في أول انتقال للسلطة بين حكومتين مدنيتين. وخضعت باكستان، الواقعة في جنوب آسيا وتمتلك قوة نووية، للحكم العسكري على مدار نصف تاريخها الذي يمتد 66 عاما. وقال خبراء إن التدخلات العسكرية المتكررة أضعفت المؤسسات الديمقراطية وجعلت المجتمع، الذي اعتاد الليبرالية قبل ثمانينات القرن الماضي، راديكاليا. وأضافوا أن مشهد بقاء وازدهار الديمقراطية تجلى في نجاح زرداري في إكمال ولايته. وقال فيدا خان، المحلل السياسي المتمركز في العاصمة إسلام آباد: «إنه بلا ريب شيء عظيم، بقاء زرداري في وجه التحديات سيمنح جرأة للقوى الديمقراطية». وأشاد شركاء زرداري السياسيون بقراره بالموافقة طواعية على نقل جميع سلطاته كرئيس لرئيس الوزراء والبرلمان في تعديل دستوري عام 2010. ولكن خان قال إنه رغم الخطوات التاريخية في الجبهة السياسية، فإن زرداري لم يتمكن من تقديم أي شيء مهم لتحسين الأمن والاقتصاد. وقال خان إن «شرعيته كانت مختلطة، لقد نجح في حل بعض المشكلات السياسية المعقدة. ولكن عدم قدرة حكومته على تحقيق إنجاز في الناحية الاقتصادية خيم على كل شيء».

وقال زرداري إنه لن يسعى إلى شغل منصب رئيس الوزراء في المستقبل، وقال في مقابلة مع قناة «جيو» الباكستانية: «أفضل قيادة حزبي». ولم تظهر ملامح سياسية بارزة للرئيس الجديد في باكستان ممنون حسين (73 عاما)، إلا أن المعروف عنه أنه رجل أعمال من المركز الاقتصادي الكبير كراتشي، وهو رجل أعمال «متحفظ» صنع ثروته في قطاع النسيج الذي يمكن أن يسمح تعزيز موقعه في الأوساط الاقتصادية بإنعاش هذا البلد الذي يواجه أزمة في الطاقة. وتم اختياره نهاية يوليو (تموز) الماضي بأغلبية كبيرة من برلمان إسلام آباد وبرلمانات المقاطعات الباكستانية رئيسا للدولة.

يذكر أن ممنون حسين هو الرئيس الثاني عشر لباكستان، وسيتولى منصبه لولاية مدتها خمس سنوات، وهو رجل أعمال بدأ حياته السياسية في صفوف حزب الرابطة الإسلامية عام 1969 ويعد أحد أقطاب الحزب، وقد جمع ثروته من قطاع النسيج، وتولى منصب حاكم إقليم السند الجنوبي لفترة وجيزة عام 1999. وكانت لجنة تضم أعضاء في مجلسي النواب والأعيان في باكستان انتخبت ممنون حسين في يوليو الماضي، ليتولى الرئاسة خلفا لآصف علي زرداري الذي تولى السلطة في 2008 وهزم حزبه حزب الشعب في الاقتراع. وحسين مولود في 1940 في منطقة واقعة في الهند أصبحت فيما بعد تشكل الحدود بين الدولتين الحديثتين الهند وباكستان. وهاجر إلى كراتشي قبل أن يرث إمبراطورية النسيج التي كانت تملكها أسرته. وقد فرض نفسه في الأوساط التجارية في هذه المدينة الكبيرة الواقعة على بحر العرب واستقر فيها «مهاجرون»، أي مسلمون فروا من الهند ليستوطنوا في باكستان بعد تقسيم شبه القارة الهندية في 1947. ونشط ممنون حسين في رابطة المسلمين جناح نواز وانتخب رئيسا لغرفة التجارة في كراتشي (جنوب) وهي الأهم في البلاد، ثم أصبح حاكما لولاية السند في 1999. وقال طارق خالق، صديقه منذ نحو نصف قرن، إنه «رجل نزيه وصريح وصادق في صداقاته». وأضاف أنه «رجل نبيل في أعماقه خلافا لكل السياسيين الباكستانيين التقليديين» المعروفين بتورطهم في الفساد وطمعهم في السلطة. وأضاف أن حسين «عكس (آصف علي) زرداري تماما». زرداري قريب أيضا من أوساط الأعمال لكن سمعته شوهتها ادعاءات بالفساد أدت إلى وصفه «بالسيد 10 في المائة»، في إشارة إلى العمولات التي كان يحصل عليها من عقود عامة. وكان زرداري، وهو نجل مالك لدار للسينما، تزوج من بي نظير بوتو الوريثة السياسية لحزب الشعب الباكستاني بعد إعدام والدها ذو الفقار علي بوتو في 1979 من قبل السلطة العسكرية.