توافق عراقي ـ إيراني حول رفض الضربة المحتملة ضد سوريا

ظريف مطمئنا بغداد: لن نمس سيادة العراق باستهداف المصالح الأميركية فيه

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مستقبلا نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مطار بغداد الدولي أمس (أ.ف.ب)
TT

أجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مباحثات مكثفة في بغداد أمس مع كبار المسؤولين العراقيين في أول زيارة له إلى الخارج بعد توليه منصبه وزيرا للخارجية في حكومة الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني.

وفور وصوله إلى بغداد أجرى ظريف مباحثات مع نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، ومن ثم أجرى مباحثات مع رئيس البرلمان أسامة النجيفي الذي كشف خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في بغداد عن زيارة قريبة له إلى كل من تركيا وإيران، ثم أجرى ظريف مباحثات مع نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي ومع نظيره العراقي هوشيار زيباري، عقدا بعدها مؤتمرا صحافيا.

ولدى وصوله إلى بغداد أعلن ظريف أن «محادثاتنا في بغداد تتناول القضايا الثنائية والأوضاع والظروف الخطيرة بالمنطقة». وأضاف ظريف أن «تخصيصنا أول زيارة رسمية للخارج للبلد الصديق والشقيق العراق مؤشر لأهمية العلاقات مع الجيران، خصوصا العراق بالنسبة لإيران والحكومة الحالية برئاسة رئيس الجمهورية حسن روحاني». وبيّن وزير الخارجية الإيراني أن «القضايا الثنائية والظروف الخطيرة في المنطقة ستكون من ضمن القضايا التي سيتم بحثها مع المسؤولين العراقيين خلال الزيارة». من جهته أكد رئيس الوزراء العراقي خلال لقائه المسؤول الإيراني «على ضرورة تطوير العلاقات الثنائية في جميع المستويات بما يخدم مصلحة الشعبين الجارين ويعزز الأمن والاستقرار بالمنطقة»، داعيا إلى «المزيد من التعاون لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة، لا سيما موجات التطرف والإرهاب والتحريض الطائفي». وقال المالكي في بيان صدر عن مكتبه إن «الطائفية لا تقل خطورة عن السلاح الكيماوي»، مؤكدا «موقف العراق الداعي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية التي تزداد تعقيدا بسبب التدخلات الخارجية». وأضاف أن «إيجاد حل سياسي للأزمة السورية سيكون في مصلحة جميع الأطراف الداخلية والإقليمية».

في السياق نفسه أكدت مريم الريس، المستشارة للشؤون السياسية في مكتب المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أهم ما في زيارة وزير الخارجية الإيراني هو التأكيد على أهمية الموقف السلمي في سوريا وعموم المنطقة، لا سيما أن هناك شعورا لدى القيادة الإيرانية بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما غير راغب أصلا في الضربة، وهو ما يمكن استثماره على صعيد توحيد مواقف البلدين بهذا الاتجاه»، مشيرة إلى أن «ظريف أكد أن إيران لن تقدم على الإضرار بالعراق من خلال استهداف المصالح الأميركية في العراق خلال الضربة». وأكدت مستشارة المالكي أن «المسؤول الإيراني اعتبر أن الموقف العراقي حيال الأزمة السورية موقف مسؤول وبالتالي فإن إيران لن تمس سيادة العراق». وأوضحت أن «العراق يحتضن الآن أكثر من مائتي ألف لاجئ سوري ويمكن أن يزداد الرقم فيما لو حصلت الضربة وبالتالي فإنه معني بها من كل الجوانب». وأشارت إلى أن «هناك توافقا عراقيا داخليا حيال الضربة الأميركية ضد سوريا، وذلك من خلال الاتفاق الذي حصل بين رئيسي الوزراء والبرلمان أسامة النجيفي، وبالتالي فإن هذا التوافق الداخلي مقرونا بموقف إيراني مطمئن يعني أن الأمور ستكون تحت السيطرة».

وكان وزير الخارجية العراقي قد حذر من توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا لأنها ستؤثر على العراق ودول المنطقة من الناحية الأمنية والإنسانية. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني إنه «من خلال زيارتي إلى واشنطن وأوروبا وجدت أن هناك توجها من بعض الدول لضرب سوريا وهناك تريث أيضا». وأضاف: «نحن نعمل بكل ما بوسعنا للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية لأن توجيه ضربة إلى سوريا سيؤثر أمنيا وإنسانيا على العراق وباقي دول المنطقة».

أما وزير الخارجية الإيراني فقال في المؤتمر الصحافي إن «المنطقة تعيش ظروفا حساسة تتطلب التعاون بين جميع دول المنطقة وليس العراق وإيران فحسب، وعلينا أن نعمل للحيلولة دون وقوع حرب دامية في سوريا لأن انعكاساتها وتداعياتها ستشمل جميع دول المنطقة». ودعا «جميع الأطراف في النزاع السوري إلى اللجوء إلى طاولة الحوار والمحادثات لحل الأزمة وتجنب استخدام القوة من الأطراف الأخرى».

وكان رئيس البرلمان العراقي قد حذر، بدوره، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس من تداعيات الضربة الأميركية ضد سوريا على العراق، مشددا على ضرورة أن «يكون الخطاب السياسي العراقي موحدا لضمان عدم حدوث أي تداعيات داخلية في حال تعرض سوريا لضربة عسكرية».

وفي السياق ذاته أكدت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي أن «العراق ومن خلال وضوح موقفه حيال الأزمة السورية أثبت أنه ليس تابعا لأي محور من محاور الصراع في المنطقة، وأن كل ما يسعى إليه هو ضمان الوحدة الداخلية والتأكيد على ضرورة تحصينها ضد التحديات الخارجية». وقالت صفية السهيل، عضو اللجنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق من أكثر الدول المعنية بالأزمة السورية لحسابات كثيرة داخلية وإقليمية».