فهمي: محاسبة النظام السوري ضرورية لكن ضمن الأمم المتحدة

رفض اعتبار الضربة العسكرية مدخلا لتحريك العملية السياسية

TT

رغم اجتماعين مع وزيري خارجية الولايات المتحدة وفرنسا، وآخر جماعي ضم مجموعة من وزراء الخارجية العرب مع الوزير جون كيري، ورغم الضغوط التي تمارسها واشنطن وباريس لكسب التأييد العربي لموقفهما الداعي لتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، فإن وزير الخارجية المصري لم يغير خطابه ومواقفه وبقي متحفظا ورافضا للحل العسكري ولمن يروج لمبدأ أن الضربة العسكرية يمكن أن تفضي إلى الحل السياسي. وواظب الوزير المصري على الالتحاف بجلباب الشرعية العربية الممثلة في مجلس الجامعة وبما صدر عنها في الأيام الأخيرة رغم التطورات المتسارعة على صعيد الاتصالات الدولية وتوسع الدعم أوروبيا وعربيا لتوجيه لعمل عسكري ضد النظام السوري.

وفي لقاء مع مجموعة صحافية على هامش زيارته إلى باريس وبعد اجتماعه مع نظيره الفرنسي صباح أمس، شدد نبيل فهمي على موقف مصر الداعي إلى أن يكون استخدام القوة «آخر الاحتمالات» شرط أن يتم «من خلال آليات الأمم المتحدة وووفقا لميثاقها و(لمنطوق) القانون الدولي».

وقال فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن القاهرة تعتبر أن «المحاسبة ضرورية» وأن استخدام الأسلحة الكيماوية «أمر مرفوض». بيد أن الرد عليه يتعين أن يكون «ضمن المنظومة الدولية (التي تبقى) رغم كل عيوبها أفضل السبل المتاحة لدينا». وردا على واشنطن وباريس وعواصم أخرى كثيرة التي ترى أن مجلس الأمن معطل أو أنه، وفق المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، «رهينة» بيد روسيا، اعتبر فهمي أن «عجز منظمة الأمم المتحدة لا يعني التخلي عنها بالكامل». استخدم الوزير المصري حجة إضافية؛ إذ رأى أنه ليس من السليم رفض احترام قواعد الأمم المتحدة (في حالة سورية) «بينما نحن نطالب باحترامها في حالات كثيرة أخرى».

ورفض الوزير المصري المنطق الذي تدافع عنه فرنسا والولايات المتحدة الأميركية الذي تسوق له الإدارة الأميركية والحكومة الفرنسية، القائل إن الضربة العسكرية، إضافة لكونها «عقابا» للرئيس السوري لاستخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين في غوطتي دمشق الشرقية والغربية و«رادعا» سيمنعه في المستقبل من إعادة الكرة، فإنها ستسهل الوصول إلى الحل السياسي. وبحسب أصحاب المنطق المذكور، فإن تيقن الأسد من أنه لن يربح الحرب ميدانيا فسيدفعه ذلك للتوجه إلى طاولة المفاوضات وقبول تسوية. ويرد نبيل فهمي على ذلك بقوله إنه «فهم» أن منطق الضربة العسكرية هو «الرد على استخدام الكيماوي وليس تحريك الموقف السياسي». وفصل المسؤول المصري بين المسار السياسي الذي تؤيده مصر من جانب، والسلاح الكيماوي واستخدامه من جانب آخر.

وفي كل الجوانب المتعلقة بالملف السوري وكيفية معالجته، التزم الوزير المصري حرفيا بما صدر عن وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة حيث حملوا مسؤولية استخدام الكيماوي للنظام السوري ودعوا المجتمع الدولي والأمم المتحدة للاضطلاع بمسؤولياتهم، ولكن «وفق قواعد ميثاق المنظمة الدولية وقواعد القانون الدولي» الأمر الذي يعيد النقاش إلى المربع الأول.

ورفض نبيل فهمي التعليق مباشرة على بيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي دعا إلى «رد سريع» على استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي، الذي يتأهب للذهاب أبعد من ذلك في البيان المفترض صدوره اليوم عن اجتماع وزراء خارجية في السعودية. وقال فهمي إنه «ليس من الحكمة التعليق على أجزاء من بيان»، مفضلا التشديد على أن المحاسبة يجب أن تتم «في إطار القانون الدولي». ولم تنحصر مناقشات فهمي في باريس في الموضوع السوري؛ بل احتل الوضع في مصر وتطوراته جانبا مهما منها خصوصا أنها زيارته الأولى خارج العالم العربي وإلى فرنسا تحديدا التي بدت منذ إزاحة الرئيس السابق محمد مرسي في موقف «غامض» من التطورات الداخلية المصرية. بيد أن باريس عمدت إلى تعديل موقفها؛ إذ لم تعد تطالب على سبيل المثال بالإفراج عن مرسي وعن قادة الإخوان المسلمين الذين ألقوا في السجن، وهو ما خلا منه بيان وزارة الخارجية. وجاء في البيان المذكور أن فرنسا «أخذت علما بالتزام الحكومة المصرية تطبيق خارطة الطريق للانتقال السياسي» الذي هدفه «بناء دولة ديمقراطية تحمي الحريات وتوفر العدالة لجميع المصريين». وحثت باريس الحكومة المصرية على إتاحة التعبير لجميع المصريين و«قيام حوار يضم جميع الأطراف» من غير أن تذكر بالاسم حق الإسلاميين في المشاركة في الانتخابات المرتقبة بعد كتابة الدستور والتصديق عليه.