«العمال الكردستاني» يعلق سحب مقاتليه من تركيا ويؤكد التزامه بـ«الهدنة»

اتهم أردوغان بنكث وعوده بإجراء إصلاحات

TT

أعلنت قيادة حزب العمال الكردستاني بشكل رسمي أنها «أوقفت عملية انسحاب قواتها من داخل الأراضي التركية، بسبب عدم قيام الحكومة التركية بأي خطوات عملية لتحقيق السلام بتركيا»، لكنها أكدت تمسكها بوقف إطلاق النار، معتبرا ذلك فرصة إضافية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لكي يتقدم بخطوات للاستجابة لمبادرة زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان.

هذا الإعلان هو أول إعلان رسمي من قيادة جبل قنديل بوقف سحب المقاتلين الذي كان أحد متطلبات المرحلة الثانية لخارطة طريق السلام التي رسمها أوجلان، تمهد لمرحلة ثالثة، وهي وضع السلاح والانخراط في العمل السياسي العلني للحزب داخل تركيا.

وحسب بيان صدر عن القيادة المشتركة للحزب في جبل قنديل، وتلقت «الشرق الأوسط» نصه، فإنه «بسبب عدم استجابة الحكومة التركية لمتطلبات المرحلة الثانية من عملية السلام، وتراجعها عن حل القضية الكردية، نعلن وقف انسحاب مقاتلينا من داخل تركيا، فلم تستفد الحكومة التركية من قرارنا بوقف القتال، ولا بسحب قواتنا من داخل الأراضي التركية، بل اتخذت هذه العملية وسيلة لخداع قواتنا من خلال ملء مواقع المنسحبين بالجيش، وكذلك استخدام هذا الموضوع كورقة في الانتخابات المقبلة بتركيا، وعليه، فإننا نحمّل الحكومة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان كامل المسؤولية عن تداعي عملية السلام».

وقالت القيادة المشتركة: «لقد أعطينا الجانب التركي مزيدا من الفرص والوقت الكافي للاستجابة لمتطلبات مراحل السلام، لكنه أصر على تفويت جميع تلك الفرص، ولذلك أوقفنا عملية الانسحاب مع الإبقاء على قرارنا بوقف القتال لكي نعطي فرصة إضافية لحكومة أردوغان للنزوع نحو السلام في إطار مبادرة زعيمنا أوجلان، ونعتقد أنه لم تعد هناك أي معرقلات أمام الحكومة التركية لإظهار حسن نواياها للسلام».

وأشارت قيادة العمال الكردستاني إلى أن «الحكومة التركية استغلت ظروف وقف القتال للمضي قدما بإقامة المعسكرات وتعزيزها (...)، وكل ذلك أثبت أن الحكومة التركية لا تتجه نحو إنهاء الصراع وتحقيق السلام، بل إنها ماضية نحو الحرب والقتال، فمنذ تسعة أشهر أوقفنا القتال، ولكن الحكومة التركية لم تتقدم بخطوة واحدة نحو تحقيق مطالبنا الديمقراطية، ولم تطلق سراح المعتقلين والمسجونين من أنصار حزبنا، وما زالت جهودها لتعديل قانون الإرهاب تراوح مكانها، ولم تبادر بأي حوار مع الجهات التي تمثل الشعب الكردي في تركيا، وهذه أمور تثبت أن الدولة التركية لا تفكر بعقلية سليمة لحل القضية الكردية».

وختم البيان بالقول إن «مواقف حكومة العدالة والتنمية أفشلت جميع الجهود التي بذلتها قيادة حزبنا لتحقيق السلام، ولم يعد هناك أي معنى لمبادراتنا المستمرة، عليه، فإن هذه الحكومة ستتحمل جميع التداعيات الناجمة عن عدم تحقيق السلام بتركيا، وندعو جماهير الشعب والمنظمات المدنية والقوى السياسية إلى رفع أصواتها لإرغام حكومة العدالة والتنمية على الاستجابة لنداءات السلام وإنهاء هذا الصراع».

وبقراره هذا، نفذ الحزب ما سبق أن هدد الحكومة التركية الإسلامية المحافظة بفعله تكرارا، موقفا عملية انسحاب مقاتليه الـ2500 إلى قواعدهم الخلفية في كردستان العراق، التي انطلقت في مايو (أيار) الماضي.

وأدى استئناف عملية السلام الهشة في أواخر 2012 بين أنقرة وعبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يمضي عقوبة سجن مدى الحياة منذ 1999 في سجن إيمرالي (شمال غرب)، إلى إنعاش الآمال في إنهاء نزاع أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ انطلاق تمرد الحزب في عام 1984. وفي 21 مارس (آذار)، أعلن الزعيم التاريخي للحزب الكردي عن وقف إطلاق نار من طرف واحد، وبدأت قواته في مايو (أيار) عملية انسحاب واسعة النطاق إلى العراق. وجرى احترام الهدنة حتى الآن، باستثناء طلقات نار متفرقة بلا تبعات.

لكن منذ أشهر، بدأ الأكراد يتهمون بشكل علني أردوغان بنكث وعوده بإقرار إصلاحات. وفي يوليو (تموز) وجه جميل باييك، الذي عين على رأس الحزب في مطلع الصيف وتعتبره أنقرة متشددا، «إنذارا أخيرا» إلى الحكومة التركية، إن لم تتخذ إجراءات قبل الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي.

وفي أواخر الشهر الماضي، قال أحد رؤساء حزب السلام والديمقراطية (الكردي)، صلاح الدين دميرتاش، «إننا نواجه مشكلات خطيرة، لأن الحكومة تهدر كثيرا من الوقت». وبالفعل، فقد باتت المناقشات حول إصلاح الدستور التي كان يفترض أن تجيز إقرار بعض من الإصلاحات التي يطالب بها الأكراد، مشلولة اليوم بسبب الخصومة بين الأكثرية والمعارضة.