المعارضة تتأرجح بين رفض المبادرة الروسية واعتبارها مدخلا لتنحي الأسد

«الائتلاف» يصفها بـ«المناورة».. و«الحر» يراها «صفقة على حساب دماء السوريين»

TT

تأرجحت مواقف المعارضة السورية أمس إزاء دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف النظام السوري إلى وضع سلاحه الكيماوي تحت رقابة دولية وموافقة النظام عليها، بين اعتبارها «مناورة غير مجدية ستتسبب بقتل المزيد من أبناء الشعب السوري»، ووضعها في سياق سلسلة تنازلات بدأ الرئيس السوري بشار الأسد تقديمها للأسرة الدولية تمهيدا لمؤتمر السلام «جنيف 2» ووصولا إلى التنحي عن السلطة.

وأشار عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأمور فيما يخص المقترح الروسي ما زالت في مراحلها الأولى»، موضحا أن «هذا المقترح لن يجري اعتماده في مجلس الأمن تحت الفصل السابع إلا ضمن حزمة إجراءات تشمل محاسبة مرتكبي مجازر الغوطة بريف دمشق، إضافة إلى إجبار النظام على إيقاف جميع عمليات القتل التي يمارسها ضد الشعب السوري». ولفت رمضان إلى «وجوب مراعاة الدول الغربية التزاماتها حيال المعارضة السورية بعدم اجتزاء الملف السوري بمسألة السلاح الكيماوي فقط».

وفي حين عبر رمضان عن خشيته أن تفسر المبادرة الروسية على أنها رسالة خاطئة من المجتمع الدولي يترك بموجبها الأسد «ليرتكب المجازر بحق شعبه بالسلاح الثقيل بعد أن يكون قد نزع سلاحه الكيماوي»، توقع أن «يكون إذعان الرئيس السوري وموافقته على تسليم الكيماوي بداية تنازلات ستصل إلى مؤتمر (جنيف 2) فيسلم السلطة ضمن مدة زمنية محدودة من دون شروط».

وأكد رمضان أن «السلاح الكيماوي هو ظاهر النقاش، أما جوهره فهو انتقال السلطة وتنحي الرئيس السوري عبر اتفاقية جنيف 2».

من جانبه، وصف «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» دعوة لافروف بـ«المناورة السياسية التي تصب في باب المماطلة غير المجدية، والتي ستسبب مزيدا من الموت والدمار للشعب السوري، ومزيدا من التهديد لدول وشعوب المنطقة». وأكد الائتلاف الوطني في بيان أمس أن «مخالفة القانون الدولي تستوجب ردا دوليا حقيقيا ومتناسبا مع حجمها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسقط جرائم الحرب بالتقادم عن مرتكبيها، فالجرائم الجنائية ضد الإنسانية لا تسقط بتقديم تنازلات سياسية، أو بتسليم الأداة التي ارتكبت بها هذه الجرائم». واشترط للوصول إلى أي مفاوضات مجدية وقف آلة القتل التي يستخدمها النظام السوري.

في موازاة ذلك، رفض عضو الائتلاف الوطني المعارض، كمال اللبواني، المبادرة، واصفا إياها بـ«الساذجة»، حيث إن «النظام قادر على إخفاء كميات في سوريا والعراق ولبنان، بل صناعتها مرة أخرى»، وقال اللبواني: «لا يمكن قبول تدخل دولي فقط من أجل الكيماوي، ولا بد من قرار دولي متكامل في سحب السلاح وإحالة ملف المتورطين بدماء الشعب لمحكمة دولية». واعتبر رئيس المجلس الوطني السابق برهان غليون أن «المقترح الروسي مجرد (خدعة)»، مؤكدا أن الأسد لن يستطيع أن يهرب من مصيره المحتوم بخدعة التخلي عن الأسلحة الكيماوية.

وأوضح غليون على صفحته الرسمية في موقع «فيس بوك» أن «العقاب الذي وعد به المجتمع الدولي لم يكن لامتلاك هذه الأسلحة، والدليل أنها موجودة منذ عقود من دون أي رد فعل دولي»، مضيفا أن «التهديد بالعقاب جاء على جريمة أخرى، أعظم، هي استخدام هذا السلاح».

ويأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم من موسكو موافقة بلاده على مقترح روسي ينص على وضع مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية تحت مراقبة دولية، ثم التخلص منها.

وبالتزامن مع المواقف السياسية للمعارضة، أعلن العقيد قاسم سعد الدين، المتحدث باسم مجلس القيادة العسكرية العليا لقوات المعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط» أن «إنجاز تسوية أو صفقة بين الروس والأميركيين حول سلاح النظام الكيماوي ستحصل على حساب دماء الشعب السوري وتضحياته». وشدد على أن «كل ما يهم الغرب هو أمن إسرائيل ونزع السلاح الذي يهددها، أما 100 ألف قتيل سوري فهم ليسوا على رأس أولويات العالم». وأكد سعد الدين أن «النظام لن يقوم بتفكيك سلاحه الكيماوي، على العكس سيراوغ ويكذب كالعادة».

وكان رئيس أركان «الجيش السوري الحر» اللواء سليم إدريس، اتهم كلا من النظام السوري وروسيا بـ«الكذب» و«الخداع» فيما يتعلق بمبادرة إخضاع دمشق أسلحتها الكيميائية للرقابة الدولية.

وقال إدريس إنه لا يثق في نظام الأسد الذي يسعى لكسب الوقت وإقناع العالم بالتراجع عن توجيه ضربة عسكرية ضده، بعد تكاثر عدد الدول المؤيدة لهذه الضربة. وحذر إدريس الأميركيين «من الوقوع في شرك الخديعة والتضليل والتراجع عن توجيه ضربة للنظام الذي قتل الآلاف»، بحسب تعبيره.