واشنطن: مسيرات دينية تتحدث عن التفاهم والتسامح بين الأديان

المركز الإسلامي يحيي ذكرى 11 سبتمبر

مدير فرقة «موزايك هارموني» القس ديفيد نورث يقود فرقته أمام المركز الإسلامي (واشنطن بوست)
TT

بمناسبة اقتراب ذكرى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2011، سير قادة دينيون في واشنطن موكبا مر بعدد من الكنائس والمعابد اليهودية والبوذية والهندوسية، وانتهى أمام المركز الإسلامي في واشنطن، حيث تحدث، وخطب، وأنشد، وصلى، قادة مختلف الأديان.

أمام المركز الإسلامي، أذن الأذان من ميكرفون المركز، وتحدث قسيس تابع لكنيسة المرمون في ملابس حديثة، وتحدث حاخام بملابس سوداء وذقن كثيف، وتحدث بوذي يرتدي لباسا أصفر اللون. ودخل عدد كبير من الذين اشتركوا في الموكب المركز الإسلامي، وقدم لهم مسلمون إرشادات عن الإسلام، وعن فن العمارة الإسلامية، وعن طقوس العبادة عند المسلمين.

وأمام المركز أنشدت فرقة «موزيك هارموني»، بقيادة القس ديفيد نورث. وفي النهاية أطلق يهودي صوت «شوفار» (بوق يهودي).

بدا الموكب، الذي يسمى «يونيتي ووك» (موكب الوحدة)، والذي سار على شارع ماساجوستس، من أكبر شوارع واشنطن، من كاتدرائية واشنطن الوطنية. وأمام معبد يهودي، قالت يهودية: «إذا اجتمع هذا الحشد في بلاد أخرى لتعارك الناس وأطلق الرصاص».

وقال وسيم، مهاجر من سوريا، وطلب عدم نشر اسمه بالكامل خوفا على عائلته في سوريا، إنه ما كان سيصدق وهو صبي في سوريا أنه سيدخل معبدا يهوديا ويحس بالأمن، ويصلى من أجل السلام، ومن أجل وقاية وطنه من شرور الحروب. وقال: «جئت إلى هذا البلد وعمري 18 سنة. وكان أمامي خياران: أستمر في الألم والكراهية، أو أنسى ما تعلمت عن الأعداء».

وفي المعبد تحدث إبراهيم رسول، سفير جنوب أفريقيا لدى الولايات المتحدة، ومن كبار المسؤولين المسلمين في جنوب أفريقيا. وأمام كنيسة «سنت سوفيا» الإغريقية اشترك البعض في تعبئة أكياس من البطاطس للفقراء في واشنطن. وأمام سفارة الفاتيكان أعدت مشروبات ومأكولات للمشتركين في الموكب. ولأول مرة فتحت السفارة أبوابها للمشتركين، وقال مسؤول فيها إن هذا يعبر عن عهد جديد تحت رعاية البابا فرانسيس. وشكرته مريم سيفي، التي تعمل في وزارة الخارجية الأميركية، وقالت: «لتكن سفارتكم مفتوحة للناس دائما. وحديقة سفارتكم جميلة جدا».

وأمام معبد «غودوارا» التابع لطائفة السيخ، شارك دينيس كروب، وزوجته ليتا كروب، المسيحيان في أكل أرز مطبوخ على طريقة السيخ، وحمص، ولبنة. وشاركتهما صبا أحمد، الطالبة في الجامعة الأميركية في واشنطن، والتي كانت تضع على رأسها غطاء رأس على الطريقة الإسلامية. وأثناء تناول الطعام قالت للذين حولها إن عمرها كان 16 سنة يوم وقعت الهجمات الإرهابية، وإن الناس بدأوا ينظرون إليها نظرات ريبة، ويبتعدون عنها. وبدأت هي تعلم نفسها أكثر عن دينها لشرحه للآخرين. ولتقول لهم إنها مسلمة لكنها ليست إرهابية.

وقالت إن عائلتها، بدلا عن الغضب والحزن، صارت تتعرف على جيرانهم غير المسلمين، وتدعوهم لزيارة منزلها، ولزيارة المسجد الذي تصلي فيه.

وقال دينيس كروب، خبير حشرات متقاعد كان عمل في برامج مساعدات أميركية خارجية، إنه عمل في مكافحة الحشرات مع إسرائيليين، وفلسطينيين، وأردنيين، ومصريين. وقال: «أخيرا وجدوا كلهم عدوا واحدا يكرهونه أكثر مما يكره بعضهم بعضا.. الحشرات».

ووقف رجل من طائفة السيخ ويرتدي عمامة السيخ التقليدية، ويرفع لافتة تقول: «اسألوني لماذا أرتدي هذه العمامة». وشكر مسيحي مرموني شخصا قدم له مشروب «كوكاكولا»، وقال له إن المرمون لا يشربون مشروبات فيها كافيين، مثل القهوة والكوكاكولا.

وقال جيم غاردنر، من طائفة «فرانسيسكان» المسيحية: «طبعا، كل واحد يؤمن بدينه لأنه يرى فيه قناعة أكثر من الأديان الأخرى. لكن لا يعنى هذا أن الآخرين مخطئون. لا بد من ترك معاداة الآخرين. نحن تركناها. أو هكذا أعتقد».

وهذه تاسع سنة تسير فيها هذه المسيرة. وفي مناسبات سابقة، حيا المشاركين القس الجنوب أفريقي الحائز على جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو. والإيرانية الحائزة على الجائزة نفسها شيرين عبادي. والإمام الدكتور عبد الله خوج مدير المركز الإسلامي في واشنطن، وحيّا الحضور: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، وشرح معنى العبارة. وشرح أركان الإسلام، وأركان الإيمان. وقال: «اجتماعنا اليوم في هذا المكان من أجل إرسال رسالة التسامح والتفاهم المشترك. ونحن نتشرف أن نكون جزءا من هذه المسيرة».

وخلال سنوات كثيرة، ظل خوج يقدم للأميركيين صورة الإسلام المتسامح، الداعي للحوار البناء. وظل المركز الإسلامي مفتوحا لمن يريد معرفة الإسلام والمسلمين. وبالنسبة للمسلمين، ظل المركز الإسلامي يقدم خدماته، وخاصة خلال شهر رمضان.

وقال خوج: «نحاول نشر المعرفة عن الإسلام والقرآن الكريم بالحكمة والموعظة الحسنة»، والمركز يستقبل عددا كبيرا من الأميركيين يوميا. ووزارة الخارجية الأميركية ترسل دبلوماسييها المسافرين للعمل في الدول الإسلامية إلى المركز للاستماع إلى شروح عن الإسلام والمسلمين».

يذكر أن المركز هو أقدم مسجد في العاصمة واشنطن. بدأ بناء المركز عام 1947، وافتتح عام 1952. ويدار بمجلس إدارة فيه سفراء الدول الإسلامية المعتمدون لدى الولايات المتحدة.