المعارضة تنقل صراعها مع بوتين لانتخابات بلدية موسكو

إقبال ضعيف على أول اقتراع منذ عقد يرجح كفة مرشح الكرملين

المعارض الروسي ألكسي نافالني مع زوجته يوليا وابنتهما داريا وابنهما زاخار قبل التصويت في موسكو أمس (أ.ب)
TT

في وقت تعاني فيه المعارضة الروسية من ضغوط متصاعدة، فإنها دخلت صراعا جديدا مع الكرملين من خلال انتخابات لاختيار رئيس بلدية موسكو.

وتحدى المعارض ألكسي نافالني النظام السياسي لفلاديمير بوتين الذي يمثله رئيس البلدية المنتهية ولايته سيرغي سوبيانين. وشكلت مشاركة المعارض البالغ من العمر 37 عاما، الناشط في مكافحة الفساد والمعارض بشدة لبوتين، بعدما قاد حركة الاحتجاج في شتاء 2011 - 2012، تغييرا في ساحة سياسية تبدو فيها المعارضة مهمشة منذ عشر سنوات.

وعلى الرغم من جهود نافالني، رجحت استطلاعات لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع مساء أمس إعادة انتخاب سيرغي سوبيانين رئيسا لبلدية موسكو رغم الأداء القوي غير المتوقع للمعارض نافالني. وأظهرت الاستطلاعات التي أجراها معهد «إف أو إم» المرتبط بالكرملين أن سوبيانين، الحليف المقرب من الرئيس بوتين، سيحتفظ بالمنصب في الدورة الأولى، متوقعة فوزه بنسبة 52.2 في المائة من الأصوات، بينما يتوقع أن يفوز نافالني بنسبة 29.1 في المائة.

وأظهر استطلاع آخر أجرته وكالة «فيتس ايوم» المقربة كذلك من الكرملين، توقعات مماثلة قالت إن سوبيانين سيحصل على 53 في المائة من الأصوات، بينما سيحصل نافالني على 32 في المائة فقط. وتوقعت الاستطلاعات أن يحل المرشح الشيوعي إيفان ميلنكوف ثالثا.

واعترضت حملة نافالني الانتخابية فورا على النتائج، وقالت إن الاستطلاعات تظهر أن سوبيانين حصل على 46 في المائة فقط من الأصوات، بينما حصل مرشحها على 35.6 في المائة من الأصوات، مما يتطلب ضرورة إجراء دورة إعادة. وجاءت نتائج هذه الاستطلاعات مختلفة بشكل كبير عن نتائج استطلاعات الرأي التي توقعت ألا يحصل نافالني على أكثر من 20 في المائة من الأصوات.

وفي كلمة أمام أنصاره في مقره الانتخابي، اتهم نافالني بوتين وسوبيانين بالتلاعب في الأرقام. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية قوله «في الوقت الحالي فإن سوبيانين ومؤيده الرئيسي فلاديمير بوتين يقرران ما إذا كانا سيجريان انتخابات نزيهة أم سيجريان دورة إعادة».

وكان هناك حماس بين الشباب لنافالني الذي خاض حملة انتخابية اعتمدت على لقاء الناخبين وتوزيع اللافتات المطالبة بالإصلاحات. وقام المعارض بحملة نشيطة جدا في الشارع وعلى الإنترنت سمحت له بزيادة عدد مؤيديه. وقد حشد آلاف المتطوعين ووظف أكثر من مائة مليون روبل (2.3 مليون يورو) من التبرعات. وقال الناخب إيفان فولكوف، عمره 28 عاما ويعمل في القطاع المالي «صوتت لنافالني. فرصه في الفوز ضئيلة، لكن كل صوت يقربه من التغيير أكثر». ورأى أن نافالني «يجسد مكافحة الفساد والاحتجاج على النظام».

أما يفغينيا زاتسيبينا، وهي موظفة متقاعدة عمرها 78 عاما، فأكدت أنها «صوتت لسوبيانين لأنه يشق الطرق، وموسكو أصبحت أفضل. إنه رجل مليء بالوعود ولطيف ونشيط».

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، واستمر التصويت حتى الساعة الثامنة مساء بحسب التوقيت المحلي. وقال نافالني بعدما أدلى بصوته مع زوجته وولديه «أشعر براحة كبيرة. آمل أن يسير الاقتراع بشكل جيد وألا تحدث عمليات تزوير».

ودعا نافالني الذي صدر عليه حكم بالسجن مع وقف التنفيذ، يوم الجمعة الماضي، الناخبين في موسكو إلى التصويت له لكسر هيمنة بوتين. وأكد في مقابلة مع الصحيفة الإلكترونية «غازيتا رو» أن بوتين «يهيمن على المجال السياسي الروسي». وأكد أن نتائج الانتخابات البلدية ستوجه إشارة واضحة إلى السلطة وستحدد «ما إذا كان بالإمكان إدخال الناس إلى السجون ومواصلة سرقة الأموال».

وحكم على نافالني في يوليو (تموز) الماضي بالسجن خمس سنوات بعدما أدين باختلاس أموال، وهي تهمة يؤكد أنها مفبركة. وقد سجن لفترة قصيرة ثم أفرج عنه القضاء بشكل مفاجئ حتى جلسات الاستئناف. وعبر عدد من رؤساء شركات قطاع الإنترنت عن دعمهم العلني لنافالني، بينما أعد الخبير الاقتصادي المعروف سيرغي غورييف برنامجه الاقتصادي.

وكان نافالني الذي يرفع شعار «لا سرقة ولا كذب» وعد في الماضي بوضع فلاديمير بوتين والمحيطين به الذين كانوا موضوع تحقيقات في قضايا فساد قام بها المعارض، في السجن. وقال سمسار العقارات فيدور اينوكاييف «سأصوت لنافالني. إنه نزيه ويكره الفساد والنفاق». وأضاف «لعلاج الأمراض نحتاج إلى طبيب، ونافالني هو طبيب» مكافحة الفساد.

وكتب المؤرخ فيتالي ديمارسكي على مدونته «هل يزعج نافالني البعض؟ لكن التصويت لن يكون له، بل لإسماع أصواتنا، وليظهر مئات مثله في الانتخابات المقبلة وليس في موسكو وحدها». وشبه ديمارسكي نافالني ببوريس يلتسين عندما كان شابا «وجمع حوله مجموعة من المستائين من النظام من كل الجهات»، قبل أن يسهم في انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.