فشل إسطنبول في الحصول على استضافة الأولمبياد هزيمة لأردوغان

محللون يحملون سياستيه الداخلية والخارجية المسؤولية

TT

يشكل انتهاء الحلم الأولمبي بالنسبة إلى إسطنبول لاستضافة ألعاب 2020 تراجعا لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الساعي إلى نجاح سياسي من أجل تحسين صورته التي تشوهت بسبب سياسة داخلية مرفوضة والحرب في سوريا.

وبعد الإخفاقات الأربعة للمدينة التركية منذ عام 2000، كرس أردوغان، العمدة السابق لإسطنبول، وحكومته الإسلامية المحافظة جهودهما بشكل كبير من أجل انتزاع شرف تنظيم أولمبياد 2020 الذي كان يشكل أولوية بالنسبة إليهما.

واعتبر بروفسور العلوم السياسية في جامعة غلطة سراي في إسطنبول، جان فرنسوا بولو، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الألعاب الأولمبية تأتي ضمن استراتيجية السلطات التركية التي تبحث عن نجاح اقتصادي وسياسي»، مشيرا إلى أنهم «فهموا أن تنظيم الألعاب أو غيرها من الأحداث الرياضية الكبرى يشكل وسيلة لتطوير فعال جدا».

وكرر أردوغان قبل أشهر أن ساعة إسطنبول يجب أن تدق أخيرا، وبمنح التنظيم لدولة ذات غالبية مسلمة لأول مرة، توجه اللجنة الأولمبية الدولية إشارة إيجابية إلى العالم الإسلامي. وقال في هذا الاتجاه أيضا خلال مرافعته قبل التصويت السبت الماضي في بيونس آيرس على المدينة المنظمة «حصول إسطنبول على استضافة الألعاب سيكون رسالة قوية جدا إلى باقي العالم وأيضا إلى جيراننا الذين هم بحاجة إلى السلام» في إشارة إلى الاضطرابات التي تهز حاليا العالم العربي. لكن السلطات الأولمبية صمت آذانها تجاه هذا النداء إلى الانفتاح وفضلت القوة والتجربة اليابانيتين على مغامرة تركية.

ورد رئيس الوزراء التركي على الصحافة العالمية والعالم الأولمبي بعد فوز طوكيو «ليس هذا قدرنا»، ولم يستطع كظم كلماته على الطائرة التي عادت به إلى تركيا من العاصمة الأرجنتينية، وقال للصحافيين المرافقين له «لم يعاملونا بعدالة. إنهم في اتجاه قطع العلاقات مع عالم الإسلام و1.5 مليار مسلم».

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، رأى الكثير من المعلقين في الصحف التركية في هذه الهزيمة صفعة شخصية لأردوغان ولسياسته قبل أشهر من الانتخابات البلدية في مارس (آذار) المقبل. وقال دينيز زيريك مدير مكتب صحيفة «راديكال»: «كان أردوغان يأمل فعلا بجلب الألعاب إلى إسطنبول من أجل تلميع صورته التي اهتزت خلال مظاهرات جيزي وبسبب سياسته في (أزمة) سوريا».

وتعرض أردوغان لانتقادات شديدة في بلاده كما في الخارج بسبب قمع المظاهرات المناهضة لحكومته في حديقة غيزي، قلب الاحتجاجات في إسطنبول التي هزت تركيا في يونيو (حزيران).

كذلك أدت سياسته تجاه سوريا التي عدت «حربية» ودفاعه المنقطع النظير عن الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي المتحدر من جماعة الإخوان المسلمين إلى تلاشي تأثير تركيا في المنطقة.

واعتبر يوسف كانلي في صحيفة «حرييت» الناطقة باللغة الإنجليزية «إذا لجأت حكومة إلى استخدام مفرط للقوة ضد متظاهرين، يكون من الصعب عليها الحصول على دعم دولي في ملف كهذا».

ولام مراقبون آخرون الحكومة التركية لتركيزها على الحجة الدينية في الدفاع عن ترشيح إسطنبول، ورأى كاتب افتتاحية صحيفة «ترف» سميح ايديز «الفوز بتنظيم الألعاب لا يتم على اعتماد فكرة في العالم تقوم على الدين. بدا حزب العدالة والتنمية غير قادر على مواجهة التحديات في العالم المتحضر فلا هو فهم الغرب ولا فهم الشرق أيضا». واستبقت الحكومة تأثير أحداث يونيو على ملف الترشيح الأولمبي حتى قبل جلسة التصويت السبت الماضي، وقال وزير الشؤون الأوروبية ايغينم باغيش متهما المتظاهرين «إذا خسرت إسطنبول سيكون ذلك بسبب أخطائهم».

وكما أظهرت تدخلات الشرطة العنيفة في الأيام الماضية في أنقرة وإسطنبول، يبدو أن الحكومة لا تنوي تغيير سياستها تجاه المحتجين.