التطورات السورية تجمد أعمال تشكيل الحكومة اللبنانية

«14 آذار» تتهم حزب الله بالعرقلة

سوريات مسيحيات ينتحبن خلال جنازة ثلاثة من أقاربهن في دمشق أمس قتلوا في أحداث معلولة (أ.ف.ب)
TT

ضاعفت المتغيرات في سوريا من العراقيل التي تحول دون تشكيل حكومة لبنانية جديدة، بعد خمسة أشهر على تكليف رئيس الحكومة تمام سلام، وسط اتهامات متبادلة بين فريقي «8 آذار» و «14 آذار» بأنهما يعولان على المستجدات السورية لتقديم تنازلات في شروطهما التي تعرقل التأليف، في وقت أعلن عضو الكتائب النائب إيلي ماروني أن الخلاف انتقل إلى البيان الوزاري، بعد وصول الجميع إلى قناعة بأنه إذا كان هناك من حكومة جامعة، فسيكون حزب الله ممثلا فيها.

ولم يفتتح هذا الأسبوع على أي تطور من شأنه أن يبشر بتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، على الرغم من أن الأسبوع الماضي أقفله الرئيس سلام على لقاء مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وإجرائه اتصالات مع الأفرقاء السياسيين في البلاد. وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»: «لا تطور جديدا على صعيد التأليف»، مؤكدة أن الرئيس سلام «يواصل اتصالاته مع الأفرقاء السياسيين لحلحلة العقد التي تحول دون تشكيل الحكومة».

لكن هذه العقد، كبيرة ومتشعبة بين الوضع الداخلي والمستجدات الإقليمية التي تنفي المصادر نفسها أن يكون الرئيس سلام ينتظرها، مؤكدة أن سلام «لا يربط بين المتغيرات الإقليمية، والسورية تحديدا، وبين تشكيل الحكومة»، مشددة على أنه «يواصل إجراء الاتصالات لتذليل العقبات».

وتحول العقبات الداخلية أيضا دون تأليف الحكومة، وسط إصرار فريق الثامن من آذار (المتحالف مع إيران وسوريا) على تمثيل كل القوى السياسية في الحكومة، ومن ضمنها حزب الله الذي ترفض قوى «14 آذار» مشاركته، وقدم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عرضا له، عبارة عن تنازل تيار المستقبل عن ترشيح محازبيه في الحكومة، مقابل عدم توزير محازبين من حزب الله. ويعد هذا الشرط، من أبرز العراقيل، كما تقول مصادر مواكبة للتأليف، مشيرة إلى أن «الشروط والشروط المضادة، تحول دون تشكيل الحكومة وتجمد الخطوات الآيلة لتأليفها». ويصر الرئيس المكلف تشكيل الحكومة على ثلاثة مبادئ لتأليف حكومته، هي عدم توزير محازبين ورفض الأسماء الاستفزازية في الحكومة، فضلا عن تقسيم الحصص على قاعدة 8+8+8، وهي الحصص المقسمة بالتوازي بين 8 و14 آذار والوسطيين.

وفيما ينشغل اللبنانيون بالتطورات السورية، وسط تحفظ حزب الله عن الإدلاء بأي تصريح بشأن الضربة المحتملة على سوريا، برزت معطيات جديدة، أعلنها عضو كتلة الكتائب النائب إيلي ماروني، الذي كشف أنه «بات جميع الأفرقاء على قناعة أنه إذا كان هناك من حكومة جامعة فيجب أن يكون حزب الله مشاركا فيها»، لافتا في حديث لوكالة «أخبار اليوم» إلى أن «الخلاف بقي بشأن البيان الوزاري، لأن الفرقاء الموقعين على إعلان بعبدا مختلفين على معادلة الشعب والجيش والمقاومة، كذلك بالنسبة إلى الثلث المعطل لوضع رقبة الحكومة تحت سيف الثلث المعطل الذي يملكه فريق معين».

ويتفق ماروني مع مسؤولين آخرين، أنه «انطلاقا مما يجري في سوريا، فإن الجميع منشغلون بالوضع المتأزم ولا يوجد أي أفق لإمكانية تشكيل حكومة في المدى المنظور لأن كل فريق ما زال متمسكا بارتباطاته الإقليمية ومواقفه التي لا تتبدل ولا تتعدل».

وتنسحب تقديرات ماروني على تيار المستقبل، إذ أكد النائب خضر حبيب أن «هناك استحالة في تأليف الحكومة»، لافتا إلى أن «الاتصالات عادت إلى المربع الأول وبالتالي فإن المشاورات قد توقفت بالتزامن مع التطورات المتسارعة». واتهم حبيب قوى «8 آذار»، وفي مقدمها حزب الله، برفض صيغة 8 + 8 + 8 «لأنه يريد أن يسيطر على لبنان سياسيا وميدانيا»، داعيا إلى «حكومة وحدة وطنية جامعة لتأمين شبكة أمان سياسية تنسجم مع سياسة النأي بالنفس إذا ما تم توجيه ضربة ضد النظام السوري». وإزاء تجميد البحث بتشكيل الحكومة، دعا وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شكيب قرطباوي الأفرقاء السياسيين إلى «التحلي بالواقعية في ظل الوضع الصعب والمضطرب الذي نعيشه اليوم من أجل تسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة تمام سلام والعمل على تأليف حكومة جامعة لكل اللبنانيين نجلس من خلالها إلى الطاولة لحماية البلد في هذه الظروف الصعبة».